دنيس حسنين/ غزة
وهل من تطربه أنغام العود يبدأ بحاسة السمع أم يلتفت بنظره ليرى من يعزف؟!
بدأت رحلة الغزية ريم عنبر مع الموسيقى منذ كانت في الثامنة من عمرها، حين اكتشفت معلمة الموسيقى بالمدرسة موهبتها في العزف على آلة الأورج في احد الاختبارات، ثم سطع نجمها بين جمهورها المدرسي عندما حصلت على المركز الأول في مسابقات وزارة التربية والتعليم العالي لمدارس الابتدائية بالعزف.
آلة الكبار
تقول ريم: "لاحظت عزوفا لدى الفتيات عن تعلم العزف على العود، لاعتقادهن بأنه آلة ترتبط بالرجال، خاصة الكبار منهم"، وتوضح ريم بأن هذا الامر زادها إصرارا على إتقان التعلم على هذه الآلة بالتحديد، بالرغم من أن كثيرون اخبروها بأنه آلة صعبة، الا ان عزفها عليه ما لبث الى ان تحول لعشق وصداقة وانسجام تام، فقد تمرست عليه، إلى أن أصبحت مدربة.
وتكشف ريم سرا آخر لاختيارها للعود حيث تقول:"كانت أمي أول من شجعني على العزف على العود منذ الصغر فهي تحب نغم العود كثيرا.. فتمنيت العزف عليه لأطرب سماعها، وبدأت أول محاولاتي بالعزف عليه بعد الصف السادس الابتدائي".
عمر العيب
بدأت قصة انسحاب ريم من مجال العزف عندما سافرت إلى اسبانيا للمشاركة بحدث دولي في مجال الموسيقى، فبعد عودتها واجهت سيلا من الانتقادات طالتها وطالت عائلتها، ومن هنا بدأت تقل مشاركاتها، وعن شعورها حيال ذلك تقول ريم: " كنت ازداد طموحا وإصرارا على الاستمرار، لكني تصرفت بحكمة فراعيت في تلك الفترة موقف إخوتي الذين كانوا يستنكرون كلام الناس الذي أثقل كاهلهم ..فتماشيت مؤقتا مع تلك العوائق".
وتتابع: "مجددا عاد والدي لتشجيعي على الاستمرار، بعد اتصالات عدة من المركز الذي كنت أتعلم به الموسيقى، وطلبوا أن يتبنوني موسيقيا ووفروا لي العود وعدت مجددا للتدريبات، كما وشاركت في العديد من المسابقات مع معهد ادوارد سعيد، وحصلت على المركز الأول أكثر من مرة، واشتركت مع مؤسسة بيالارا في برنامج بال ستار عن فئة العزف في 2005 وحصلت على المركز الأول".
وبعد الثانوية العامة حصلت ريم على فرصة عمل مع اليونيسف للعمل مدربة موسيقى للأطفال حيث كانت اصغر موظفة مع اليونسيف وقتها فلم يتجاوز عمرها آنذاك 17 عاما. ثم دخلت بعدها عالم المجتمع المدني وبدأت تظهر مخرجات تدريباتها لمجموعات من الأطفال في المناطق المهمشة.
وعن نقد المجتمع لها تقول:"وصلت لمرحلة خفت فيها انتقاد الناس لي، خاصة بعد أن نجحت في إثبات نفسي في مجال الفن بقوتي وإصراري، واحترامي لنفسي ولتصرفاتي، وكذلك لانتشار الموسيقى ولان المجتمع أصبح أكثر وعيا وتفتحا مقارنة بالسنوات السابقة".
سر نجاحي عائلتي
تقول ريم: "إن أهلي هم أول من دعم موهبتي واستمتع بمعزوفاتي.. بل وكانوا يهدونني آلات موسيقية عند انجازي لأي أمر فهم يعلمون مدى قيمتها بالنسبة لي" .
وربما لريم نصيب من صفات والدتها، التي لم تسمح لها الظروف بإكمال دراستها حيث تزوجت صغيرة، الا انها أصرت بعد الزواج على إكمال تعليمها المدرسي ثم الجامعي مع ريم، وتعمل حاليا " مختارة" في جمعية المخاتير الفلسطينية .
غير أن ما زاد من قدرة ريم على مواجهة الناس، هي العلاقة التي تجمعها بأخيها الأصغر فارس والذي كان يرافقها في كافة العروض الموسيقية بالعزف على الإيقاع منذ الصغر، ومجددا العائلة ساندته أيضا في التعلم على الإيقاع ليكون فارس سندا لريم، خاصة انه لم يتأثر بكلام الناس بل كان فخورا بابداعها وواثقا بسلوكها.
العلاج بالموسيقى
وفيما يتعلق بالعلاج بالموسيقى تقول ريم بان الموضوع بدأ من أراء صديقاتها حيث كن يقلن لها:"ريم بنحسك بتضايقيش بتزعليش معمرناش شفناكي حزينة". الامر الذي دفعها للتفكير جيدا بأثر الموسيقى على مزاجها ونفسيتها وبسبل نقل هذا التأثير على الناس في محيطها كنوع من العلاج.
وبالفعل بدأت عنبر بتدريب الأطفال المعنفين بالموسيقى، وبدا التغيير واضحا لاحظته بانضباطهم، وتغير سلوكهم، وهذا بدوره حفزها على الاستمرار بالبحث في مجال العلاج بالموسيقى. والذي يعد مجالا غائبا إلى حد كبير في العالم العربي، بل واصبح التعمق في تعلم العلاج بالموسيقى على قائمة امنيات ريم حسبما اوضحت لمجلة "علي صوتك".