آلاء مرار/ رام الله
لست المتفرد بمشاكلك وهمومك وآهاتك وآلامك، بمرضك وسقمك وإعيائك، فأمك وأخوك وصديقك وجارك، وحتى ذاك الغريب عنك، يواجه الأمر ذاته، لست الوحيد الذي تمنى ولم ينل ما تمنى، ولا الذي حلم ولم يحقق حلمه. لم تكن الوحيد، لكنك كنت الأكثر تذمرا وسخطا ونقمة على قدرك وعلى من حولك، بت في فراشك تنتظر معجزة تحقق أحلامك، فتقاعستَ واستسلمت.نظرت للكثيرين قائلا في ذاتك: فلان يملك سيارة وبيتا ووظيفة، وزوجة جميلة وأبناء ذكورا، لكني أعمل براتب زهيد، وزوجتي قبيحة، وأنجبت لي فتاة.
ما هذا القدر؟ ولماذا حظي متعثر هكذا؟ متى سأنجب الذكور، متى سيناديني مجتمعي بأبو فلان، اشتقت لابن وتعبت من نظرة الناس الدونية نحوي ونحو طفلتي، وتمنيت مرارا لو أن القدر لم يرزقني بها!
هذا الرجل، ولست بصدد ذكر اسمه هنا، ولا الشرح عنه أكثر، موجود قريبا من كل شخص منا، كلنا ننقم، ونتساءل لماذا حرمنا دون غيرنا؟ لماذا نمتحن بطريقة أو بأخرى؟ لماذا لا زلنا واقفين مكاننا منذ سنوات عديدة؟ لماذا يملك آخر ونحرم نحن؟ وكلنا يملك النظرة ذاتها للآخر؛ فبالإضافة لعدم رضانا عن ذواتنا، ترانا نوجه فراغنا وغضبنا وغصتنا المجتمعية للآخرين، فنتدخل بطريقة مقززة بحياتهم، نسألهم أسئلة جارحة، مثل: ما توظفت؟ ما تزوجت؟ ما نجحت؟ ما أنجبت؟ ما اشتريت بيتا؟ ما عندك سيارة؟ حتى يتمنوا لو أنهم لم يلتقوا بنا كما تمنينا لو لم نلتق بآخر سألنا ما يشبه هذه الأسئلة، وينظر إلينا بذات النظرات المحبطة.
في المحصلة، وبما أننا جميعا في الأمر سواسية، ولسنا كاملين، فإن الانتقاص يعترينا في جانب أو آخر، لماذا إذن لا نكتفي بذواتنا، وننظر إليها بعمق، نصحح أخطاءنا، ونحاول ملء فراغنا بهواية أحببناها، بمحبة صادقة لمن حولنا، بروح تنوي التغيير لا التقاعس، السعي والعمل لا اللوم، التحدي والإصرار والاقتداء بالذي وصل لمبتغاه، بطريقة محببة متزنة لا حاقدة مبغضة.
كفانا جهلا وضعفا وإحباطا، ولنواجه حياتنا بكل قوة وتحد وإصرار، فقد خلقنا لنعمل ونجتهد ونسعى ونترك أثرا جميلا وندع الآخر وشأنه ولنمض.