نرمين حبوش/ غزة
الأسرة هي النواة التي يترعرع فيها الطفل، ويفتح عينيه في أحضانها حتى يشب ويتمكن من الاعتماد على نفسه. ولكننا نلاحظ العديد من الأساليب الخاطئة في تربية الأبناء، التي يمكن أن نرجعها إلى عدة عوامل تؤثر فيها، وإلى جهل الأهل بآثارها السلبية على الأبناء مستقبلا.
يوضح أحمد عوض؛ اختصاصي نفسي، أن اليافعين يتعرضون لسوء معاملة أهاليهم والبيئة التي يعيشون فيها؛ لعدة عوامل اجتماعية وثقافية وبيئية، منها الفقر، وكثرة الأبناء، والضغوط النفسية. ولكن هناك عوامل ترتبط بالوالدين؛ منها قلة الخبرة وعدم اكتساب المهارات في التعامل، واختلاف والاضطرابات الزوجية، والانفصال.
وهناك عوامل أخرى ترتبط بالأبناء؛ كونهم من فرط الحركة، والتهور والانقياد، ولا يستجيبون لرغبات الوالدين. وجميع هذه العوامل قد تؤدي إلى مخاطر مجتمعية، مما يوجب على الأهالي محاولة تصحيح أساليبهم للوصول إلى أفضل طريقة للتعامل مع أبنائهم.
هناك العديد من الأخطاء الشائعة التي تتعلق بتربية الأبناء، تقع أحيانا عن جهل وغفلة، وأحيانا أخرى عن عمد وإصرار. ويشير عوض إلى أن منها محاولة فرض السيطرة على الأبناء، وتحقيرهم وتعنيفهم لأي خطأ يقعون فيه، والسخرية من أحاديثهم، وتوبيخهم أمام الآخرين، والدال الزائد، وما يصاحب ذلك من حماية مفرطة، أو الإهمال؛ الانشغال الوالدين بأعمال خارج المنزل، وتفضيل بعض الأولاد على بعض؛ سواء في العطاء أم المعاملة أم المحبة، وتذبذب المعاملة بين العقاب والثواب، واستخدام العبارات الجارحة التي تسبب للأبناء الما نفسيا.
ويرى عوض أن السلوكيات الخاطئة في التربية تؤثر على الأبناء؛ فتعودهم على عدم تحمل المسؤولية واستمرار الاعتماد على غيرهم، وتنمي فيهم نزعات الأنانية وحب التملك، وعدم الثقة بالنفس، وصعوبة تكوين شخصية مستقلة يمكنها أن تعبر عن نفسها، والانطواء، أو الانزواء، أو الانسحاب من معترك الحياة الاجتماعية، وصعوبة التمييز بين الصحيح والخاطئ، وقد يصل الأمر إلى ضعف الولاء للأسرة.
ويقترح عوض مجموعة إرشادات يمكن أن تمثل إطارا ناجحا للتربية، منها تقدم القدوة السلوكية بدلا من النصح المباشر، وإشعار الأبناء بالثقة. وإذا أصر أحدهم على أمر غير متاح، فيمكن إقناعه بالبدائل، وتحبيبه فيها، واحترام تفكير الأبناء وعقولهم حسب أعمارهم، وعدم إجبارهم على التفكير كالكبار، وتنمية قدرتهم على الاختيار والاقتراح، مع الحذر من أن يستخدم هذا الحق في غير مكانه. وعدم استخدام الضرب، واستنفاد جميع وسائل الإقناع، والتفاعل النفسي، والحوار؛ لأن الضرب يؤدي إلى نتائج سلبية، والعنف يولد عنفا مضادا.
وينوه عوض إلى أهمية قيام الأكاديميين والمعلمين في مؤسسات التعليم كافة مسؤولياتهم عن توعية المجتمع بأخطار العنف الأسري، وما يجنيه أفراد الأسرة والمجتمع من أضرار بسبب السلوكيات الخاطئة التي تفتك بالأسرة أولا، ويطال شررها المجتمع.