حزن مبتذل وغزال شجاع!

2016-12-28 07:13:25

علاء الريماوي/ رام الله

هناك الكثير من الأحداث التي ترغمنا على فعل ما لا نجيده، فكل الأمور التي تصيبنا سواء أكانت إيجابية أو سلبية تدفعك للقيام بأمر لم تكن تتوقع أنك قادر على القيام به، بغض النظر عن حساسية الموقف من عدمه.

في الوقت الذي كنت أشاهد فيه التلفاز وخصوصا قناة "ناشيونال جيوغرافيك" شاهدت بعض اللقطات من فيلم وثائقي وثقت به الحياة البرية. وعرض الفيلم تجربة مصورين عندما كانا يجوبان في إحدى الغابات بصحبة حراس المحمية، فالتقطت آلة تصويرهم مشهدا يكاد أن يكون مشابها لما يصيب عالمنا العربي والإسلامي في هذه الأوقات.

كان على حافة الطريق غزال حديث الولادة، ومن المعروف أن الغزلان حديثة الولادة تحتاج لأسبوعين على الأقل للوقوف على أقدامها، وفي تلك اللحظة شاهد المصوران قرد البابون يهاجم الغزال الصغير وتبعته مجموعة من القردة في محاولة لافتراسه، هنا انطلقت غريزة الأمومة عند الغزالة الأم لتهاجم القردة في محاولة لإنقاذ ابنها، مع أن القردة من هذا النوع خطيرة جدا وهي تعي ذلك؛ لكن الغريزة هي الغريزة كما نعلم.

ما شدني لهذا المشهد، تلك الدراما التي صاغها المصوران في كلماتهم عن مدى التأثر من الموقف وهم في غاية الحزن، كون الغزال الصغير عاجزا وليس لأمه  حول ولا قوة، وهو ما تعاني منه الإنسانية في هذا الوقت، فنحن اكتفينا بالحديث عن حزننا والتعبير عن مدى أسفنا بما يحدث من قتل في العالم العربي بشكل عام وما يحدث في حلب بشكل خاص، اكتفينا بالتعبير عن حزننا في نشر تغريدة أو بوست على مواقع التواصل الاجتماعي وبجانبه وجه هزلي حزين، ولعل ما يجعلنا نفقد إنسانيتنا بشكل أكبر  هو جدلنا اللامتناهي عن الظالم والمظلوم، فأنصار النظام يبررون وأنصار المعارضة يبررون، ولكن من يبرر قتل الأطفال والنساء والشيوخ في سوريا، توقفنا بعض الشكليات والتناقضات الاجتماعية والسياسية لنلجأ للعنف الأخلاقي في تبرئة من نريد واتهام من نريد.

نظرة المصوران للغزال الذي وقف على قدميه  للهروب من المصير المأساوي الذي خالف الواقع الذي ينفي بأن مولود الغزال بحاجة لأسبوعين للوقوف على قدميه، مما دفع الغزال لتحدي نفسه محاولا بعزيمة عندما رأى أمه تحاول.

ألا يثير ذلك الشعور الإنساني المفقود لدينا؟ قد تكون الوقفة لجانب الشعب السوري والعراقي  والليبي والمحاولة لإيجاد الحلول من الشعب لا من الدول والقادة  الذين يخرجون بتصريحاتهم على التلفاز.

أتحدث هنا عن الإنسانية والجدوى منها ومدى أهميتها، لا يهمني تلك القضايا السياسية العالقة الآن، فلعل الدماء وصلت إلى الركب في بلادنا ولم يعد يجدي الكلام نفعا.

يبدو أننا وصلنا لمرحلة ما بعد شريعة الغاب فلا فرق بين حياتنا وحياة الحيوانات؛  فالقوي يقتل الضعيف فليس له مكان، ولكن الغاب حافظ على الغريزة  والتي افتقدناها نحن، فغريزة العروبة حذفت من قاموسنا الإنساني، فلا حديث عن القومية ولا حديث عن الإنسانية، ما يشغلنا اليوم سياسات الدول والمال لا غير، ما الضير في أن نكون مثل ذلك الغزال ونحاول فعل ما نستطيع لعلنا نحيا بكرامة أو أن نموت واقفين كما الغزال الصغير.

اخترنا لكم
عماد ابو الفتوح عندما عرفت أن الرواية القا...
سلمى أمين هل تمنّيت يومًا أن تتحدّث أكثر م...
 هند الجندي ينظر معظم الناس للأذكياء...
لينا العطّار/  اخترنا لكم من اراجيك...
بقلم: تركي المالكي الحياة مليئة بالجمال وا...
اخترنا لكم هدى قضاض- اراجيك  يعد ا...
منوعات
نغم كراجه/غزة يواجه الشباب صعوبة في إيجاد...
رغد السقا/غزة يمر ذوي الإعاقة بظروف نفسية...
سها سكر/غزة "لا تحسَبِ المجدَ تمرًا أ...
نغم كراجة/غزة "أمي لم تفِ بوعدها، أخب...
إسراء صلاح/غزة هنا غزة المدينة المنكوب...
عرين سنقرط/القدس ربما قطار الفرح في مدينتي...