هل هي انتفاضة ثالثة على عتبات تاريخنا المزدحم؟

2018-12-24 06:46:33

جنى سليمان نصار/ كفرنعمة،

ربما ومع تلك الأحداث التي تُسابق الزمن أصبح الجواب على هذا السؤال أصعب مما تخيلناه، هذا إن استطعنا أن نتخيله. لقد كانت هذه الوقائع في اليومين الماضيين كفيلة بأن تفتح الجرح في ذاكرة الشعب الفلسطيني، ذلك الجرح الذي جبَره التاريخ بالنسيان، جبره بأفعال بخسة كان هدفها أن تعصب عيوننا عن الحقيقة، عن الواقع الشنيع الذي بتنا نعيشه، أو الذي عشناه منذ عقود ممتدة إلى المجهول.

يومان كانا كفيلين بأن يرى الشعب، صغيرهم وكبيرهم قصصاً تقشعر الأنفس لسماعها؛ "استشهاد شاب 18 عاماً من مخيم الجلزون"، "تفجير منزل عائلة في مخيم الأمعري لتكون المرة الثالثة التي يهدم بها"، "مواجهات بين الشبان وجيش الاحتلال في رام الله"، "اضراب شامل في رام الله حداداً على أرواح الشهداء"، "مظاهرات في مدينة الخليل"، "قطعان مستوطنون يهاجمون سائق حافلة"، "اعتقال طفل في الثالثة عشر من العمر"، " استشهاد....."، وإلى آخره من تلك الأخبار.

لكني الآن أخط كلماتي ببالغ الأسى معزياً بكل شهداء وطني، أكتبه من قريتي التي لم يمض على مداهمة الجيش لها أربع وعشرون ساعة، أكتبه وأنا أحبس دمعة أوشكت على السقوط بسبب الحال التي آل إليها أبناء وطني، من أطفال ميتمين، من نساء أرامل، من بيوتٍ لا تخلو من شهيد أو أسير أو جريح، من حياة أصبحت كالكابوس ... ننتظر بفارغ صبرنا أن نستيقظ منه على صوت إعلان تحررنا من محتل أذاقنا وما يزال يذيقنا الويلات.

أما نحن، فمهما ضيق الاحتلال الخناق علينا، ومهما نكّل بنا، ومهما ومهما ومهما، سنبقى شعب الجبارين. إن أغلقو الطرق فإن بيوتنا مفتوحة لكل الشعب. إن هدموا المنزل نعيد بناء عشرة أمثاله، إن قتلوا أحداً نزُفُّه زفة الشهيد، إن جرحوا أحداً نداويه ونستمد من ألمه الجرأة والقوة لنواجه بقلب أقوى وبهمةٍ أكبر.

لفتني قول أبي مرة عندما ضاعت إحدى الكوفيات في المنزل "يابا وطن كامل ضاع، ما وقفت ع كوفية "، أقول وبعد أن رأيت الكثير الذي جعلني أفهم الحقيقة، إننا كما نسترد أشياءنا الضائعة، سنسترد وطننا المسلوب، سنسترد حقوقنا... أبسطها قبل أكبرها. لقد شهد جيلنا على لامنطقية الأمس، وهمجية اليوم، وخوف الغد. فليس لأحد أن يقول لا أعلم كيف ستنشأ الأجيال القادمة وسط كل هذا التطبيع والوئام مع العدو التاريخي الغاصب، لأننا نرضع الثورية والمقاومة مع الحليب منذ نعومة أظافرنا. نحن جيل سيقف على قدميه إن تخاذلت كل الحكومات العربية والمحافل الدولية عن نشدتها. لأن القوة والإجراءات التعسفية القمعية التي نعاشها والتي أصبحت روتيناً يومياً هي التي تخلق المقاومة.

في وطني سترى طفلاً ذا عامين يلعب لعبة الجنود والحرب متقمصاً الواقع الذي لم يرَ منه إلا القليل، في وطني سترى النساء قبل الرجال يسرعون في تلبية صرخات أرضنا المغتصبة ، في وطني سترى أطفالاً يقفون أمام جنود مسلحين، وهم لا يحملون بأيديهم إلا الحجر وعلم بلادي، في وطني سترى أماً جميع أبنائها معتقلين أو شهداء وتقول "أولادي وبيتي فدا الوطن والمقاومة"، في وطني سترى الأسرى يبتسمون وهم يُعتقلون، في وطني ستجد عجوزاً يروي لأحفاده قصص التاريخ والنكبة والإنتفاضة والثورة بدلاً من قصة "ليلى والذئب"، في وطني سترى شباباً يتسابقون للشهادة، في وطني سترى المقاومة بكل أشكالها، في وطني سترى أعجوبة الدنيا الثامنة.

أما أنا، فإنني فتاة من وطنٍ سيكتشف الجميع أن المزعومة إسرائيل تمكنت من احتلال كل الوطن العربي لكنها ما زالت تحاول أن تحتله .. فيا نبض الضفة لا تهدأ أعلنها ثورة.

 

- صورة من الإنترنت.

اخترنا لكم
عماد ابو الفتوح عندما عرفت أن الرواية القا...
سلمى أمين هل تمنّيت يومًا أن تتحدّث أكثر م...
 هند الجندي ينظر معظم الناس للأذكياء...
لينا العطّار/  اخترنا لكم من اراجيك...
بقلم: تركي المالكي الحياة مليئة بالجمال وا...
اخترنا لكم هدى قضاض- اراجيك  يعد ا...
منوعات
نغم كراجه/غزة يواجه الشباب صعوبة في إيجاد...
رغد السقا/غزة يمر ذوي الإعاقة بظروف نفسية...
سها سكر/غزة "لا تحسَبِ المجدَ تمرًا أ...
نغم كراجة/غزة "أمي لم تفِ بوعدها، أخب...
إسراء صلاح/غزة هنا غزة المدينة المنكوب...
عرين سنقرط/القدس ربما قطار الفرح في مدينتي...