لأن "بيالارا" تهتم.. ولأن للمرأة الفلسطينية حكاية ترويها للعالم

2016-05-05 18:19:00

غيداء حموده / رام الله

لم يكتف الرجال في مجتمعي بظلم الاحتلال، فأخذوا يظلمون نساءهم بشتى الطرق، فعندما تسمع أن إحداهن تشكو من ضرب زوجها لها، تتفاجأ بأنك تعيش في القرن الحادي والعشرين، ولا تزال الإناث بمختلف أعمارهن يتعرضن لكافة أشكال العنف.

وفي فلسطين تكتمل الحكاية، فاسمحوا لي أن أتحدث بلغة الأرقام؛ لأنها للأسف ليست متواضعة أبدا، ولم يعد غض النظر عنها جائزا، فحسب إحصائيات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني لعام 2011، فإن ما نسبته 29.9% من النساء اللواتي سبق لهن الزواج في الضفة الغربية نلن نصيبهن من الإهانة والتعذيب، أو على الأقل تم تعنيفهن، مقابل 51,1 % في قطاع غزة.

كيف لنا أن نطالب بالمساواة ونحن نغفل عن هذه النسب؟ وما نفع انضمام فلسطين إلى الدول الموقعة على اتفاقية "سيداو"، وبعض السيدات لا يملكن أجرة الذهاب إلى ندوة تناقش حقهن في الميراث؟

ولعل من أبرز الأحداث التي أثرت في حياتي وشخصيتي، حملة "لأنك قوية"، التي أطلقتها الهيئة الفلسطينية للإعلام وتفعيل دور الشباب "بيالارا"، بمناسبة يوم المرأة العالمي، الذي تحتفل فيه الدول قاطبة في الثامن من آذار.

في هذه الحملة اختارت "بيالارا" أن تُشيد بدور النساء على طريقتها الخاصة، الذي يتمثل بإطلاق أغنية "مناجل"، من كلمات الشاعر الفلسطيني بشار الطميزي، ولوحة فنية للرسام الغزي إسماعيل علي، إيذانا بانطلاق الحملة من وسط مدينة رام الله، ليصل صداها إلى بقية مدن الضفة الغربية وقراها.

اجتمعت عبارات مثل عانس، وعورة، وفضيحة، وحتى ناقصة، لتخفي ضمير الأنثى "هي" خلف ستار أسدلته العادات والتقاليد. إلا أن ريشة إسماعيل خلقت صورة تحاكي ما يجب أن تكون عليه الفلسطينيات: حرائر وأبيّات.

ولضمان تغيير قانون العقوبات المطبق حاليا، الذي يسقط عقوبة المغتصب بزواجه من ضحيته، تخلل الحملة التوقيع على عريضة مسودة قانون العقوبات المعدلة؛ ليتم رفعها للرئيس محمود عباس، علما أنه سبق للهيئة أن قدمتها عام 2011.

كما وزع القائمون على الحملة ملصقات على الحضور والمارة حملت جملا تحفيزية للنهوض بالواجب المنوط بالمرأة جنبا إلى جنب الرجل في العملية التنموية في أي مجتمع كان.

وكانت الحملة سبب تطوعي في مشروع "يدا بيد نحو دعم حقوق المرأة"، حيث لم أكن أعلم أنه بمجرد ترشيحي للتدرب في المشروع سيتغير مسار حياتي؛ حيث لم تكن تغريني قضايا الحقوق والقوانين بقدر ما كنت غارقة بشغفي للعمل الصحفي، فأصبحت منذ أول يوم تدريبي أكثر إصرارا على محو الصورة النمطية لفتيات وشابات بلدي.

ولم تعد قضايا مثل: العنف والاغتصاب والتحرش الجنسي بمنأى عن مجتمعاتنا المحافظة. من هنا أدركت أن علي أن أتوقف عن التفكير بطريقة ساذجة وبريئة، فخلف بعض أبواب البيوت، وبين جنبات الليل، هناك صرخات أم وطفلتها، ابنة وأختها.

ولم يقدم قانونا العقوبات الأردني، والأحوال الشخصية الفلسطيني، سوى المزيد من المشاكل للنساء، كيف لا وأحدهما يعطي الأحقية للمغتصب أن يتزوج ممن سلبها أحقيتها في الحياة باستقرار وحرية.

شهور من العمل المستمر والمكثف، خلقت لدينا خلفية قانونية لا يستهان بها لكسر الفجوة بين تحقيق العدالة لكلا الجنسين، وتعريف المرأة بأبسط حقوقها كإنسان.

لقد باتت شخصيتي كما لمس ذلك المحيطون بي من أقاربي وعائلتي، ولا أعلم السبب في ذلك. ولكن الشيء الوحيد المتأكدة منه أننا لم نولد ناقصات عقل أو دين كما تقول العادات؛ فالأنثى تلد النصف الآخر وتربيه، وهذا كفيل بأن يثبت العكس.

هن من صنعن العظمة

خرجت إحداهن من أزقة المخيم الضيقة، وأكملت تعليمها الجامعي، وأخذت تدرس الرياضيات بكل ما أوتيت أناملها من إبداع. وأخرى غنت للطفولة والشباب، وعشقت التطريز، حتى باتت خيوطها الملونة تداعب أشعة الشمس. وآخرهن تحصد شهادتين كونها الطبيبة الأفضل في بريطانيا. الأولى حنان الحروب، والثانية ريم بنا، والثالثة هناء فوزي أبو العساكر. جميعهن شكلن قصص نجاح شهد عليها العالم أجمع.

فازت الحروب بلقب أفضل معلم في العالم، واختيرت بنا شخصية عام 2016 الثقافية في يوم الثقافة الوطني، ليحملن رسالة تصل إلى كل امرأة: لا تطالبي بمساواتك بالرجل، لأنك بألف رجل!

اخترنا لكم
عماد ابو الفتوح عندما عرفت أن الرواية القا...
سلمى أمين هل تمنّيت يومًا أن تتحدّث أكثر م...
 هند الجندي ينظر معظم الناس للأذكياء...
لينا العطّار/  اخترنا لكم من اراجيك...
بقلم: تركي المالكي الحياة مليئة بالجمال وا...
اخترنا لكم هدى قضاض- اراجيك  يعد ا...
منوعات
نغم كراجه/غزة يواجه الشباب صعوبة في إيجاد...
رغد السقا/غزة يمر ذوي الإعاقة بظروف نفسية...
سها سكر/غزة "لا تحسَبِ المجدَ تمرًا أ...
نغم كراجة/غزة "أمي لم تفِ بوعدها، أخب...
إسراء صلاح/غزة هنا غزة المدينة المنكوب...
عرين سنقرط/القدس ربما قطار الفرح في مدينتي...