عروس المتوسط تحول إلى عانس بأيدي المسئولين

2017-04-08 13:11:04

سوزي حيدر/ مصر

أجمل أيام الطفولة والصبا كان يقضيها المواطنين في مصر على شواطئ الإسكندرية، والتي كانت تتميز برمالها الدافئة، وهوائها المنعش، وأمواجها الرقيقة الممتزجة بالضحكات والصيحات ودفئ العائلات.

في كل حي داخل المحافظ هناك شاطئ يطلق عليه اسمه، والمصطافين باتوا من أهاليه، فهم يأتون لنفس المكان كل عام، مما جعلهم يشعرون بعلاقات الود والصداقة مع السكان الأصليين، بحيث لا يستطيع أحد التفرقة بين المصطافين وأبناء المدينة، الجميع يأتي للشاطئ حاملاً الشمسية والكراسي، وإن لم يمتلكهم فمن السهل تأجيرهم من مسئول الشاطئ، الذي يجلس به داخل برج المراقبة"الغطاس"، حاملاً صفارة الإنذار ليراقب الجميع ويطلق الصفارة معلنناً تجاوز حد الأمان.

حلم بعيد المنال

كان كل شاطئ يشهد بداية قصة حب ونهايتها بزواج سعيد والجميع في زفة العروسين من أبناء شاطئ واحد ويقام الحفل  في كازينو الشاطئ ومن أشهر هذه الكازينوهات كان كازينو "لإكورتا" في منطقة سيدى جابر، والذى تم هدمه للمنفعة العامة، وكازينو "الشاطئ" الوحيد الذي بقى شامخاً ليذكر المصرين بزمن الإسكندرية الجميل.

وعندما قرر محافظ الإسكندرية الأسبق عبد السلام المحجوب، أن يهدى أهالي الإسكندرية تطوير " طريق الجيش" وهو الشارع الرئيس الذي يربط  أحياء الإسكندرية بالشاطئ  من قلعة قايتباى في  بحري وحتى  قصر المنتزه، وعد الأهالي أيضاً بتطوير الشواطئ لتليق بأهل الإسكندرية وزائريها، ولكن للأسف ترك الإسكندرية قبل أن ينهى المشروع.

ووقعت الشواطئ فريسة الفساد الذي إستشرى في ربوع الإسكندرية وزحف إلى شواطئها ليخفي معالمها وتصبح كتل خرسانية تحجب الرؤية عن الجميع وانتهت أسطورة شاطئ الحي لتظهر كافتيريات الحي المسيطر عليها بلطجية يتحكمون في خلق الله بأسعار لا يستطيع دفعها لا المصطافين ولا الأهالي.

ثم ابتدعت النقابات ما يسمى بنادي الشاطئ لتجور كلاً منها على قطعة كبيرة من الشاطئ ثم الكافيهات الشهيرة وكأن الشاطئ تحول للمنفعة الخاصة بأصحاب المال والنفوذ لا المنفعة العامة، ويصبح حلم التطوير "بعيد المنال".

البديل القاتل

وفي عام 2013 استأجر صاحب كافيه شهير لسان جليم، وزرعه بالأشجار، وتحول إلى كافتيريا بها مكتبة للقراءة، ومكان مخصص للأطفال، ومكان أخر كان ينوي تحويله إلى ما يشبه ساقية الصاوي، وقبل الافتتاح بيومين قامت القوات المسلحة بالتعاون مع محافظة الإسكندرية بهدم هذا المكان تنفيذاً لنص دستوري يمنع البناء على الشاطئ وحجب الرؤية.

وفي 2017 فوجئ أهالي الإسكندرية برصف شاطئ الشاطبي، وجعله كراج للسيارات التابعة لكازينو الشاطبي، والذي تم تأجيره منذ 2010 ومنذ 7 سنوات كان صاحبة يقوم بأعمال ترميم ولكن للأسف لم تكن أعمال ترميم، بل أعمال تخريب، فذلك المكان تم أنشاؤه عام 1956 على عدة أعمدة تتم صيانتها بشكل دوري حتى لا ينحر البحر في بدن الكازينو، لكن المستأجر قام بالردم على الأعمدة وجعله يقف على صبه خرسانية ملاصقة للأمواج، وما زاد الأمر سوءًا، هو ردم الشاطئ وتحويله إلى كراج، وعندما أشتكى الأهالي لهيئة السياحة والمصايف كان رد اللواء أحمد حجازي، رئيس إدارة السياحة والمصايف، "أنه لم يكن شاطئ أصلاً، لأنه ملئ بالصخور، وما الضرر في وجود كراج تابع للكازينو".

أما صاحب حق الانتفاع في كازينو الشاطبي، مصطفي الحداد، أكد على أن كافة الأعمال تم الموافقة عليها من الجهات المعنية، وإنه 16 متر عرض، لم يردم الشاطئ، بل تم "صب" الخرسانة على الممشى العام المخصص للعامة بموافقة كافة الجهات المعنية، وذلك بعد جدولة المديونيات المستحقة عليه، فهو صاحب حق الانتفاع لمدة 15 عام لاستغلال الكازينو والمنطقة من شاطئ الشاطبي إلى السلسة حسب كراسة الشروط في 2010، ليقتل المالك شاطئ مهم من شواطئ الإسكندرية.

دعوى قضائية

ورداً على ما سبق ذكره، رفع هشام رجب المحامى، دعوى قضائية، أختصم فيها كلاً من مصطفي الحداد صاحب حق الانتفاع، واللواء أحمد حجازي رئيس هيئة السياحة والمصايف بصفته، والدكتور محمد سلطان محافظ الإسكندرية بصفته، قائلًا أنه تم التعدي على شاطئ البحر وتجريف رماله، والتعدي على الممشى الرياضي المخصص للمنفعة العامة، بالإضافة لردم مياه البحر لمسافة تقل عن 200 متر   عن منسوب الشارع وتغير الشكل الهندسي للكازينو لا ترميمه، حيث أنه كان محمول على أعمدة مزروعة في المياه بهدف أن يتساوى منصوب الصرف الصحي للكازينو مع منسوب الصرف الصحي بالشارع حتى لا يتم الصرف بالبحر.

وأضاف رجب في دعواه أن المستثمر غير من هذا الشكل، وصب خرسانة بدل الأعمدة مما يشكل خطرًا داهماً على "بدن الكازينو" وتعرضه لنحر البحر من جهة، ويعرض البحر للتلوث البيئي بسبب صرف مياه الصرف في البحر مباشرةً دون معالجة مخالفاً  بذلك قانون 12 لسنة 1984 الخاص بحماية الري والمصارف، وكذلك مخالفة المادة 86 التي تحظر أي إضرار بالبيئة أو التعدي على المصارف والترنشات وتلويث مياه البحر والمياه الجوفية بمياه الصرف.

وأعلن المحافظ إحالة الأمر برمته ببلاغ رسمي إلى هيئة الرقابة الإدارية، لتتولى التحقيق في ملابسات الموقف، والذي ينص الدستور عليه في المادة 45 على  أنه  "تلتزم الدولة بحماية  بحارها و شواطئها و بحيراتها وممراتها المائية ومحميتها الطبيعية ويحظر التعدي عليها، أو تلويثها أو استخدامها فيما ينافي مع مع طبيعتها ، وحق  كل مواطن في التمتع بها مكفول".

 

اخترنا لكم
عماد ابو الفتوح عندما عرفت أن الرواية القا...
سلمى أمين هل تمنّيت يومًا أن تتحدّث أكثر م...
 هند الجندي ينظر معظم الناس للأذكياء...
لينا العطّار/  اخترنا لكم من اراجيك...
بقلم: تركي المالكي الحياة مليئة بالجمال وا...
اخترنا لكم هدى قضاض- اراجيك  يعد ا...
منوعات
نغم كراجه/غزة يواجه الشباب صعوبة في إيجاد...
رغد السقا/غزة يمر ذوي الإعاقة بظروف نفسية...
سها سكر/غزة "لا تحسَبِ المجدَ تمرًا أ...
نغم كراجة/غزة "أمي لم تفِ بوعدها، أخب...
إسراء صلاح/غزة هنا غزة المدينة المنكوب...
عرين سنقرط/القدس ربما قطار الفرح في مدينتي...