ما بين الموت أو الحياة الجديدة رصاصةٌ في الرأس

2016-04-07 19:43:03

غيداء حمودة/ رام الله

قبل أن تخوض غمار أي حرب، كان عليك أن تتأكد من جاهزية فريقك، لتضمن الانتصار فيما بعد. وهكذا هي قصة الشابة ابنة السابعة عشرة، الباكستانية ملالا يوسفزاي.

لم أكن أعلم أنني وبمجرد قراءة أول مفردة في هذا الكتاب ستعتريني مشاعر كثيرة، أو بمعنى آخر: كيف لمجرد حروف مصفوفة في ما يقارب 416 صفحة، أن تعطيك هذا الكم الهائل من القوة؟ لقد أيقنت أن صوتا واحدا فقط يمكن أن يصنع التغيير الذي سيشهد عليه عالمنا  فيما بعد، لهذا اختارت الصحفية البريطانية كرستينا لامب أن تشارككم صرخة طفلة تعرضت لطلق ناري كاد يفقدها حياتها، وجعلها أصغر فائزة بجائزة نوبل للسلام؛ لأنها دافعت عن حق طبيعي لكل فتيات العالم، وهو "التعليم" في ظل حكم جماعات طالبان.

ولدت في مجتمع يقيم الاحتفالات إذا كان المولود ذكرا!

ولدت ملالا بتاريخ 12 تموز1997 في مجتمع منحاز للذكور، فلم يأت أحد ليهنئ والديها بقدوم أول مولودة بصحة جيدة. ولكن عائلة هذه الطفلة يمكن أن تعبر عنها بمقولة شهيرة هي "لكل قاعدة شواذ"؛ فالأبوان تزوجا عن حب وليس كما بالزواج التقليدي المنشر في مجتمعهما، وأثمر عن ابنة وولدين:خوشال وأتال.

ولا تلبث أن تتنقل بين دفتي الكتاب لتلمح كلمة "أبي" إلى جانب كل إنجاز أو خطاب أو حتى جائزة تحصل عليها ملالا، التي سميت تيمنا بالبطلة الأفغانية العظيمة ملالاي يوناند يوسفزاي، وهي من إحدى قبائل البشتون التي تنحدر من وادي سوات عبر امتداد باكستان وأفغانستان، بمصطلحات بسيطة تشعرك بأن ملالا جزء لا يتجزأ من مسقط رأسها الذي تعده بمثابة جنة الله على الأرض، ولكن قبل مجيء القاعدة وطالبان.

ابنتي مميزة عن الجميع، وستنال العلم الذي تستحق

كبرت ملالا وأصبح عمرها 11 عاما، ولكثرة الأرقام والتواريخ في هذا الكتاب تصل إلى مرحلة لا تستطيع فيها تذكر كل شيء. ولم يرد والدها ضياء الدين أن تكون مثل باقي الفتيات في بلدها، بل أرادها أن تحطم المعايير وتقود النهضة العلمية التي دأب هو على نقلها. ولكنها عاشت في مجتمع لا تصوت فيه النساء، ولا يملكن الحق في الكلام، وأحيانا يقدمن للعوائل التي تتخاصم فيما بينها كحل لثائر قائم. وكان الأب بارعا في فن الخطابة، ولعل ملالا ورثت ذلك عنه. ولأن طريقه في طلب العلم كان مليئا بالصعاب، لم يرد ذلك لأي من أولاده فحرص على إنشاء أول مدرسة تضم ذكورا وإناثا؛ لشدة إيمانه بأن العلم للجميع؛ فقراء وأغنياء.

وضمت المدرسة زهاء 800 طالب، في وقت أخذت فيه جماعات طالبان تنتشر كالسرطان في منطقة وادي سوات، محرمين تعليم الفتيات، ومهددين بحرق المدارس.

بصيص أمل...وماذا بعد؟

"استمري في أحلامك، وسندافع عن حريتك".هذا ما قاله ضياء الدين يوسفزاي؛ أي والد ملالا، بعد أن أصبحت هذه الجماعات الإرهابية تتربص بها وبعائلتها. ولعل من أكثر الدروس والعبر المستفادة من كل هذا هو عدم الاستسلام والثبات على الحق، وهذا ما جعلها تخرج عن صمتها وتصدح بكل ما أوتيت من قوة لأول مرة في عامها الحادي عشر، عبر هيئة الإذاعة البريطانية "البي بي سي"، وانطلقت تلقي الخطابات للفتيات من جيلها.

وبعد سنتين بالضبط، استبدلت ملالا اسمها بآخر مستعار: "جول مكاي"؛ لتضعه على ترويسة أول مدونة لها بعنوان "أنا خائفة"، وبهذا أصبحت أيقونة للسلام والنضال، وأصغر مرشحة لجائزة نوبل، لتنالها في عامها السابع عشر، وهي الآن تعيش في إنجلترا مع عائلتها، بعد أن تلقت عيارا ناريا في رأسها كاد يفتك بحياتها في سن الخامسة عشرة.

وفي اليوم العالمي للمرأة، نحتفل بأمثال ملالا في مجتمعاتنا، وصاحبات المبادرات الفردية، اللواتي صنعن أنفسهن من لا شيء.

 

اخترنا لكم
عماد ابو الفتوح عندما عرفت أن الرواية القا...
سلمى أمين هل تمنّيت يومًا أن تتحدّث أكثر م...
 هند الجندي ينظر معظم الناس للأذكياء...
لينا العطّار/  اخترنا لكم من اراجيك...
بقلم: تركي المالكي الحياة مليئة بالجمال وا...
اخترنا لكم هدى قضاض- اراجيك  يعد ا...
منوعات
نغم كراجه/غزة يواجه الشباب صعوبة في إيجاد...
رغد السقا/غزة يمر ذوي الإعاقة بظروف نفسية...
سها سكر/غزة "لا تحسَبِ المجدَ تمرًا أ...
نغم كراجة/غزة "أمي لم تفِ بوعدها، أخب...
إسراء صلاح/غزة هنا غزة المدينة المنكوب...
عرين سنقرط/القدس ربما قطار الفرح في مدينتي...