دعاء الشوامرة/ رام الله
تحت عنوان "أُهل في مشغل الأوبوا في إميلي، طارق سيطبق شركته في فلسطين" كتبت جريدة "الجمهورية" الفرنسية عن طارق جبارين، وسلطت الضوء على دراسته وخبرته وأعماله وخططه المستقبلية، وطارق جبارين ليس اسما مألوفا لدى الكثيرين، ولكنه حتما سيصبح كذلك ذات يوم، فهو وقد وصل إلى سن الثالثة والعشرين، يعرف عنه حبه للموسيقى، وشغفه بها منذ أن كان طفلا، وهذا الحب سيجعل منه أول صانع للآلات الموسيقية النفخية في فلسطين.
بداية مشواره
لقد بدأ جبارين مشواره الموسيقي بتعلم العزف على الجيتار في جمعية الكمنجاتي، ثم على آلة الأوبوا، حيث علق قائلا: "بعد أن سافر أستاذي الذي كان يعلمني العزف على الجيتار، بدأت أتعلم العزف على الأوبوا وهي آلة نفخ، إلا أن عطلا ما حصل في الآلة جعلني أتوقف عن ذلك، فلم يكن أحد قادرا على تصليح مثل تلك آلات".
ويتابع جبارين: "حضر إلى المعهد أستاذ فرنسي، تعلمت منه كيفية تصليح الآلات النفخية والريش، مما منحني حافزا لتعلم تصليح الآلات الموسيقية وصيانتها في الجامعة واحترافها كمهنة".
من فرنسا إلى فلسطين
درس طارق تصليح الآلات الموسيقية في جامعة ميان بفرنسا، وحصل على الدبلوم في 2013، كما حصل على دبلوم آخر في علوم صناعة آلات النفخ الخشبية من معهد لومو للتكنولوجيا والمهن الموسيقية الفرنسي في 2014، ثم عاد إلى فلسطين ليضع خبرته فيها، آملا أن يجد الفرصة التي تلبي طموحه.
ويمارس مهنته في مشغلة الصغير المتواضع ذي الإمكانيات البسيطة، حيث يقوم بتصنيع الآلات الموسيقية المختلفة.
سعير أول آلة كلارينت
وقد قام جبارين بصنع أول آلة كلارينيت في فلسطين بتوقيع سعير باللغة الإنجليزية "SAAER"؛ نسبة إلى بلدة سعير؛ مسقط رأسه في محافظة الخليل. وقام بتسجيلها في الغرفة التجارية الصناعية في فرنسا. إضافة إلى صناعة الكلارينيت، يقوم جبارين بصناعة كل من الفلوت، والساكسفون، والناي التركي والشرقي، وبعض إكسسوارات الآلات؛ كأعواد تنظيف آلات النفخ، وأقواس الكمنجة.
ويحضر طارق معدات التصنيع والمواد الخام اللازمة من فرنسا، ويصنع بعضها نظرا لصعوبة استيرادها لسد ولو جزء بسيط من احتياج السوق الفلسطينية في ظل ندرة الكوادر البشرية المؤهلة صناعة وتصليح وصيانة الآلات الموسيقية في فلسطين، خاصة مع ارتفاع تكلفة التصليح في إسرائيل التي تحتكر ذلك، وتسرق بعض القطع الأصلية، وتستبدلها بقطع قديمة وأقل جودة، حسب جبارين.
وقد أكد جورج معلوف؛ صاحب محل نغم للموسيقى في مدينة رام الله، أنه يضطر في كثير من الأحيان إلى إرسال الآلات الموسيقية إلى إسرائيل لتصليحها، خاصة الآلات الإلكترونية منها، وأضاف قائلا: "لا يوجد من يستطيع تصليح الأورج على سبيل المثال، وهو آلة إلكترونية، كما إن تكلفة التصليح وقطع الغيار مكلفة جدا في إسرائيل، ولكننا مضطرون إلى ذلك".
وعن الآلات الخشبية والنفخية يقول معلوف: "لدينا بديل في الكمنجاتي التي قامت بتأهيل بعض الكوادر لذلك، ولكن لا نزال بحاجة لأعداد أكبر من تلك الموجودة، إن كنا نرغب بمستقبل أفضل للموسيقى في بلادنا".
الكيفية والتكلفة
أما عن كيفية صناعة الآلات الموسيقية وتكلفتها فيقول جبارين: "إن تكلفة صناعة مثل هذه الآلات تعتمد على نوع المادة المستخدمة وطريقة التصنيع، فالكلارينت مثلا تبلغ تكلفة تصنيعة 320 يورو، ما بين مواد خام وأياد عاملة، والوقت والجهد اللازمين لذلك". ويتابع: "لقد استغرقتني صناعة آلة الكلارينت عامين ما بين تحضير ورسم ودراسة صوت وتحديد مواقع الفتحات والتجريب والتطبيق؛ مستعينا بالحاسوب، حيث أقوم بتخطيط الآلة الموسيقية عليه برسم ثلاثي الأبعاد بدقة، قبل أن أنفذه يدويا".
علاوة على ذلك فإن لطارق خبرة في العزف على العديد من الآلات الموسيقية، حيث يقول: "لقد ساعدتني خبرتي في العزف على العديد من الآلات الموسيقية على اختبار الآلة وتجريبها وتقييمها عند صناعتها أو تصليحها بدلا من إرسالها لعازف متخصص، ما قد يوفر الوقت والجهد والتكلفة".
مشكلة التمويل
ويرفض طارق فكرة وجود ممولين ومسوقين للآلات الموسيقية التي يصنعها؛ لما تفرضه الجهات الممولة من شروط تشكل عبئا عليه، ويفضل البحث عن مشاريع إنتاجية بدلا من ذلك. وبناء عليه يعمل طارق الآن من ورشته، إلى أن تأتيه الفرصة التي يصبو إليها؛ فهو يحلم بإطلاق شركة فلسطينية لصناعة الآلات الموسيقية وصيانتها، تقدم الخدمات الموسيقية المختلفة، وتدرب الكوادر اللازمة لذلك.