فلسطينيون لم يروا البحر يوما...

2018-01-28 11:10:17

علي صوتك- وفاء صالح

وضع يده على فمه من وهلة المنظر، وأخذ يركض نحوه ويصرخ بصوت عال، "ماما بحر، بحر يا ماما"، مشهد رأته مراسلة علي صوتك أمام عينيها في مدينة يافا المحتلة، خلال رحلتها إلى الداخل الفلسطيني المحتل.

تطل فلسطين التاريخية على ثلاثة بحار؛ الميت شرقا، والمتوسط غربا، والأحمر جنوبا. ورغم ذلك فإن آلاف المواطنين ممن يسكنون في الضفة الغربية، لم يروا البحر ولو لمرة واحدة في حياتهم، وأصبح بمثابة حلم يراودهم لا يشاهدونه إلا على شاشات التلفزيون أو في منامهم، نتيجة سلب الاحتلال الإسرائيلي لكافة المنافذ البحرية الفلسطينية، ومنع الفلسطينيين من دخولها، ووضع إجراءات معقدة جدا على الدخول، تتمثل بإصدار تصاريح خاصة، قد ترفض وقد تقبل.

مراسلة علي صوتك التقت بعض المواطنين ممن لم يروا البحر في حياتهم، وسألتهم عن تجربة الحرمان من زيارة البحر ومناطق الداخل المحتل التي يعيشونها.

اعتقلوني ثم منعوني!!!

الأسير المحرر عصمت منصور "42 عاما" من مدينة رام الله، تألم ودمعت عيناه حين عرضنا عليه السؤال، وقال: "لم أر البحر في حياتي، ولم أزر مدن الداخل المحتل يوما".

ويقول بأنه عندما كان يبلغ من العمر 17 عاما، قامت سلطات الاحتلال باعتقاله، وحكم عليه بالسجن مدة عشرين عاما، وتحرر قبل أربعة أعوام، ومنذ ذلك الحين وهو ممنوع من السفر ومن زيارة الداخل المحتل، ويضيف: "أتوق شوقا لرؤية البحر وزيارة مدننا المحتلة، أتوق للسفر والاستمتاع بحياتي مع عائلتي".

ابنة الشهيد لا ترى البحر

المواطنة منار عبد الرحمن 27 عاما، من رام الله، ابنة الشهيد عبد الرحمن العاروري، الذي اغتالته قوات الاحتلال خلال الانتفاضة الأولى، تقول: "أنا وأخوتي ووالدتي وكل من يصله بأبي قرابة ممنوعون من زيارة الداخل المحتل إلى الأبد".

توضح منار: "زرت البحر مرة واحدة في حياتي وأنا طفلة، حيث لم يكن الجنود يدققون شهادات الميلاد للأطفال في ذلك الوقت، أما اليوم فقد أصبح هناك تدقيق وتشديد على الأطفال أيضا".

وتتابع بأنها تتمنى من قلبها زيارة البحر وتستمتع بجمال المناطق المحتلة في فلسطين متى تشاء.

من الضفة إلى السجن...

الصحفي زيد أبو عرة من محافظة طوباس 30 عاما، يقول بأن المرة الوحيدة التي غادر فيها الضفة الغربية كانت إلى سجن النقب، حيث يعتقل والده.

ويقول: "أتمنى أن أفطر في القدس، وأتناول عشائي في حيفا، وأبيت ليلتي في يافا، وأقفز إلى البحر من أسوار عكا، ولكن كل تلك الأحلام تصطدم بواقع الاحتلال والحصار والسجن المفروض علينا".

أحب البحر حرا لا محتلا

المواطنة أمل دويكات من مدينة نابلس، قالت إنها لم تزر يوما الداخل المحتل ولا البحر فيه، ولم تحاول استصدار تصريح بالمطلق، وأوضحت: "كلما فكرت في الأمر تذكرت أن زيارة بلادي وهي تحت الاحتلال ستعود بالنفع الاقتصادي على المحتل، أحب البحر بالطبع وأحب الاستمتاع به، ولكن ليس وهو تحت الاحتلال"، وتؤكد دويكات أن فكرة السياحة في المناطق المحتلة ليست مستساغة بالنسبة لها مطلقا.

تعرضت للضرب وإطلاق النار...

من ناحيته أكد المواطن راضي كرامة، 28 عاما من مدينة الخليل، أن دخوله للأراضي المحتلة بالنسبة له حلم، وقد تقدم مرات كثيرة بتصريح من أجل الدخول لها ولكن كل المحاولات قوبلت بالرفض وباءت بالفشل.

وأشار راضي إلى أنه خاطر بحياته يوما من أجل دخول القدس والصلاة في المسجد الأقصى، ومشى ساعة متواصلة على أقدامه من أجل اختراق جدار الفصل العنصري والوصول إلى القدس، ولكن قوات الاحتلال أمسكت به، وأطلقت الرصاص عليه، وانهال الجنود عليه بالضرب، وأعادوه إلى الضفة الغربية.

زوجها منعها من زيارة الداخل!

سميرة صلاحات، وهي زوجة الأسير خالد صلاحات المحكوم بالسجن 25 عاما، قالت إنها زارت البحر مرة واحدة في حياتها قبل الانتفاضة الأولى، وقبل أن يعتقل زوجها، ومنذ ذلك الحين تشتهي هي وأولادها الممنوعون أمنيا أن تزور مدن الداخل وترى البحر، وتصلي في القدس، وتضيف: "لكن الأمل بالله كبير بأن تتحرر بلادنا، ونزورها ونستمتع بجمالها، وقدسيتها".

أصبح المواطن الفلسطيني ضيف غير مرحب به في بلاده، يحاول الاحتلال بشتى الوسائل والطرق إزالة مدن الداخل من ذاكرة الفلسطينيين، تماما كما يفعل إزاء القدس المحتلة من محاولة لتهويدها وأسرلتها، ونزع الهوية الفلسطينية عنها.

اخترنا لكم
عماد ابو الفتوح عندما عرفت أن الرواية القا...
سلمى أمين هل تمنّيت يومًا أن تتحدّث أكثر م...
 هند الجندي ينظر معظم الناس للأذكياء...
لينا العطّار/  اخترنا لكم من اراجيك...
بقلم: تركي المالكي الحياة مليئة بالجمال وا...
اخترنا لكم هدى قضاض- اراجيك  يعد ا...
منوعات
نغم كراجه/غزة يواجه الشباب صعوبة في إيجاد...
رغد السقا/غزة يمر ذوي الإعاقة بظروف نفسية...
سها سكر/غزة "لا تحسَبِ المجدَ تمرًا أ...
نغم كراجة/غزة "أمي لم تفِ بوعدها، أخب...
إسراء صلاح/غزة هنا غزة المدينة المنكوب...
عرين سنقرط/القدس ربما قطار الفرح في مدينتي...