سوزي حيدر/ مصر
"أكره ما تقول ولكني سأدافع حتى الموت عن حقك في ان تقول ما تريد"، هذا ما قاله فولتير في وصف اهمية الدفاع عن حرية الرأي، وهو ايضا ما قامت بسببه ثورات مصر منذ ثورة عام 1919، وحتى ثورة كانون الثاني 2011، وموجتها الثانية في 30 حزيران.
وكان حضور المرأة المصرية في تلك الثورات بمثابة اليد الخفية التي دفعت ثمناً لهذه الحرية، دون ان ينتظرن كلمات شكر او تقدير، بل على العكس؛ فقد كان التنكيل والازدراء ببعضهن هو المقابل لما قدمنه دفاعا عن الحرية والكرامة الإنسانية.
وهناك نماذج بارزة لثائرات مصريات غيرن وجه التاريخ، من كليوباترا وحتشبسوت، مروراَ بهدى شعراوي ونبوية موسي، وحتى علا لطفي مؤسسة مستشفي 57357 وهبة السويدي صاحبة مؤسسة أهل مصر.
وفيما يلي مقطتفات نعرفكم من خلالها على ابرز مناضلات الثورات الحديثة بمصر:
هدى شعراوي
تزعمت هدى شعراوي الحركة النسوية منذ إشراقة صباح 20 آذار1919، في أول ثورة شعبية تحررية في التاريخ المصري الحديث، وفي أول ظهور للسيدات بالمسيرات المناضلة، كما وأسست شعراوي ما يسمى بالإتحاد النسائي المصري بعد ذلك. ومن ابرز المواقف التي اعلنت من خلالها شعراوي عن تمردها على طمس هويتها كإمرأة كانت عندما خلعت النقاب أثناء استقبال سعد زغلول عام 1921، حيث تحدثت شعراوي عن تلك الحادثة في مذكراتها قائلة:"رفعنا النقاب أنا و"سيزا نبراوى" وقرأنا الفاتحة ثم خطونا على سلم الباخرة مكشوفتي الوجه، وتلفتنا لنرى تأثير الوجه الذى يبدو ظاهرا لأول مرة بين الجموع فلم نجد له تأثيراً أبداً لأن كل الناس كانوا متوجهين نحو سعد متشوقين إلى طلعته".
ولم تلتفت زعيمة الحركة النسائية لسلطة المجتمع، ولا ما ينتظرها من ازدراء وتنكيل، وكانت في الصفوف الأولى في أحداث الثورة، ومعها الاتحاد النسائي وقُتل منهن الكثيرات.
وفي روما عام 1924 عقدت هدى شعراوي أول مؤتمر دولي للإتحاد النسائي، والذي تضمن كافة مبادئ الحرية والمساواة والكرامة الإنسانية وحقوق المرأة، ثم نادت بالإتحاد النسائي العربي، والذي تأسس في مؤتمر دولي عام 1944، بحضور مندوبات من كافة الدول العربية ورحبت به إنجلترا وأمريكا، وخصوصاً زوجة الرئيس الأمريكي روزفلت.
هبة السويدي
"إختلافنا لن يكون سببًا لخلافنا"
تلك الجملة التي اشتهرت بها أم الثوار أو "الأم تريزا المصرية"، هبة هلال السويدي، التي أسست جمعية أهل مصر، الطبيبة التي ولدت من أم سعودية وأب مصري له شهرة وباع في الأعمال الخيرية، حيث اتبعت نهجه واستكملته.
وعملت السويدي كطبيبة بالمستشفي الميداني أثناء ثورة 25 يناير، وعالجت على نفقتها أكثر من 1600 مصاب دونما تفرقة بين فصيل أو ائتلاف، وساهمت في صندق تبرعات رجال الأعمال والأطباء، وذلك من أجل رد جميل الثورة، كما ارسلت مجموعة من الشباب الذين اصيبوا خلال الثورة الى الخارج لتلقي العلاج على نفقتها الخاصة.
وتكفلت هبه السويدي بالرعاية النفسية أيضاً للمصابين، وكانت سندا للفتيات اللواتي تعرضن لكشوف العذرية إبان الفترة الانتقالية، ودافعت عن حقوقهن، وخصوصاً عندما رفعت سميرة إبراهيم، قضية على المجلس العسكري تطالب بحقها وكرامتها، التي أهدرت بالكشف عن عذريتها.
كما أسست الطبيبة الشهيرة بـ"لأم تريزا"، أول مستشفي لعلاج الحروق بالمجان، بعد أن خاضت تجربة صعبه في مساعدة النساء المصريات الأكثر عرضة للحريق والتشوهات المقصودة.
نوارة نجم
"الحرية لم تخلق إلا لمن يحملون أرواحهم على أكفهم"
هي نوارة الانتصار أحمد فؤاد نجم، إبنة لأثنين من الثوار المناضلين فأباها شاعر العامية الثوري، ووالدتها الكاتبة المناضلة صافيناز كاظم.
تعمل نوارة كاتبة صحفية ومترجمة بقناة النيل للمعلومات، اعتقلت والدتها وهى جنين في أحشائها، وولدت ووالدها بالمعتقل، أما هي فتم اعتقالها عام 1995، بسبب قيادتها مظاهرات اليساريين المناهضة لاشتراك إسرائيل في معرض صناعي أقيم في مصر، وقضت بسجن القناطر12 يوماً، لاقت خلالها إيذاء بدني ونفسي فخرجت لتدافع عن انتهاك حقوق الإنسان وتناضل في قضايا التعذيب.
أنشأت نوارة عام 2006 مدونة تحت مسمي "جبة التهييس الشعبية"، وكان شعارها "الحرية لم تخلق إلا لمن يحملون أرواحهم على أكفهم"، وفي عام 2010، بدأت بترجمة وثائق وكيليكس، ثم نشرتها في كتاب بعنوان "الوثائق التي هزت العالم.. وثائق ويكيليكس" بمساعدة الكاتب عبده البرماوي.
أما في ثورة 25 يناير فكانت نوارة في الصفوف الأولى، ومع انها تعرضت للتشهير، واتهمت بمناصرتها للشيعة، الا انها لم تلتفت لما يقوله الآخرون، بل عبرت عن رأيها بشتى الطرق من خلال كتابتها في عدة صحف مصرية، ونقاشها الجريء في برامج "التوك شو" أثناء ثورة يناير وخلال الفترة الانتقالية، وكذلك فترة حكم جماعة الإخوان المسلمون، وساندت التدخل العسكري لإسقاط محمد مرسي ومكتب الإرشاد عن حكم مصر.
ماهينور المصري
محامية من الإسكندرية ذاع صيتها منذ أن تصدت لقضية خالد سعيد، وقادت المظاهرات والوقفات الاحتجاجية أمام قسم شرطة "سيدى جابر" بالاسكندرية، وكانت من المدافعين عن الثوار خلال ثورة 25 كانون الثاني، وناهضت حكم الإخوان المسلمين، ووقفت في الصفوف الأولى للثوار في موجة 30 حزيران عام 2013؛ التي نظمتها أحزاب وحركات معارضة للرئيس محمد مرسي.
اعتقلت ماهينور في عام 2014، وحُكم عليها بزعم أنها خالفت قانون والتعدي على قوات الأمن، كما عرف عنها التصدي لقضايا العمال.