نرمين حبوش/ غزة
مي عبد الله أبو الهنود، ولدت في مدينة غزة، وتقطن في دولة الإمارات العربية المتحدة، وهي أم لثلاثة أطفال، وزوجة لرجل عظيم يساندها في كل شيء، تخرجت في الجامعة الإسلامية، بكلية التربية، قسم الإرشاد النفسي والتوجيه التربوي، وعملت كمرشدة في مدرسة أحمد شوقي الثانوية للبنات في غزة، كما كانت مدربة في الهيئة الفلسطينية للإعلام وتفعيل دور الشباب "بيالارا"، وتعمل حاليا أخصائية نفسية تربوية في مركز نور الأحلام بالإمارات.
ويعتبر الإصرار هو لغة تواصلها مع ذاتها لتحقيق طموحاتها، بعد ان أنهت العديد من الدورات التدريبية، وحصلت على دبلوم مدرب محترف معتمد، ودبلوم برمجة لغوية عصبية، ودبلوم الذكاء العاطفي، والمهارات الحديثة في التعامل مع الأطفال في "إيلاف ترين" بالإمارات، وقائمة الدورات التي أنهتها تطول، مما أكسبها خبرات متعددة في كثير من المجالات.
أسرتها نواة نجاحها
وكان لذويها تأثير كبير على نشأتها منذ الطفولة، فبقربهما منها ومناقشتهما في شتى التفاصيل المختلفة، تبلورت لديها شخصية قوية واثقة تتطلع للمزيد دوما، وهنا تقول أبو الهنود: "كان والدي يعطيني حلولا عملية ويكسبني مزيدا من الثقة، وفي نفس الوقت كان يكبح جماح اندفاعي لحكمة رآها ولم أرها في ذلك الوقت، والتي استشعرتها وتبينت معي بمرور الوقت".
ولم تكن الرسوم الكرتونية تجذبها كباقي الأطفال بقدر شغفها بكتابة الشعر، وتأليف المسرحيات، وإتقان فن الإلقاء والخطابة، والتصوير، فهي منذ صغرها تتابع نشرات الأخبار، وتناقش والدها وأصدقاءه في كل ما تشاهده. وتقول: "كنت أطمح منذ الطفولة أن أكون مؤثرة أصنع التغيير الإيجابي في المجتمع، ولكن عائلتي كان تخشي علي من ظلم المجتمع، فأتحول لضحية جهله؛ كونه مجتمعا غير مؤهل لاستقبال الشخصيات النسوية المؤثرة". وتضيف: "لم أشعر بالخوف من أن أكون ضحية، لأني سأكون اللبنة الأساس لصنع التغيير في المجتمع".
التنمية البشرية في حياتها
يقول أرسطو: "كل أزهار الغد متوفرة في بذور اليوم، وكل نتائج الغد متوفرة في أفكار اليوم". قالت هذه المقولة، وأضافت: "بيالارا هي البذرة التي زرعت في حب التدريب للانطلاق إلى ميادين التنمية البشرية"، وتتابع: "هي بيتي وأسرتي الثانية، فيها أشخاص تركوا أثرا كبيرا في نفسي وتعلمت منهم الكثير".
وترى أنه يجب علينا أن نسعى دائما لبناء الوعي الذاتي والعاطفي لدينا؛ لتنمية ذواتنا.
وتوضح أبو الهنود أن دراسة التنمية البشرية تروي شغفها بفهم العديد من الأمور الحياتية، فقد علمتها أنه ليس هناك مستحيل، ومهما كانت الصعوبات، فيمكن تجازوها لخلق واقع مختلف. وتقول: "أومن دائما أنه لا يجب على الإنسان أن يبحث عن السعادة، فما عليه إلا أن يستشعرها فحسب، وكل إنسان مسؤول عن خياراته".
رحلة إيلاف ترين
وعن تجربة أبو الهنود مع إيلاف ترين، التي تعتبرها من أروع التجارب التي غرست أفكارا ومعلومات وصححت مبادئ لديها، على يد أساتذة جامعيين، وأطباء يمتلكون عقولا نيرة أفنوا أعمارهم في التعلم، تقول: "التحقت بدورة تدريب مدربين عام 2015، وبذلت جهدا مضنيا لأصل إلى هدفي". وقد التحقت حينها بدورة "دبلوم تدريب محترف"، وتتابع: "كنت أصغر الأعضاء المنتسبين، مما أشعرني بالفخر كوني أشق طريقي مبكرة".
وواجهت رفض أستاذها محمد بدرة حين أرادت أن تكرر الدورة مرة أخرى، حيث قال لها حينها: "إن كنت سأراك في الدبلوم مرة أخرى، فستكونين مكاني هنا على المنصة"، وتتابع: "وذلك دفعا منه لأتقدم بخطى سريعة وقوية". ومنذ ذلك الحين بدأت أبو الهنود مشوارها للحصول على رتبة مدرب ممارس معتمد، بعد تحفيز وتشجيع قوي من الأستاذ "ماجد بن عفيف".
التحديات والمعيقات
إن ما يصنع الإنسان هو مقدار التحديات التي يواجهها، وبالنسبة لأبو هنود ففقد كانت الغربة صعبة، حيث تقول: "حين سافرت إلى الإمارات في بداية زواجي، كنت في السنة الأخيرة بالجامعة، وواجهتني صعوبة في العودة لقطاع غزة بهدف استكمال دراستي؛ بسبب الدوان الإسرائيلي المتكرر، وإغلاق معبر رفح الحدودي"، وتتابع: "لقد احتاجت السنة الأخيرة لي في الجامعة إلى أربع سنوات أخرى من عمري".
وتعتبر أن تحدي الأمومة والعمل معا لتبقى على المسار صعب، ولكن اهتمامها الأول لأبنائها أولا، ثم لمستقبلها الذي اختارته، وتقول: "أثريت حياتي بالدورات التدريبية، والقراءة والبحوث، حتى وصلت إلى مرحلة الانطلاق والنجاح من جديد".
هدف سام
"ليس كافيا أن تهدف إلى شيء ما، بل يجب أن تحقق الهدف" (روبرت اتش. شولر.
توضح أبو الهنود أنه لا بد من زرع ثقافة الإصرار لدى الشباب الفلسطيني، والعمل على مخاطبة إدراكهم وتوعيتهم؛ لحفزهم على وضع معايير واضحة لأهدافهم في الحياة. وتقول: "يجب أن يتم التغيير بخطى واضحة ومتوازنة، لأن التغيير الفوري دون وضع معايير، تصحبه انتكاسة سريعة وقوية".
وتعتبر أن أفضل ما يمكن أن تقوم به الفتيات المبادرات هو البدء في غرس القيم والمبادئ بأنفسهن، ثم في أسرهن، ثم الانطلاق إلى المجتمع". وترى أن ذلك سيخلق جيلا قادما حرا من العادات البالية.
وتوجه حديثها للشباب الغزي فتقول: "آمنوا بأنفسكم، وركزوا على أهدافكم؛ فقوة الإيمان تزيل الركام، وتصنع الأفكار، فترفع الهامات، وتبني الغد".
ليس هناك فشل، إنما هناك آلاف من المحاولات؛ فالفشل هو أن تكف عن المحاولة.