حاتم أبوزيد
طوفان بشري في لندن، سيل من الجماهير في نيويورك، أعلام فلسطينية ترفرف في شوارع برلين، هتافات "فلسطين حرة" في ايرلندا، مسيرات عارمة في الكويت، الأردن، اليمن، العراق، إسطنبول وجنوب أفريقيا وغيرها من البلدان التي اتخذت حكوماتها وشعوبها مواقف منددة بما يجري من غزة، لا سيما دولا في أمريكيا اللاتينية وإسبانيا وغيرها.
ما سبق هو تلخيص للمشهد العام العالمي، وحالة الرفض للانتهاكات بحق المدنيين العزل في قطاع غزة والتي بدأت بعد السابع من أكتوبر الماضي وما شهده من أحداث في المستوطنات الإسرائيلية المقامة على حدود قطاع غزة.
ورغم اختلاف المواقف الرسمية عن الشعبية في دول العالم إلا أن مشاهد المظاهرات تشير إلى عودة القضية الفلسطينية لتصدر المشهد العالمي، باعتبارها قضية عادلة، وهي اخر قضية احتلال في العالم، ولعل الاستهداف المباشر للأطفال والنساء العزل هي ما زادت حجم التعاطف، وقد مثل يزن المصري (عامان)، وإسماعيل الطناني (6 أعوام)، وإبراهيم حسنين (11 عاما)، وآلاف من الأطفال الشهداء بوصلة تلك الشوارع ومداخل الجامعات التي سجل طلبتها قوائم بأسماء الضحايا الأبرياء... كلهم أبرياء.
إيرلندا واسكتلندا تتصدران مشاهد التضامن..
إيرلندا واسكتلندا تتضامنان مع فلسطين، شعوبا وحكومات، فمنذ انضمامها للاتحاد الأوروبي عام 1973 تبدي الحكومات الأيرلندية المتعاقبة دعمها للقضية الفلسطينية، وهي أول عضو أوروبي نادى بقيام دولة فلسطينية في فبراير/شباط من العام 1980، وهو امتداد لسياقات تاريخية رافضة للاستعمار بدأت عام 1947؛ وفق الكتاب والمتابعين.
"الكبار يموتون والصغار ينسون"
راهنت السياسة الإسرائيلية عبر عقود من الزمن على خلق واقع جديد وفرضه على القضية الفلسطينية، لكن بات واضحا أن هذه السياسة لم تنجح، وبقي الشعب الفلسطيني يكافح لنيل حريته بالعديد من الوسائل التي أيدتها قرارات الأمم المتحدة المتعاقبة لا سيما في الميدان السياسي والتفاوضي الذي لم يثمر حتى اللحظة، ولم تسمح إسرائيل بإقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود الرابع من حزيران عام 1967، كما لم يضغط رعاة السلام على إسرائيل لإنجاز هذا المشروع الذي يشير مراقبون إلى تضاؤل فرصه بالمقارنة بما يحدث على الأرض.
التشويه والتحريف وقلب الحقائق...
تحاول ماكنة الدعاية الإسرائيلية الترويج لرواية تظهر الفلسطينيين على أنهم "إرهابيين"، ويعتدون على النساء والأطفال، و"حيوانات" بشرية كما تكرر على لسان ساسة إسرائيل وقادة الرأي فيها لا سيما وزير الجيش الذي أمر بقطع الماء والكهرباء والطعام والوقود عن غزة في مؤتمر صحفي تناقلته معظم وسائل الإعلام الفاعلة في العالم وهي نفسها التي نشرت الرواية الإسرائيلية باستهداف المستشفى المعمداني من قبل أطراف فلسطينية، وقبلها إنكار إسرائيل لاستهداف الصحفية شيرين أبو عاقلة خلال تغطيتها للأحداث في جنين بداية العام الماضي، وللحقيقة فإن هذه الوسائل اعتذرت بسب نشر هذه الروايات، وفي أحيان أخرى قدم بعض العاملين فيها استقالاتهم احتجاجا على شكل التغطية.