منار الشويكي/القدس
لا يعد "منع التجول"الأول من نوعه في فلسطين؛ المسميات تتعدد من حظر أو منع وغيرهما من المصطلحات، لكنها ذات معنى واحد"التزم بيتك، ولا تغادره".
بذاكرة طفلة ذات 3أعوام، أتذكر جيداً تلك اللحظات حين أعلن الإحتلال وللمرة الأولى منذ ما يقرب ال٢٠ يوماً "فتح الحواجز وتجميد حظر التجول ليوم واحد"، وقررت والدتي اصطحابي وإخوتي لزيارة والدي الذي غيّبه هذا الحظر عنا.
حجز والدي في مدينة بيت لحم، وحجزنا نحن في القدس، إلا أن موعد اللقاء به اقترب، أذكر جيداً تلك اللحظة التي رأيت بها والدي من خلف الحواجز الإسمنتية على حاجز "راحيل" لمدينة بيت لحم، وأذكر وحشة فرقتنا في ذلك اللقاء تمكن شقيقاي من تخطي الحاجز ولقاء والدي باستثناء أمي وأنا، فقد أمر جندي غاشم بعدم تخطينا الحواجز الإسمنتية وأن نعود أدراجنا إلى مدينة القدس؛ خوفاً من بندقية ضخمة مصوبة باتجاهنا، مما جعل أمي تنصاع للأوامر على مضض.
عدنا أدراجنا لمدينة القدس، بينما أمي لم تتوقف دموعها عن الإنهمار، وما أتذكره في تلك اللحظات الرعب الذي ملء قلبي، والفكرة الوحيدة التي صاحبتني أنني افترقت عن والدي وشقيقاي إلى الأبد وربما حتى"اشعار اخر" بمسميات اليوم.
بعد فترة وجيزة فُكَّ الحظر وعادت الأمور الحياتية‘ إلى مسارها الطبيعي، وعاد والدي وشقيقاي إلينا، والذكرى الأقوى من ذلك اليوم والتي لا زالت ترافقني هي رعب الفقد.
بعد ١٨ عاماً عادت مدينتي بيت لحم والقدس لحظر التجول من جديد، لكن اليوم بمحتل مختلف ألا وهو فايروس الكورونا، وكما استطاعت المدينتين الصمود والقوة في ٢٠٠٢، فستنتصر هاتين المدينتين من جديد، ولعل هذه المرة نتحرر من كافة أشكال الإحتلال وأنواعه.
- الصورة من الإنترنت