سجود شخصة/غزة
لكل حكاية بداية، والفنانة التشكيلية تيماء سلامة بدأت حكايتها بالفن منذ صغرها بتشكيل أول رسوماتها بأدوات بسيطة كانت تجمعها من مصروفها اليومي لمشاهد خيالية من ذاكرتها تجسد بها البيئة الواقعية.
أبدعت وتألقت بفنون الرسم المختلفة، إلى أن شبت وشب معها إحساسها بالفن لتتمكن وتتميز برسم لوحات فنية خاصة تحاكي مشاعر المكفوفين لتذوق الفن التشكيلي والإحساس به، كونهم الفئة المحرومة من هذا الفن في المجتمع.
الفنانة تيماء سلامة (23 عاماً)، خريجة الفنون الجميلة من جامعة الأقصى، لاقت دعماً وتأييدا من عائلتها التي تعتبر الدافع الأول لتنمية موهبتها كون والدها يعمل فنان كاريكاتير، ناهيك عن دعم ومساندة المعلمات لها نتيجة تميزها بالرسم عن غيرها.
ولم يكن سوء الوضع الاقتصادي في غزة وغلاء أسعار لوحات الرسم وقلة توافرها عائقاً أمام موهبة تيماء، فقد دفعها هذا التحدي وكذلك حبها لتصميم الأزياء والاكسسوار إلى البدء بالنحت البارز او ما يسمى ب"فن الريليف" أو النحت البارز؛ لتلامس فئة المكفوفين وتمكنهم من تذوق الفن التشكيلي والإحساس به.
وأوضحت تيماء أن "فن الريليف" هو نوع من النحت يعطي انطباعا بأن المنحوتة جُسّمت فوق سطح الخلفية، أي النقش على سطح مستوي أو حجر أو خشبًا تاركة أجزاء بارزة غير منحوتة، فاستطاعت من خلاله أن تمنح المكفوفين فرصة لتذوق الفن التشكيلي وملامسة عالم جديد فقد حولت العالم المسموع إلى عالم مجسد ومحسوس.
بدأت بتشكيل أول لوحة ملموسة من "فن الريليف" منذ عام والتي جسدت بها طفل فلسطيني باستخدام "قطع فنية خزفية"، مستخدمة أدوات النحت الخاصة والطينة الهوائية والعديد من الخامات ك "القماش، الشبك، الكرتون، الخيوط، الخرز" وغيرها من الأدوات التي تساعد في جعل اللوحة بارزة ملموسة لتناسب فئة المكفوفين.
وفي حوارها مع المكفوفين وبعد ملامستهم لأول لوحة فنية قالت: "كانوا سعداء جدا بأن هناك شخص التفت لهم واستمتعوا باللوحات وكأنها أخدتهم إلى عالم آخر وأتاحت لهم فرصة تذوق عناصر جديدة من الطبيعة هي بعيدة عنهم".
واجهت تيماء صعوبات في مسيرتها الفنية كالتكلفة العالية لأدوات الرسم والنحت والجودة القليلة، والوقت الطويل الذي تستغرقه اللوحات المنحوتة الخاصة بالمكفوفين، إضافة لصعوبة مشاركة اللوحات خارج القطاع نتيجة الحصار المفروض منذ أكثر من 11 عاماً، وعدم توافر الخامات الخاصة بالنحت ما يدفعها للبحث عن البدائل كاستخدامها للطينة الهوائية بدلا من طينة الصلصال لعدم توافرها بالقطاع.
كما وشاركت تيماء في العديد من المعارض والمسابقات المحلية لتصل بإبداعها وموهبتها للجميع، حيث شاركت بالمعرض الخاص بجامعتها "ابداعات طريقنا" عام 2017 ولاقت اعجاباً وإقبالاً من الجمهور على رسوماتها، ليكن نقطة الانطلاق للمشاركة بمعارض أخرى كان آخرها معرض "معا نحلق عالياً"، كما وتأهلت لوحته التي حملت عنوان "العائلة الفلسطينية" للمرحلة النهائية في مسابقة جائزة إسماعيل شموط للفنون التشكيلية عام 2020 والتي نظمتها كلية دار الكلمة الجامعية للفنون والثقافة ليتم عرضها بمزاد البيع في بيت لحم.
تطمح تيماء للوصول بموهبتها إلى جميع أفراد المجتمع ومختلف الأعمار كما وتسعى لوصول لوحاتها خارج البلاد لتثبت أن الحياة في غزة ليست عائق أمام الإبداع والتميز بالمواهب.