الأطفال يمسكون بقلوبنا

2017-02-15 12:30:23

علاء ريماوي/ رام الله

في برنامج تلفازي كان مخصصا للأطفال كنت أشاهده، كانت تلك الإعلامية تجوب أروقة إحدى مدارس قرى رام الله، تنضم إلى كل صف من الصفوف المدرسية، وتسأل أسئلة بسيطة جدا للأطفال لتضفي على وجوههم السعادة بتلك الألعاب البسيطة التي تقدمها كجائزة للإجابة الصحيحة التي يجيبها الأطفال؛ "التلاميذ".

عندما ترى تلك البراءة في عيون أولئك الأطفال، تلك الابتسامة التي كانت قد زرعت على وجوههم بسبب هذه الفعالية المتواضعة لذلك البرنامج، ما رأيته في أولئك الأطفال تارة يفرح، وتارة أخرى يدمي القلب، ويدع الدموع المكتنزة في عينيك تنهال على جفونك في لحظات دون أي إنذار.

الأسئلة كانت متواضعة؛ فهذا بديهي بما أن المدرسة أساسية، وأكبرها تلاميذ الصف السادس، ولكن ما لفت انتباهي في هذه الأثناء تلك الجمالية التي يحملها الأطفال في قلوبهم، حرف السين الذي يخرج من بين أسنانهم المتناثرة بلفظ مختلف كـ"الثين" مثلا، والعنفوان الذي كان يتملكهم في تلك اللحظة جميل أيضا؛ فهم يتسابقون للإجابة عن الأسئلة للوصول إلى الهدف الأسمى عندهم، وهو الجائزة البسيطة على طاولة التدريس أمامهم، تلك النكات التي أطلقها بعض الفتية والفتيات ضمن البرنامج كانت ذات جودة كوميدية عالية مقارنة بالأفلام والمقاطع الكوميدية التي يصوغها المحترفون.

لكن ما تبين أن بعض الأطفال لا يعلمون أبسط المعلومات العامة التي يجب أن يتقنوها ويحفظوها قبل المعلومات التي يلقنهم بها المدرسون من مناهج عجت بها الأخطاء، كما لاحظنا قبل فترة وجيزة، والأخطاء التي وجدت في كتاب الرياضيات، ناهيك أيضا عن تلك المناهج التي لا تطبع، وتركز على أمور سطحية لا تغوص في عمق القضية الفلسطينية كما في منهاج الوطنية، ولم يكف الأطفال تلك المناهج العقيمة التي لا تقدم ولا تؤخر، بل هنالك عدد من الأساتذة الذين يملؤون المدارس، ولا يتقنون فن التعليم، وتلك الطريقة التي يقدم فيها هؤلاء الأساتذة القيم والمعلومات الموجودة في المنهاج التي لا تتلاءم وسياق المنهاج، ومن الأمثلة على ذلك طريقة الأستاذ الذي كان يعطي مادة التربية الإسلامية في زمننا، وكان يحكي قصص القرآن بطريقة هزلية تنفي أي مسؤولية وراء هذا التصرف.

وما ينقص طلبة المدارس هو الالتزام الجيد من الأهالي في التربية الحسنة،  إضافة لأساتذة محافظون ومثقفون، والمنهاج الملائم لمواكبة الزمن والمرحلة التي يعيشها الشعب الفلسطيني، عدا عن ذلك التثقيف العام بالأمور العامة التي تحاكي الحياة وما يلزم معرفته خلالها.

ابتسامتهم أصبحت تدمي القلب

وبعد فقرة الأسئلة كانت هنالك فقرة الختام، وهي عبارة عن نكتة من الأطفال، أو أغنية ينشدونها أمام زملائهم، تلك الأغاني التي اختارتها الطالبتان اللتان اختيرتا لاختتام الفقرة كانت أغاني تحاكي الطفولة الفلسطينية التي نشأت في موطن تحاك له المكائد من كل جانب؛ قريب كان أم بعيد، واحتلال صادر الأرض والحياة، وترك تلك الطفولة تحيا في زمن غلب عليه الخوف من مستقبل يعترضه جندي إسرائيلي؛ "أعطونا الطفولة"، وبكلمات الطالبتين الصغيرتين التي انطلقت كسهم يخترق قلب كل إنسان على هذه الأرض.

الكل يتمنى العودة لمرحلة الطفولة، وهذا قد ينجم عن حاجتنا أحيانا للهرب من الكم الهائل من المسؤوليات، ولا بد من أن الطفولة تحمل في طياتها أجمل مراحل الحياة، إذ يكفي ألا يشعر الإنسان بتلك الأحزان التي تملأ حياتنا، والمآسي التي يتعرض لها شعبنا، لكن أي طفولة يتمناها أطفال غزة عندما يخلقون وطائرات الاحتلال تقصف منازلهم، والقذائف تنهال على رؤوسهم وعائلاتهم؟! أي طفولة يتمناها أطفال سوريا الذين يصارعون البرد في هذه الأوقات وهم بلا ملجأ؛ مشتتين في كل بقاع الأرض، ومشتتين في موطنهم حتى؟! أي طفولة يتمناها أطفال بورما الذين يقتلون ويمارس عليهم أبشع أنواع العذاب والذل لأنهم مسلمون لا أكثر؟! يكفي أن تنظر في عيون الأطفال عندما يحزنون من أي شيء كان، لتبدي لك تلك البراءة التي تقتل عند كل لحظة حزنا عند كل دمعة تنزل من أعين الغزلان تلك. أما حان الوقت لنعطي أولئك الأطفال الطفولة؟ أما آن الوقت لنربي ونحافظ ونبني تلك الأرواح بالشكل الصحيح؟.

اخترنا لكم
عماد ابو الفتوح عندما عرفت أن الرواية القا...
سلمى أمين هل تمنّيت يومًا أن تتحدّث أكثر م...
 هند الجندي ينظر معظم الناس للأذكياء...
لينا العطّار/  اخترنا لكم من اراجيك...
بقلم: تركي المالكي الحياة مليئة بالجمال وا...
اخترنا لكم هدى قضاض- اراجيك  يعد ا...
منوعات
نغم كراجه/غزة يواجه الشباب صعوبة في إيجاد...
رغد السقا/غزة يمر ذوي الإعاقة بظروف نفسية...
سها سكر/غزة "لا تحسَبِ المجدَ تمرًا أ...
نغم كراجة/غزة "أمي لم تفِ بوعدها، أخب...
إسراء صلاح/غزة هنا غزة المدينة المنكوب...
عرين سنقرط/القدس ربما قطار الفرح في مدينتي...