أمثال شعبية مستحدثة لمواجهة كورونا

2020-10-05 06:13:47

 رفيف اسليم/غزة

لطالما جلست بجوار جدتك تستمع لأحاديثها الجميلة وتطلب منها إعادة ذلك القول الغريب على مسمعك مراراً وتكراراً، ثم تطالبها بتفسير معناه كي تستطيع حفظه، فيما تكرر هي كلماتها بسعادة كبيرة لأن أحفادها سينقلون تراثها المتمثل بالمثل الشعبي، ويطول الحديث معها لتأخذك من مثل لآخر مفسرة كلاً منهم على حدة، لكن هل فكرت يوماً أنك من الممكن أن تصبح أنت مصدر تلك الأمثال الشعبية بل وتقوم بتداولها ليرددها أكبر عدد ممكن من الناس هذا ما سنتعرف عليه في هذا المقال.

لكن دعنا نتعرف أولاً عزيزي القارئ على معنى المثل الشعبي، فبالعودة لبعض كتب التراث الفلسطيني يذكر أن ضرب المثل من أكثر أساليب التعبير الشعبية انتشاراً وشيوعاً كما أنه لا تخلو منا أية ثقافة، لأنه يعكس مشاعر الشعوب على اختلاف طبقاتها وانتمائها، ويجسد أفكارها وتصوراتها وعاداتها وتقاليدها ومعتقداتها، لذلك تعتبر الأمثال الشعبية عصارة حكمة الشعوب وذاكرتها وتتسم بسرعة انتشارها وتداولها من جيل إلى آخر، ومن لغة لأخرى عبر الأزمنة والأمكنة، بالإضافة إلى إيجاز نصها وجمال لفظها وكثافة معانيها.

كما أن القاموس الفلسطيني يعج بالعديد من الأمثال الشعبية ذات الدلالات المختلفة مثل "الباب اللي يجيك منه الريح سدو وأستريح"؛ أي البعد عن المشاكل وتلاشى الصدمات والخطر، و"الحر كرامته رأس ماله"؛ في دلالة على أهمية الكرامة التي تعزز من مكانة صاحبها وسط المحيطين به، و"كلنا أولاد تسعة"؛ أي إن البشر جميعهم متساوين لا فرق بينهم فجميعهم خلقوا من تراب، جميع تلك الأمثال قد تكون سمعت بها من لكن هل سمعت بمثل "محجور دهر ولا مكورن شهر" من جدتك سابقاً.

أمثال كرونا تختلف بين مؤيد ومعارض

تقول الشابة علا الدحدوح بعد أن قرأت تلك الرسالة الواردة على هاتفها الذكي "محجور دهر ولا مكورن شهر" أن أمثال كورونا تختلف عن سابقتها مشيرة أن بعد انتشار جائحة كورونا تداول نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي العديد من الأمثال التي تعبر عن تجربة صعبة ومختلفة في ذات الوقت يخوضها الغزيون بعد انتهاء غالبية الدول منها وفرض حالة للتعايش مع الفايروس وإلغاء الحجر الصحي.

وتبدي علا إعجابها بتلك الأمثال وهي تردد "يا ماشي على رجليك ما بتعرف مين بعطس حواليك"، بعد أن تلقت العديد الرسائل على جميع حسابتها عبر مواقع التواصل الاجتماعي تقريباً، مشيرة أنها لم تكن تعرف بالبداية أنها أمثال شعبية مستحدثة لتخفيف من وطأة انتشار الفايروس في يوم وليلة على نفسية الأهل والأصدقاء، خاصة في ظل النقص الذي يعاني منه قطاع غزة على صعيدي الكادر والمستلزمات الطبية.

 

فيما استنكر سامي عابد ما تداول تلك الأمثال من قبل مجموعة من الشبان، فيقول إنه اعتاد على سماع المثل الشعبي من جدته أما تلك الأقاويل التي تخص وباء كورونا تحمل بين كلماتها الكثير من الاستهتار والسخرية، متمنياً من نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي بتقديم المعلومات المفيدة الخاصة بهذا الفيروس كأساليب الوقاية منه، الأطعمة والمشروبات التي تقوي المناعة، وطرق ارتداء الكمامات الطبية بشكل صحيح، ومنع السلام باليد منع باتاً، التزام الحجر المنزلي في ظل تزايد الإصابات في مناطق مختلفة من القطاع.

عودة لأصل الحكاية

تعلق الجدة التسعينية أم أديب حسنين أنه بالسابق كانت الأمثال الشعبية تروى موافقة مع حدث أو مشكلة أو تجربة مر بها الشخص وكانت مربوطة أيضاً بالتراث الفلسطيني ومفرداته الأصيلة، مشيرة أنها كانت تجالس كبار السن في شبابها لسماع أحاديثهم التي غالباً ما ترتبط بالأمثال الشعبية مثل "اجري جري الوحوش وغير رزقك ما بتحوش"، "انا وأخوي على ابن عمي وانا وابن عمي عالغريب"، "الي بايدو مش إله" معبرة عن جمال تلك الأمثال ومناسبتها للكثير من الحالات حتى يومنا الحاضر.

وتكمل الجدة حسنين أن بساطة تلك الأمثال الشعبية القديمة تعبر عن الواقع الذي عايشه الناس قديماً فلم تكن الحياة بالتعقيد التي هي عليه اليوم، مضيفة أن لكل مثل شعبي قديم قصة معينة يمكن معرفتها عند الرجوع للكتب القديمة التي دونت غالبية تلك القصص، مشيرة أنه فيما يخص أمثال كورنا الحالية فإن حياة الإنسان الثمينة وتجربته الصعبة مع المرض هي التي جعلت الناس تلجأ لاستحدث تلك الأمثال وتداولها لتحذير من خطره.

ويرى الدكتور محمد البوجي أستاذ الأدب العربي وصاحب موسوعة نفحات جذور شعبية في التراث الفلسطيني: "إن الأمثال الشعبية تقال للتعبير عن واقع الناس أو لسلوك وحاجة معينة يرغبون بالوصول لها وهذا ما حدث معهم بخصوص أمثال كورونا المستحدثة وذلك مشابها أيضاً لما حدث في بداية القرن العشرين حيث وجدت الكثير من تلك الأمثال بعد انتشار مرضي الكوليرا والطاعون، لافتا أنه ليس هناك قواعد معينة لنطلق على العبارة مصطلح مثل الشعبي سوى تداوله على ألسنة الناس وهذا ما حدث مع أمثال كورونا بالفعل مع الكثيرين".

مصدر الصورة: الإنترنت

اخترنا لكم
عماد ابو الفتوح عندما عرفت أن الرواية القا...
سلمى أمين هل تمنّيت يومًا أن تتحدّث أكثر م...
 هند الجندي ينظر معظم الناس للأذكياء...
لينا العطّار/  اخترنا لكم من اراجيك...
بقلم: تركي المالكي الحياة مليئة بالجمال وا...
اخترنا لكم هدى قضاض- اراجيك  يعد ا...
منوعات
نغم كراجه/غزة يواجه الشباب صعوبة في إيجاد...
رغد السقا/غزة يمر ذوي الإعاقة بظروف نفسية...
سها سكر/غزة "لا تحسَبِ المجدَ تمرًا أ...
نغم كراجة/غزة "أمي لم تفِ بوعدها، أخب...
إسراء صلاح/غزة هنا غزة المدينة المنكوب...
عرين سنقرط/القدس ربما قطار الفرح في مدينتي...