أمي حديدية... نحن عطرها وقلبها من ذهب وإصرارها من حديد!

2018-09-06 07:16:58

براء علان/ جامعة بيرزيت،

في أحد الأيام ودون سابق إنذار؛ سمعت أمي صوت سيارة اصطدمت بجسم ما، نظرت إليها فإذا هي تقول: "عماد... عماد"، هل قلبها اخبرها أم هو الإحساس، بعد دقائق وصلنا اتصال هاتفي وإذا بشخص يقول: "أثناء مرور والدي في طريق يشهد مواجهات بين الشبان وقوات الاحتلال؛ أصابت صدره رصاصة طائشة، لم يخبر المتصل والدتي أن والدي وصل المستشفى وقد انتقلت روحه إلى بارئها، وقال" "هو جيد وهو الآن في العناية المركزة، كنا نعيش في الطابق العلوي من بيت جدي الذي يفصلنا عنه درج صغير، بدأت الناس تتهافت علينا، ولم نكن نعرف ما الذي حصل ولماذا يأتون إلينا أفرادا ومجموعات.

اتصل جدي من طرف الأم وأخبر أمي أنه قادم من الخليل إلى رام الله، ولم يخبرها هو الأخر، لحظات وإذا بخالة أمي بيننا وتردد "الله يرحمه"، وفي مشهد يقطر القلب دما وبعد صمت قصير قالت أمي موجهة الحديث لخالتها: "إيش حكيتي"، وغابت عن الوعي، ومع مرور الأيام استوعبت ما حدث وتجاوزته.

كان والدي قد ترك بعضا من المال في البنك، ومع مرور الأيام احتاجت والدتي للمال، فذهبت لسحبه من البنك لتفاجأ أن جدي من طرف الأب سحب كامل المبلغ! وحاولت التحدث إليه بالحسنى لإرجاع المال لكنه رفض، وعندما أخبرت المحامي أشار إليها برفع قضيه تحت بند "أكل مال اليتامى"، لكنها لم تقبل لاعتبارات اجتماعية كون المدعى عليه سيكون والد زوجها، وفكرت في حل أخر وهو بيع مصاغها الذهبي، بما في ذلك المحبس والهدف شراء بيت يبعدها عن أجواء المشاحنات والمشاكل، وقامت بجمع ما له من ديون؛ فتمكنت أخيرا من شراء المنزل وبدأت تبحث عن وظيفة براتب شهري ولو بسيط تعيل به "اليتامى"، وبعد جهد حصلت على عمل مؤقت وهو مراسلة أو فراشة.

وأثناء عملها أحست بتعب شديد في أحد الأيام، فذهبنا إلى الطبيب حيث قال أنها تحتاج إلى عملية جراحية مستعجلة لوجود ٣ "ديسكات" في ظهرها وفقرات العمود الفقاري "هشة"، لكنها لم تقبل بإجراء العملية، وتزامن هذا مع انتهاء فترة عملها وبدأت تبحث عن عمل جديد، فوجدت عمل بنفس المواصفات في مكان أخر. لكنها كانت تحلم بعمل أفضل؛ وهذا كان محركا لها فثابرت واجتهدت وبدأت بأخذ دورة تعلمت من خلالها مهارة إدخال البيانات، وتطورت إلى أن فتحت مكتب خاص ولا زالت تعمل على تطوير قدراتها لاسيما  أنها المعيل الوحيد للأسرى المكونة من خمسة أفراد، وتتعامل بأعلى درجات المسؤولية، وهي مصدر فخرنا خصوصا عندما يقولون لي أنني أتشابه معها في الإصرار والرغبة في النجاح الذي يحتاج وقتا وجهدا وعزم.

 

-صورة تعبيرية من الإنترنت.

اخترنا لكم
عماد ابو الفتوح عندما عرفت أن الرواية القا...
سلمى أمين هل تمنّيت يومًا أن تتحدّث أكثر م...
 هند الجندي ينظر معظم الناس للأذكياء...
لينا العطّار/  اخترنا لكم من اراجيك...
بقلم: تركي المالكي الحياة مليئة بالجمال وا...
اخترنا لكم هدى قضاض- اراجيك  يعد ا...
منوعات
نغم كراجه/غزة يواجه الشباب صعوبة في إيجاد...
رغد السقا/غزة يمر ذوي الإعاقة بظروف نفسية...
سها سكر/غزة "لا تحسَبِ المجدَ تمرًا أ...
نغم كراجة/غزة "أمي لم تفِ بوعدها، أخب...
إسراء صلاح/غزة هنا غزة المدينة المنكوب...
عرين سنقرط/القدس ربما قطار الفرح في مدينتي...