ابرياء لا ابناء حرام...فلتنزعوا عنهم تسمياتكم

2017-03-31 13:01:19

إسراء صلاح/غزة

كأمواج البحر أمضي، بين المتاهات السرابية التي باتت مسكني، أحلم بعائلتي التي ظلمتني وألقتني قطعة لحم بلا ذنب، كجرح يطعن في ّ بسكين المجتمع الظالم، فأصبح عنواني أبواب المساجد، حاويات القمامة، قاعات انتظار الحافلات، وأماكن تشبه تابوت الموت.

لم أختر اسمي بل نحته المجتمع على جبيني تحت مسمى "لقيط"، "ابن حرام"، "مجهول الهوية" "ابن زنا "...انزعوا عني أسماءكم التي سميتموني إياها؛ لأني بريء منها.

أبحث عن من يحمل صفاتي، أبحث عن أبي، عن صرخة أمي حينما أنجبتني. اخلع نعليك وأدخل إلى قلبي الطاهر كقطرات الندى المنسابة وقت الفجر؛ فلا تخرجوني من براءة الأطفال، أقسم أنها عنواني.

تلك هي العبارات التي قرأتها في عيون ذاك الطفل الذي يجلس أمام شاشة التلفاز، ويتابع قناة الأطفال، ببراءة الطفولة نظر تجاهي وشعر بالخوف، فهو غريب عن المكان الذي يقطن به، اقتربت منه ولامست يديه الناعمة، التي أعطته الشعور بالسكينة والاطمئنان، توحدنا بالإحساس، وأخذ يعزف على أوتار قلبي ترانيمَ حزينةً، نظراته كحمامة سلام حطت على كتفي بكل رقة فأسالت دموعي، تمالكت نفسي رغم الألم الذي اعتصر قلبي، نظر اتجاهي بحزن وكأنه مشفق علي، مسح دمعتي بابتسامه الجميلة.

  • قال لي: لم البكاء ؟  أجئت لتشاهدي التلفاز معي.
  • ضحكت وقلت: طبعا وهل يحلو التلفاز بدون طير من الجنة يجلس جواري.
  • قال: حسناً، أتريدين أن أغني لك أغنية جميلة ؟
  • قلت: أكون سعيدة جداً.

بدأت كلمات النشيد تصدح بصوت عذب جميل، احساس طفل بأجنحة الملائكة يحلق كأنه أهزوجة  موسيقية على أوتار ذهبية، ليصل إلى نشيد "يابابا أسناني واوا "، فجأة صمت في المكان وسؤال كسهمٍ رنان ؟ أين أبي؟

صمت قليلاً، تبعثرت حروفي، تاهت كلماتي، حاولت تجميعها ولكن تأخر الوقت، اختفى الطفل من أمامي وأغلق باب غرفته بكل قوة، ذهبت لإرضائه، ولكن المربية قالت اتركيه فهو طفل مزاجي عصبي، ولن تتمكني من ارضائه، وأعتذر منك فقد انتهت الزيارة، تمالكت نفسي وانقطعت سلسلة أفكاري، واستأذنت ثم خرجت من المكان.

ما ذنب هذا الطفل ليحمل الألم منذ الصغر؟ ما ذنبه لنقتل حب التعرف والاكتشاف لديه ؟"أين أبي" ؟ سؤال يتردد في ذاكرتي  كصوت الرعد المخيف المنذر بالغضب بين ضربات قلبه المتعبة، وبين أمواج أفكاري المتصارعة.

أتوسل لأصحاب النفوس المريضة لا تعتدوا على حرمات الله، لا تجعلوا نزواتكم سبباً في وجود طبقة ضائعة في المجتمع. ويا مجتمعي لا تنبذ ذاك الطفل بنظراتك القاتلة، فهو أطهر حبات البرد، ارحموا ضعف روحهم وقلة حيلتهم .

اخترنا لكم
عماد ابو الفتوح عندما عرفت أن الرواية القا...
سلمى أمين هل تمنّيت يومًا أن تتحدّث أكثر م...
 هند الجندي ينظر معظم الناس للأذكياء...
لينا العطّار/  اخترنا لكم من اراجيك...
بقلم: تركي المالكي الحياة مليئة بالجمال وا...
اخترنا لكم هدى قضاض- اراجيك  يعد ا...
منوعات
نغم كراجه/غزة يواجه الشباب صعوبة في إيجاد...
رغد السقا/غزة يمر ذوي الإعاقة بظروف نفسية...
سها سكر/غزة "لا تحسَبِ المجدَ تمرًا أ...
نغم كراجة/غزة "أمي لم تفِ بوعدها، أخب...
إسراء صلاح/غزة هنا غزة المدينة المنكوب...
عرين سنقرط/القدس ربما قطار الفرح في مدينتي...