تدوينة شاب: ذل وراتب زهيد خلال عملي في خمسة محلات

2016-07-13 16:15:50

كتب بلال الرفاعي من مدينة رام الله، 27 عاما، عن تجربة عمله- والذي اعتبرها مريرة- منذ تخرجه من جامعة القدس تخصص صحافة وإعلام وحتى الآن.

لماذا أفكر بالهجرة! "ليست بلادٌ أحقُ منكَ من بلاد، خيرُ البلادِ ما حملك". هذه القصص الموجزة جدا والتي ترونها في الأسفل سبب كافٍ لتخرج بنتيجة سلبية عن هذه البلاد، التي تَضِرب-بلا أية رحمة-بالسوط على ظهور أبنائها.

عملي الأول:

في مطبعةٍ ما. تخرجتُ من جامعتي، وكأي خريجٍ جديد يبحث عن وظيفة تقدمتُ لأكثر من مؤسسة لعل وعسى أن يلعب الحظ دوره، إلا أن انتظاري طال، ولكثرةِ ما دفعني ممن هم حولي أن " أسلك" في أي عمل حتى " يفرجها الله"، ساقتني " الأقدار" لأعمل في مطبعةٍ في منطقة بيتونيا، كان أجري لا يتعدى 1500 شيقلا غير قابل للزيادة حسب ما قاله المسؤول عن المطبعة. وللعلم فإن أجرة الذهاب والإياب كانت تكلفني يومياً (30) شيقلا، عدا عن مصروف الأكل الذي قد يكون بالحد الأدنى (10) شواقل، فلو حسبنا ما لي وما عليَّ لكانت كالتالي (40× 24 يوماً) = 960 شيقلا، ويبقى من المعاش 540 شيكل، ولكن هذا الصافي أيضا يتعكر في طريقه لدفع فواتير الماء والكهرباء وغيرها.

في النهاية ستدخر 50 شيقلا شهرياً؛ وبالتالي لا مجال لبناء أي مستقبل بهذا الرقم، إلا أنني قلت لا بأس " بنسلك"، وبالفعل بدأت العمل من السابعة صباحاً حتى الرابعة عصراً، في تجميع وترتيب أوراق الكتب وأنا وزملائي في العمل واقفين على أرجلنا، وكان المسؤول-وهو يعمل أيضا في مشفى رام الله-إذا رآنا جالسين ونحن نعمل أيضا عبر كاميراته في غرفتهِ يأتي ويبدأ بالتحجج بأننا لن ننجز العمل على هذه الحالة ونحن جالسين.

استمررنا في العمل. وفي يوم من الأيام كنا جالسين لتناول وجبة الإفطار، ويستمر بالذهاب والإياب من أمامنا وقت الفطور متأففا محاولا أن يجبرنا على الرجوع إلى العمل ونحن لم نتعدَ لحظتها (5) دقائق، فقلت له هناك قانون يعطي حق زمني للعامل لتناول وجبته، إلا أنه كررها ولأكثر من مرة في الايام التي تلتها، وأحيانا نعمل ساعات اضافية بلا أي مقابل، ومحاولات استفزاز كثيرة، حتى وصلت الأمور بيننا إلى أوجها؛ لأترك أنا وزميلي العمل قبل انتهاء أول شهر. لنتسلم معاشنا بعد شهر من تركنا له.

عملي الثاني:

في محلٍ لصنعِ الحلويات. عملت في محل لصنع الحلويات في منطقة قلنديا، في شهرِ رمضان ما قبل الأخير، وكنتُ تحديدا مسؤولا مع شخصِ أخر على الأفران، نخرج وندخل " السدور" من وإلى (6) أفران، واستمر الحال يوميا من الساعة (9 صباحاُ حتى 2 فجراً)، وكان " المعلم" شقيق زوجة صاحب المحل في المشغل لا يعطي مجالا لأحد بالاستراحة لأكثر من 5 دقائق، وهذا بحد ذاته ظلم لم يسبق له مثيل، وكنا قد اتفقنا معهم على أن يعطوننا زيادة على كل ساعة بعد الدوام الطبيعي، إلا أننا قد تفاجئنا بأنهم يعطوننا 1500 شيقل فقط لا غير. راجعناهم وقالوا نحن لم نتفق معكم على هذا الشيء وبدأ الصراخ من كلا الطرفين بلا أي نتيجة.

مع العلم بأن صاحب هذا المحل كان يأتي يوميا إلى المحل بأحدث أنواع السيارات، ولديه أكثر من (3) سيارات فخمة مختلفة الأنواع، وهو من قلقيلية وقيل لنا بأنه أسير سابق حكم مؤبدات وأفرج عنه!

عملي الثالث:

في مؤسسة إعلامية. عملت أيضاً بأجر (1500) شيقل في هذه المؤسسة لمدة شهر، وذلك بعد أن قرر صاحبها إيقافها آنذاك مؤقتا عن العمل وإعطاء إجازة غير مدفوعة الأجر للعاملين بها. ألا أن صاحب العمل لم يعطيني وأحد الزملاء كما بقيتهم معاشنا، فرفعت هاتفي واتصلت عليه ولم يرد على هاتفهِ لمدة لا تقل عن 15 يوما، شعرت بمحاولة نصب لذلك بعثت له برسالة مفادها " إذا لم اخذ معاشي خلال يومين فاعلم بأن الكاميرا التي لك ستكون البديل عنه وتحت ناظريك". ملاحظة: صاحب المؤسسة قال في أحد الأيام " لو كنت أريد أن أبني فيلا في رام الله لبنيتها الآن"!

عملي الرابع:

في مؤسسة ما! عملت منسقاً إعلاميا في إحدى المؤسسات في مدينة رام الله، وكنت مرتاحا بالعمل معهم، من الناحية المادية والنفسية، لمدة (8) اشهر، وسرحت و(35) موظفاً منها على إثر أزمةٍ مالية عصفت بالمؤسسة بعد قطع الممولين " حنفية" الدعم والتمويل، نتيجة توجه السلطة للأمم المتحدة لأخذ "عضو" في المؤسسات الدولية. بعد أن قام رئيس الوزراء آنذاك د.سلام فياض بايهام العالم بأننا "دولة" ذات اكتفاء ذاتي.

هذه المؤسسة كنت أرى نفسي بأني أحقق ذاتي بها.

عملي الخامس:

في محل ملاهي. وأخيراً وليس آخراً، في إحدى محلات الملاهي، كنتً عاملا وحيداً فيه، اقوم بكل واجباتي على أكمل وجه، بما أنني مؤتمن عليه في غياب صاحبه الذي يأتي بالأسبوع إلا مرتين غالباً، كان المحل يعج بالأطفال وصوت الماكينات التي لا يحتملها أحد من الزبائن، فماذا يمكن أن تقول لمن يبدأ بصباحيتهِ بإزعاجها! رغم مطالبتي لصحاب المحل بخفض صوت الماكينات ألا أنه كان يرفض لسبب أجهله. كنت اعمل من الساعة 9 صباحاً حتى 11 ليلاً وعلى مدار (7) أيام بالأسبوع، رغم طلبي لإجازة. (7) أيام لا أرى شمسا فيها ولا أهل، بلا راحة، بلا أكل، بلا مأوى سوى المحل ذاته وعلى معاش لا يتعدى 2000 شيقل فقط لا غير؟! كانت تذهب للمطعم بجانبي حتى أقوى على العمل. لم استمر سوى شهرين لأن السجن قد يكون أرحم من هذا عمل.

 ملاحظة: صاحب المحل رجل مقتدر له عقارات ومحلات أخرى.

 

اخترنا لكم
عماد ابو الفتوح عندما عرفت أن الرواية القا...
سلمى أمين هل تمنّيت يومًا أن تتحدّث أكثر م...
 هند الجندي ينظر معظم الناس للأذكياء...
لينا العطّار/  اخترنا لكم من اراجيك...
بقلم: تركي المالكي الحياة مليئة بالجمال وا...
اخترنا لكم هدى قضاض- اراجيك  يعد ا...
منوعات
نغم كراجه/غزة يواجه الشباب صعوبة في إيجاد...
رغد السقا/غزة يمر ذوي الإعاقة بظروف نفسية...
سها سكر/غزة "لا تحسَبِ المجدَ تمرًا أ...
نغم كراجة/غزة "أمي لم تفِ بوعدها، أخب...
إسراء صلاح/غزة هنا غزة المدينة المنكوب...
عرين سنقرط/القدس ربما قطار الفرح في مدينتي...