حمزة درويش/ رام الله
كنا دائما في سن الطفولة نتصارع مع الظروف والأهل لنثبت أننا أصبحنا كبارا قادرين على مواجهة المصاعب، ولا نخاف، ونريد بأي طريقة أن نعامل ونتحرك كما يتحرك الكبار. ولكن للأسف هذا الشعور في عمر الشباب أصبح معكوسا، وأصبحنا نقول: ليتنا ما كبرنا.
أفكر كثيرا بالماضي، أفكر بحضن أمي وانا أبكي بين ذراعيها أريد أن ألعب بالكرة، وهي تخاف علي أن أقع وأوذي نفسي. أفكر عندما كنت أجلس على طاولة الطعام، وأسمع صوت طائرة في الجو تجعلني أخرج بسرعة وأركض تحتها أناديها لتأتي، كانت لذة رؤيتها أجمل من أي شيء أراه اليوم في شبابي.
تمنيت أن أرجع طفلا تضربه أمه فيضحك ويهرب، ولكن اليوم من منا تصرخ أمه في وجهه فيسكت. تمنيت أن أعود طفلا يلعب بالرمال والحجارة؛ ذلك الطفل الذي كان يجعل من الحجارة بيتا ويرسم من الرمال أرضا، تمنيت في زمن التكنولوجيا لو أرجع طفلا يلعب ويضحك وراء كرة قدم بثمن قليل لا بهاتف ذكي ثمنه آلاف الشواقل.
ما زلت لأذكر عصا معلمي؛ تلك العصا التي كان يسميها الحنونة، يضربنا بها كل صباح ومساء حتى نحفظ الدرس، وأتمنى أن ترجع تلك الحنون التي جعلتني أصل إلى هنا؛ أتعلم وأدرس، كانت تجبرني على السهر حتى الفجر أدرس وأسعى لنيل العلم خوفا منها... ياليتنا ما كبرنا! لأننا أصبحنا في زمن يضرب فيه المعلم ويهان، ويحرم الكرامة والاحترام.
تمنيت أيضا لو ترجع تلك النشرة الإخبارية التي تنقل أخبار العرب؛ العرب الأشقاء، لا أخبار اليوم التي تسير كلها بأجندة مجندة لتدمير العرب. وفي النهاية تمنيت أمنيتين: الأولى؛ يا ليت الزمن يرجع فينا كي لا أخالط أو اتصل بأصدقاء طعنوني في ظهري، ورموني في منتصف الطريق. والثانية؛ تمنيت فيها لو أني لم أتمن لأنني في أمنياتي فتحت جروحا عادت بي لزمان آه ما أجمله! لذلك سيعلم الأطفال غدا كم هو جميل أن يظلوا أطفالا!