جدلية العلاقة بين الأخذ والعطاء

2017-10-08 10:33:41

محمد النجار

طالب قانون- الكلية العصرية

قبل سنوات وخلال اجتماع شبابي في إحدى الجامعات الفلسطينية، طرح سؤال حول مفهوم التطوع، ماذا يعني أن تكون متطوع؟

صحيح أن بعض الإجابات سطّحت السؤال والقيمة وهربت من المعنى باتجاه سلوكياته البسيطة من تنظيف للشوارع أو رسم على الجدران، إلا أن البعض حاول الذهاب باتجاه أعمق، واقتبس بتصرف من الحكمة القديمة، قائلا: "من تطوع مرة عاش حياة، ومن تطوع مئة مرة عاش مئة حياة".
تكمن الفكرة في أن الجماعي هو ذاته الفردي، كلما أعطيت أكثر أخذت أكثر، الأمر يشبه لعبة مع الزمن وتحايل على عمرنا الهش المؤقت، هكذا نعيش أكثر، وأقول لكم، حياة واحدة لا تكفيني وأنا بكل أنانيتي أريد أن أبقى، كيف ذلك؟ بإسهامي في حياة الآخرين، فالحياة تنبثق من الحب... من عجلة كرسي متحرك، من طفل أقرأ له قصة، من ربيع شجرة أزرعها فتزهر، من مدرسة كتبت على جدرانها "أحب الحياة وكُن الأمل"، ومن كتاب نسيته متعمداً في مكان عام وأكملت طريقي، لتسألني أمي كل صباح ما الفائدة، لا تسأليني يا أمي.

لكن مهلاً، هل هذا أخذ أم عطاء؟ أحياناً التضحية ليست سوى إفراط في الأخذ، تخيل معي مقدار الخلود الشخصي في الذاكرة الجمعية لتلك الرموز التي ضحت وماتت جسداً لتحيا فينا وفي ذاكرتنا الإنسانية للأبد، ماذا لو كانت تلك الشخصيات تدرك أنها بموتها الجسدي تزرع نفسها لتصبح فكرة... بل تمثالا يحتلنا، ويحتل صفحات التاريخ، وأن الأمر لم يكن تبجيلا وإحياء منا لها؟ هل كنا سنراها كما نراها اليوم؟ يسوعية التضحية.. حسينية الفداء؟

في الحب مثلا، وأعرفه بأنه مصطلح فضفاض يشبه فقاعة تتسع لكل شيء وهي فعلياً لا شيء، يفشل منا الكثير في أن يكمل الحب الذي بدأه، أسبق أن وقفت أمام مرآة نفسك وسألتها عدة أسئلة! بربك ماذا أستفيد من علاقة تستنزفني؟ لماذا عليّ أن أكمل؟ كم أخذت فيها، كم أعطيت؟ ولماذا أقبل باحتراق الشمعة وأنسى أنني عين المحيط والآخر يجب أن يطوف في فلكي؟ وحين أجبت على هذه الأسئلة النرجسية إما أنك أنهيت العلاقة أو أكملتها بفتور، أتعلم لماذا؟ ذلك لأن ما بدأته ليس حبا بل مصلحة، فتحولت من حبيب لرجل اقتصاد؛ تشبهه كثيرا في حرصه على مصلحته، والحاسبة القلبية تقبل الخطأ.

لا عاطفة في المنطق ولا منطق في العاطفة، وربما لو كان حبا لكنت ستعطي وتأخذ دون أن تشعر، ودون أن تحسبها بورقة وقلم، كأنك تتنفس، هل فكرت يوماً في أن تقول للأكسجين شكراً؟!

أتعلم، في داخل كل منا محب كبير لذاته، يسعى لإيجادها ولو بعثاً من رماد احتراقه في نفوس الآخرين، ذات مرة قال لي صديق "أنانيتي في أن أعطي وأرى لمعة الفرح في عيون الآخرين تقول لي شكراً، هكذا أحقق ذاتي، هكذا أكتمل أكثر".

 

اخترنا لكم
عماد ابو الفتوح عندما عرفت أن الرواية القا...
سلمى أمين هل تمنّيت يومًا أن تتحدّث أكثر م...
 هند الجندي ينظر معظم الناس للأذكياء...
لينا العطّار/  اخترنا لكم من اراجيك...
بقلم: تركي المالكي الحياة مليئة بالجمال وا...
اخترنا لكم هدى قضاض- اراجيك  يعد ا...
منوعات
نغم كراجه/غزة يواجه الشباب صعوبة في إيجاد...
رغد السقا/غزة يمر ذوي الإعاقة بظروف نفسية...
سها سكر/غزة "لا تحسَبِ المجدَ تمرًا أ...
نغم كراجة/غزة "أمي لم تفِ بوعدها، أخب...
إسراء صلاح/غزة هنا غزة المدينة المنكوب...
عرين سنقرط/القدس ربما قطار الفرح في مدينتي...