ماض من حجارة، آثار لا تمحى

2018-10-06 12:56:26

هدالة شتية/ رام الله،

قد تتساءل أحياناً كيف نتركُ أثرًا أو صورة أو حتى حجرً لربما يبكي على من هجروه ورحلوا، أو ربما قد تغريكَ فكرة أن المباني القديمة تفقد أهلها الذين خطّوا في يومٍ من الأيام رسومًا ودموعًا، واستنشقوا رائحة مسيل الدموع فيها، وقد تقفُ هامتك عاجزة أمام عنفوان البناء الغريب ذا الحجارة والزخرفات المتناثرة على الجدران، إنها الآثار، أو دعنا نسميها إرثًا تاريخيًا تعاقبت عليه أجياٌل وأجيال..حتى فقد أهلَه...

"حوش" وجدران عالية

عدة بيوٍت  واسعة ومتراكمة تُجمع حول ساحٍة واسعة أو "حوش"، يتخللها "الليوان" ورواق قصير يصل كل بيت بالآخر، على الطراز المعماري العثماني بُني بيت عبدالله عفانة على يد آل عبد الهادي تحديدًا"عبد الهادي القاسم" في ذلك الوقت، يظهر هذا البيت في وسط مدينة سلفيت جامعًا ست بيوٍت متراكمة تعودُ كلُّها لذات العائلة، يتميُّز هذا الكُم من البيوت كما يتميّز غيرها من المباني القديمة، ذات الحجارة الملساء البارزة، والجدران العالية، متخللة فتحات واسعة أو خزائن ذاتية داخل الجدار، وعند نظركَ للأعلى سيلفت انتباهكَ سقف البيت المقعّر على شكل قوٍس من الداخل، ولا تلبث أن تنظرً إلى الشبابيك حتى تجدها على مستوى جسدك أو أقل بقليل؛ طويلة ذات قوٍس من الأعلى ومساحًة صغيرة تتسع لجلوسك أمام هذا الشباك تنظر للمارة تارة، وتقذف حبات الليمون والتين التي تجلبها من شجر الحوش تارةً أخرى.

 إلّا أن ذلك المكان المسمّى بـ "السرّ" لصغر مساحته؛ فهو رواٌق طويل يفضي إلى الحوش، ويعتبر المدخل الرئيسي لهذه البيوت المتراكمة، تجدُ فيه العديد من المساقي المحفورة في الجدران، تصعدُ إليها بعدة درجاٍت صغيرة، فيخطر ببالك تساؤل! ما هذه؟ إنها أماكن ضيقة لا تتسعُ إلّا لشخصٍ واحد، يغسلُ فيها الشخص يديه بينما تغسل فيها سيدة المنزل ما تريدُ على عجل.

 

منسي؟ أو على طريق الترميم؟!

بعد وفاة الحاجة مريم دغليس، وعبدالحليم"أبو صبحي" لم يبقَ في هذه البيوت حياة، كانت الحاجة مريم آخر من سكن بيوت عبدالله عفانة وعبدالحليم عفانة آخر من سكن بيته وهي ذاتها البيوت التي تعود لعائلة "عفانة"، خاليةَ من الحياة، يغمرها الغبار والحشائش الطويلة، لم يعد بمقدور من ورثها الاعتناء بها، فأصبحت ملجأ القطط البرّية وسواد الليل القاتم بعد لياٍل طويلة من التسامر والنهارات الواسعة من الحياة اليومية لربّات البيوت في مواسم الحصاد والزيتون واجتماعات العائلات الممتدة في الحوش.

 

من يتحمل المسؤولية؟

ما زال ورثةُ هذا المنزل يتلّقون وعودًا بشرائه وتولي الحكومةَ به، لإدخال الحياةِ بين أروقته، لكن ماذا بعد؟ هل سيبقى قائمًا؟ أم سيتم هدمه لإعلاء عماراٍت  ذات طراز معماريٍ جديدٍ هش؟ نُسابِقُ المجهول، إذن؛ من يتحمل المسؤولية؟

 

- الصورة من الإنترنت.

اخترنا لكم
عماد ابو الفتوح عندما عرفت أن الرواية القا...
سلمى أمين هل تمنّيت يومًا أن تتحدّث أكثر م...
 هند الجندي ينظر معظم الناس للأذكياء...
لينا العطّار/  اخترنا لكم من اراجيك...
بقلم: تركي المالكي الحياة مليئة بالجمال وا...
اخترنا لكم هدى قضاض- اراجيك  يعد ا...
منوعات
نغم كراجه/غزة يواجه الشباب صعوبة في إيجاد...
رغد السقا/غزة يمر ذوي الإعاقة بظروف نفسية...
سها سكر/غزة "لا تحسَبِ المجدَ تمرًا أ...
نغم كراجة/غزة "أمي لم تفِ بوعدها، أخب...
إسراء صلاح/غزة هنا غزة المدينة المنكوب...
عرين سنقرط/القدس ربما قطار الفرح في مدينتي...