منة أبو أحمد/ غزة
لم تكن لوحاتها تشبه اللوحات الأخرى التي عرضت في قرية الفنون والحرف بمدينة غزة، بل كانت خطوطها مرسومة بشيفرة يملأها الغموض المثير الذي يبعث السرور في قلوب الزائرين؛ كونها تزينت بألوان مضيئة.
آية المتربيعي، 17 عاما، طرقت مدرسة الانطباعية الأثيرية في رسوماتها منذ صغرها، ودفعها ولعها بحب الرسم لاقتحام عالم الإبداع في سن مبكر، حيث شاركت في معارض محلية أبرزت فيها أنها قادرة على أن تقدم عملا غير تقليدي، حيث تقول: "كنت أصغر المنتسبين للمشروع الذي تم قبولي فيه "تعلم بالفنون" في مؤسسة طلائع التربوية حين كنت في الصف الثامن". وتضيف: "اهتم أستاذي محمود عيد برسوماتي وشجعني، وتنبأ أن لوحاتي ستحمل طابعا مميزا ومختلفا مستقبلا".
من القديم إلى الحديث
والرسم بالنسبة لها طريقة أخرى لكتابة المذكرات، حيث يجول بعض الرسامين الشمس إلى بقعة صفراء، وبعضهم يحول البقعة الصفراء إلى شمس. ولكن آية ارتأت أن تحول كل ما يرمز للماضي في الوقت الحاضر؛ فحملت مجموعتها اسم "مادي ومعنوي"، ضمت ثلاث لوحات تجسد أشياء مادية ومعنوية بين الماضي والحاضر، لتوضيح القيمة المعنوية مع الحفاظ على الشكل المادي في ظل اختلاف نظرة الناس في التعامل معها.
وتقول آية: "سلطت الضوء في لوحاتي على اختلاف نظرة الناس تجاه بعض الماديات التي كانت ترتبط بطقوس أو عادات". وعن المقصود بالماديات توضح: "رسمت إبريق الشاي الذي كان يعبر عن اللمة قديما، بينما أصبح اليوم إبريقا مجردا قلما اجتمع حوله الأهل". وتشير إلى أن المعنى يبرز في خلفية إبريق الشاي الذي يوحي بالازدحام.
من الفن إلى عالم التصوير
وتعتمد آية في رسمها على أقوال الرسام فيكتور هيغو: "لا تكثر الإيضاح فتفسد روعة الفن"، حيث يتميز رسمها بوجود نوع من الفلسفة في الألوان والأشكال، تحتاج لعين ثاقبة لفهمها، مما يجعل أصحاب المزاجات الفلسفية والاحترافيين يفهمونها أكثر من غيرهم.
ولدى آية شغف بعالم التصوير والإخراج كذلك، حيث تقول: "أرغب في إضافة انعكاس لرسمي على الصور". وتبين أنها مارست أنواعا عديدة من التصوير، ومنها التصوير الضوئي، والفيديو.
وتضيف إنها بدأت تمارس التصوير باستخدام كاميرا الهاتف الذكي، ثم أحضر لها والدها كاميرا "كانون" لتمارس فن الرسم من خلال التقاط الصور. وتتابع: "تعلمت التصوير ذاتيا عبر موقع يوتيوب".
طالبات الثورة
واقتحمت آية عالم الإخراج بهمة عالية؛ لقدرتها على تخيل المشاهد واللقطات، حيث صنعت فيلمها الأول الذي حمل عنوان "طالبات الثورة "، وشارك في تمثيله مجموعة من صديقاتها، جيث تقول: "كنت ألعب دورالمصور والمنتج والمخرج دفعة واحدة"، وتتابع: "تم تصويره في مدرستي بشير الريس، بتشجيع من إدارة المدرسة".
مشاركات وإنجازات
شاركت آية بفيلمها في ثلاثة معارض تكنولوجية، وفازت بالمركز الثالث، عوضا عن عدد المشاهدات المرتفع على يوتيوب، وتقول: "شعرت بالسرور من عدد الإطراءات التي حصلت عليها من المخرجين، بعد ان نالت تجربتي الأولى والفريدة إعجابهم". وتبين أنها شاركت في رسم العديد من الجداريات داخل مدرستها تحت اسم "رئة أخرى"، وغيرها في ميناء غزة البحري تحت اسم "خلصونا من عمالة الأطفال".
وتطمح آية للاستمرار بالعمل الإخراجي وتطوير قدراتها في التصوير والإخراج لتبرز بهما فلسفتها الخاصة التي أبرزتها في لوحاتها. وتبين أنها تريد أن تلتحق بالجامعة في تخصص الاقتصاد لتتمكن من رؤية الأشياء بشكل أدق، وتتمكن من إنشاء مشروعها الخاص بالرسم والتصوير.