أجرت اللقاء: نهاية أبو خاطر
مفعمة بالحياة، وترغب بالمزيد من الأبواب المفتوحة، وتبحث عن جمال الطبيعة في كل شيء حولها. تفكر عميقا قبل أن تسترسل في كلامها، وتزرع بيديها الأزهار لتقر بها عيوننا. أصيلة المنبت، تحب الأرض وما عليها من حياة. فلسطينية متجذرة، بأحلام كبيرة، ترعرعت بين الورود. ومن أراضي بلدتها الجميلة خرجت بمشروع فلسطيني بامتياز، حمل عنوان "ورد ونوار"، في مركزها الخاص بتدريب السيدات المهتمات بالصناعات الحرفية على اختلافها، وتمكينهن.
نلتقي هنا مع كوثر قدح، من قرية شقبا قضاء رام الله، خريجة الإدارة المالية والعلوم مصرفية، التي أتمت دراستها خلال عملها في مجال صياغة الذهب والفضة في مشغل متخصص بين عامي 2011- 2016، حين تركت عملها لتؤسس مشروعها الذي انطلقت فكرته عام 2014، وهو متخصص في إنتاج الإكسسوارات المستوحاة من الزهور البرية الفلسطينية، التي تم تشكيلها في البداية من مادة السيراميك يدويا، قبل أن تنتقل إلى مادة الصلصال الحراري، الذي يتميز بقدرته على تشكيل الأزهار بتفاصيل أعلى وأدق من السيراميك اليدوي.
ما حكاية كوثر من ضغوط الدراسة إلى متعة إثبات الوجود؟
مررت بعدة مراحل في مسيرتي، بين عملي في الصياغة، ودراستي في الجامعة، إلى تدريس مادة الفنون، وكنت دائمة البحث والتنقل لإيجاد المكان المناسب الذي يلبي رغبتي بتعلم صياغة الإكسسوارات. هذه المرحلة استمرت فترة طويلة، ومع ذلك لم أيأس من تحقيق أحلامي بمشروع خاص يمتد للطبيعة وأزهارها.
من أين جاء اسم ورد ونوار؟
لدي عشق للأزهار، وتحديد أنواعها، وملامستها، لدرجة أحببت الحكاية التي ترتبط بكل أنواع الزهور البرية التي رواها الأجداد، فلكل زهرة اسم وحكاية، ومن يعشق يتابع مراحل حياة الزهرة، التي تبدأ بالنوار، وتنتهي زهرة بألوان وروائح مميزة. من هنا جاء اسم "ورد ونوار"، من المحبة والانتماء.
كيف تقبل الناس ورد ونوار؟
2012\2013 كانت قفزة في البلد من ناحية وجود عدد كبير من المبادِرات والرياديات اللواتي يتقن الحرف اليدوية، كما أصبحت الرغبة بالاكتشاف والتجربة والاقتناء عالية عند السيدات. إن مصطلح الحرفة اليدوية حديث بين نساء المجتمع، ومن أهمها حرف الرسم على الزجاج، وتشكيل الفخار، والتطريز، والإكسسوارات. وكان ورد ونوار من بين هذا الحشد الحرفي الذي تميز بحكايته الفلسطينية التي يتباهى الجميع باقتنائها؛ كزهرة الحنون، وزهرة الشمس، والزهور الشوكية البرية الفلسطينية.
وقد كانت البدايات التي ساهمت في تعريف المجتمع علي قوية وجميلة، وتميزت ببصمة تحمل حلمي ورؤيتي.
من صياغة الإكسسوارات إلى مركز للتدريب عليها. هل هي نقلة نوعية؟ أم تطور لا بد منه؟
نعم أنا أطلقت مشروعي "ورد ونوار"، وبعد النجاح والتميز، بدأت أطور رؤيتي. ولكوني في مراحل تأسيسية، بحثت بقوة عن مراكز للتدريب لأتمكن من الالتحاق بدورات في صناعة الإكسسوارات، لكني لم أجد للأسف، فما كان أمامي سوى الالتحاق بكلية دار الكلمة في بيت لحم لتعزيز قدراتي ومعرفتي بالصياغة وعمل الإكسسوار. وهذا استنفد مني مجهودا ووقتا طويلا لازلت أعيشه حتى الآن. وبعد ذلك راودتني فكرة تأسيس مركز للتدريب لأتمكن من مساعدة السيدات اللواتي يبحثن عن التدريب في مهن وحرف مختلفة. وقد حصل هذا بعد دراسة أظهرت أن الحاجة المادية والظروف الاقتصادية تساعد السيدات على تلقي التدريبات للحرف التي يرغبن بها، والعودة إلى المنزل للعمل بها، فيتكون لهن دخل يحقق نوعا من الاستقرار العائلي.
وقد بدأ المركز العمل في البداية مع مجموعات من الأطفال الذين شجع أهاليهم فكرة خروجهم لتعلم حرفة معينة لإبعادهم عن وسائل التواصل الاجتماعي. وكان من أهم التدريبات الرسم على الزجاج، وعمل الإكسوارات، والرسم.
وبعد عدة ورشات، أصبح مركز "ورد ونوار" عنوانا للسيدات الراغبات بتطوير مواهبهن، وللأطفال الذين يعنى أهاليهم بإعطائهم مساحة ورؤية جديدة للفن. وكان واجبنا توفير طاقم من المتطوعين الذين يساندون الأطفال ويهتمون بحاجاتهم.
ما هي الفترة المحببة لدى من يرغبن بالالتحاق بالدورات؟
أكثر الأوقات مناسبة للتسجيل في الدورات الخاصة بالسيدات في فصل الربيع، وللأطفال في العطلة الصيفية.
لماذا هذه النقلة من السيراميك إلى الصلصال؟
توجهت إلى العمل بالصلصال الحراري بدل السيراميك لأنه يضفي جمالية أعلى للقطع التي نعمل عليها من ورود وزهور.بعد التدريب الذي تلقيته نمت قدراتي،وأصبح تخصصي أوضح، فتوجهت إلى العمل على الإكسسوارات الخاصة بالعروس، التي لقيت استحسانا كبيرا من الأهالي، والهدايا على شكل ميداليات. رغم ان السيراميك يمكنني من إبراز القطع بطريقة 3D.
نستطيع أن نقول إن كوثر أثبتت وجودها بين حشد كبير من الحرفيين؟
أنا تميزت بصياغة الإكسسوارات المستوحاة من الأرض والطبيعة، وأكدت على البصمة التي تركها اسم "ورد ونوار" الفلسطيني الأصيل.
كيف تهتمين بموضوع التسويق لـ"ورد ونوار"؟
من تجربتي الخاصة، أنصح السيدات وأصحاب المشاريع الصغيرة، أن تكون بداياتهم دون تكاليف عالية، والبدء من مواقع التواصل الاجتماعي، ومن البيت؛ لأن ذلكيساعد كثيرا على تحقيق انطلاقة جيدة دون مخاسر غير محسوبة.
أما أهم دعوة للسيدات فهي "كوني أنت صاحبة البصمة لمنتجك، ولا تكرري غيرك".
واهم التحديات هو الوضع الاقتصادي في البلد والذي يقع على الجميع
يمكننا تدارك الوضع الاقتصادي الصعب بدراسة بسيطة، ولكنها مستمرة، للأسواق؛ لنتعرف على ما ترغب به السيدات، والالتحاق بدورات التدريب في المواضيع التي تحتاج إليها السيدات، والمرغوبة لمساعدة الأطفال على إشغال أوقات فراغهم بحرف فنية تعينهم على تفريغ طاقاتهم، وإبراز مواهبهم. أو الالتحاق بدورات إنتاجية تساعد على در دخل سريع للسيدات اللواتي يعملن في البيوت.