دراسات تتناول حال الشباب الفلسطيني في المخيمات السورية واللبنانية

2021-06-20 08:08:27

رفيف سليم/غزة

يشكل الشباب في غالبية المجتمعات العربية ما يقارب النصف من إجمالي عدد السكان، لكن ذلك النصف من المجتمع لا يأخذ حقه سواء باتخاذ القرارات أو التغيرات المناسبة لحياته ومجتمعه فيبقى تحت تأثير سلطيتين الأولى الأسرة وهي النواة المشكلة له والثانية وهو الحكومات التي تمارس شتى أنواع الظلم على المجتمعات خاصة بالمناطق السكنية المهمشة كالمخيمات التي تحتوي على كثافة سكانية عالية مقابل خدمات شبه معدومة.

"دراسة حول حالة الشباب الفلسطيني في التجمعات المهمشة بسوريا ولبنان"

يوضح الباحث كمال أبو شديدة  أنه خلال الفترة الحالية تم دراسة "حالة الشباب الفلسطيني في التجمعات المهمشة بسوريا ولبنان كعناصر فعالة في المجتمع قادرين على إحداث التغير إذا ما  توافرت الظروف التي تساعدهم على ذلك" ، مضيفًا أن محاولاتهم مستمرة لاجتياز المعيارية الثقافية وسط وضعيات تقوم على اللامساواة من خلال اتباع التمرد لتحقيق العدالة الاجتماعية والإنصاف في المجتمعات التي ينتمون لها ويعيشون داخلها أيضًا.

وبين أن الدراسة ترصد عدة أنماط سلوكية للشباب داخل المناطق السكنية المهمشة  للشباب الفلسطيني في المخيمات السورية واللبنانية، كما  رصدت عدة مشكلات منها الإجتماعية والسياسية وطرق تعامل تلك الفئة معها في ظل محدودية الفرص في التغير ووضحت دور المؤسسات الداعمة لمبادرات الشباب وأفكارهم.

ويكمل أبو شديدة أن خلال الدراسة التى تم إجراها مؤخرًا تم تقسيمها لثلاث فضاءات أساسية ليعاد تصنيفهم لعشرة مجموعات، وأشار إلى أن المجموعة الأولى تمثل فضاء العائلة وهي هرمية تحكمها التقاليد وتطال معظمها الإناث وتفرض داخلها القيود كالبقاء بالمنزل أو زيارة الأقارب أو منازل الأصدقاء, مضيفًا أن هناك ستة مجموعات أخرى تمثل الفضاء الثقافي الرياضي والأنشطة التطوعية وتتخذ المشاركة فيها شكلًا أفقيا من كلا الجنسين.

ويبين أبو شديدة أن العدد الأكبر من المجموعات الشبابية هم من يطلق عليه مجموعات الترفيه الراكد التي تعمل في إطار القيود المفروضة من قبل العائلة، وعلى صعيد الإناث تكون المراقبة شديدة بينما تخف تلك الحدة لدى الذكور، مشيرا إلى أن العائلة تسعى من خلال تلك القيود للمحافظة على المعايير الثقافية الضامنة لإرث التقاليد والقيم باعتبار الشباب مرتبط بمركزية العائلة سواء بالفضاء العام أو الخاص.

ويوضح أبو شديدة أن الترفيه في الفضاء العام  بالمناطق المهمشة مقيد ومراقب للإناث ومحدود للشباب، وحسب تجارب الفتيات فإن الزيارات تحتاج مرافقة من قبل الأم أو الأخت الكبرى ولا يسمح بالزيارات البعيدة، فيما تقيد الزيارات القريبة بعدد من الأسئلة ليتأكد الوالدين من سلامتها، مضيفًا أن الشباب  أيضًا نشاطهم الترفيهي ضيق فيكون محدود على صعيد الحي، أو المقهى القريب في محيط إحدى المخيمات الفلسطينية بلبنان وهم عينة الدراسة.

ويؤكد أبو شديدة  أن نتائج الدراسة قد أثبتت توجه الشباب حينما يحتاجون  للمساعدة إلى أحد أفراد العائلة بنسبة (83%)، ولأصدقاء والجيران بنسبة (14%) والمنظمات والمدرسة بنسبة (6%)، بينما يفضل غالبية الشباب حل مشاكلهم بأنفسهم دون مساعدة أحد متحملين كامل المسؤولية.

ويشير أبو شديدة أن الشباب يقسم أفراد العائلة تبعًا للمشكلة الواقعة معهم فإذا ما كانت عاطفية يتم اللجوء للأم بينما فيما لو كانت مادية فيتم حل الأمر بواسطة الأخ الأكبر أما فيما لو كانت المشكلة خارج سيطرتهم يتم تدخل الأب خلال المرحلة الأخيرة، ملفتًا أنه بالنسبة للعمل التطوعي يلجأ الشباب الذين يطلق عليهم  "شباب المسؤولية" للاستعانة ببعض المؤسسات لخلق مبادرات شبابية على أرض الواقع تسعى للتغير إلى الأفضل.

لكن هناك ملاحظة أن شباب المسؤولية بعد بحثهم عن الديموقراطية والمواطنة والسلام ومناهضة العنصرية وممارسة حق التظاهر في المناطق المهمشة بسوريا ولبنان تحولهم الظروف شيء فشيء نتيجة اليأس من حل تلك  المشكلات ليصبحوا ضمن مجموعات الترفيه الراكد، ليعودا إلى حل تلك المشاكل ضمن كنف العائلة نتيجة المعوقات البنيوية كالمنظمات السياسية وفقدان الأمل في التغيير" حسبما أفاد أبوشديدة".

وبينت الدراسة أن مجموعة من الشباب فضلوا بروز انتفاضة من نوع جديد متمثل للتمرد والخروج من حالة المخيم عبر المظاهرات الاحتجاجية للقضاء على التميز على أساس النوع الجندري داخل المناطق المهمشة بسوريا ولبنان, بينما عبر بعض الشباب أن لا حل لتلك المشكلات التي تكثر داخل المخيم مسيطر عليهم الكسب والخمول وعدم القدرة على التغير.  

دراسة حول: "الحياة الاجتماعية عند الشباب في المناطق المهمشة في لبنان"

وتشابهت نتائج دراسة عدنان الأمين؛ أستاذ العلوم التربوية في الجامعة اللبنانية مع سابقه بعنوان "الحياة الإجتماعية عند الشباب في المناطق المهمشة في لبنان" وبينت الدراسة أن نسبة الشباب الذين اندرجوا تحت بند التسلية وغياب أي نشاط أي الانكفاء بلغت نسبة (93.8%)، بينما بلغ نسبة من ينخرطون في أعمال كالتطوع والثقافة والفنون ورياضة وسياسة ودين أي الانخراط بالأنشطة المفيدة لتلك المجتمعات والفئات نسبة (9.4) أي النسبة الأقل.

و بين الأمين أن سبب عدم انخراط الشباب في الفضاء العام بنسبة (63.2) يرجع لمنع الأسرة من ذلك أو لتدني وضعها الاقتصادي، بينما امتنع (36.8) منهم بسبب الخوف أو الانشغال، مشيرًا إلى أن المؤسسات الأهلية تمثل السند الأساسي لانخراط الشباب في الفضاء العام، وأن الدعم للفضاء الخاص ارتبط بالأهل والأصدقاء والأقارب، فيما لا تشكل لديهم الدولة ومؤسساتها مصدر للدعم أو الحماية الاجتماعية.

ويلفت  الأمين أيضًا أن الجهات الدينية والسياسية بالدولة  تتنافس في توفير الحماية الأمنية للشباب في المنطق المهمشة، فيما تختلف ثقافة الشباب في تشخصيهم لأنواع المشكلة والدعم الذي يحتاجونه للتمكن من إيجاد حلول لمشكلاتهم، مردفًا أنهم ينقسموا في توصيفهم للمشاكل بين ما يقول أنها اجتماعية بنسبة (47.1%), وبين من يقول أنها سياسية تتعلق بالقوى الحاكمة و تردي البنية التحتية من ماء وكهرباء وتعليم بنسبة (52.9%).

ويكمل حسب عينة الدراسة فإن الشباب ركزوا على العمل التطوعي والفكري والتوعية لحل المشاكل الاجتماعية في حين رأت أقلية فقط  أن الحل بالعمل السياسي, وذلك الأمر ورد تفسيره على أن الحل بالحديث مع أصحاب المشكلة وتوعيتهم وليس حل الانحرافات بشكل جذري، مضيفًا أنهم انقسموا لثلاث مجموعات الأولى (52.7) رأت أن الحل بالعمل التطوعي, الثانية (26.4) رأت أن هناك ضرورة بالاحتجاج لتطبيق القانون، الثالثة (20.3) رأت أنها غير مستعدة للمشاركة أو إعطاء حلول وترك الأمر للأحزاب.

وأوضح الأمين أن المجال السياسي بين لبنان وسوريا يختلف فالعمل العام مثلًا مرتبط عند المقارنة بين الثلاث جنسيات فالعمل بلبنان ممنوع أما سوريا يحتاجون لأوراق ثبوتية، وقد بينت نتائج الدراسة أن الشباب السوريين هم الأكثر امتثالًا للأسرة والأكثر فقدانًا للأصدقاء في حياتهم الاجتماعية، مشيرًا أن المفارقة بين الجنسين بين الإناث والذكور كانت تتشابه مع أبو شديدة في أسباب الخروج والمكان والأصدقاء وطلب المساعدة ومعوقات العمل  وتتفق بنوع المشكلة والمعالجة والنشاط.

أراء وتعليقات

 علقت مشيرة الجديلي؛ مديرة المجلس العربي للعلوم الاجتماعية على نتائج كلا الدراستين أبوشديدة وأمين، أن  الدراستين السابقتين أعطت  مقارنات لثلاث شباب من بلدان مختلفة( سوريا ولبنان وفلسطين) وتلك النقطة مهمة لأنها ترصد سلوكهم الحياتي.

أوضحت الجديلي أن الافتراض المسبق لتعرض الشباب والشابات للقيود وعدم المساواة بين الجنسين قبل حتى الإجابة عن الأسئلة  بشكل دقيق كان ضمن عيوب الدراستين فالفضاء العام للفتيات مراقب لكن متابعة الأم لبناتها ليس قيد من الممكن بل من الممكن أن يندرج ضمن الاهتمام والمشاركة, مشيرة  وكذلك فكرة الاستخدام السلبي للوقت أو بعض الأنشطة التي تمثل فائدة نفسية للشباب كذهاب للمسجد أو الذهاب للمقهى تقلل من نسبة التهميش ولا تزيدها.

وتكمل أن تركيز كلا الدراستين على تمجيد الأسرة في الحفاظ على المواريث هو ظلم؛  لأن الأدوار تغيرت مع مرور الوقت ومن الطبيعي أن تلعب الأسرة دور الحامي لأفرادها, مبينة أن  التهميش المكاني المذكور خلال الدراستين ليس له علاقة بتهميش الأفراد، فالوضع طبيعي فما لو همش المكان بعض الشباب أن يتم ممارسة النشاط الاجتماعي والتحرك لأماكن أخرى لكسر التهميش.

وقد تم ذلك العرض خلال حلقة حوارية نظمها معهد عصام فارس للسياسات العامّة والشؤون الدوليّة في الجامعة الأميركية ببيروت (IFI) بالشراكة مع الهيئة اللبنانية للعلوم التربوية (LAES)  ضمن سلسة حلقات  "الشباب في المناطق المهمّشة في لبنان: جيوب الفقر اللبنانية والمخيّمات الفلسطينيّة والتجمعات السوريّة" يوم الثلاثاء ١٥ حزيران/ يونيو ٢٠٢١ تحت عنوان "انخراط الشباب في الفضاء الاجتماعي العام بين المشاركة والانكفاء" .

 وقد تناولت الجلسة التي تم إجراءاها إلكترونيًا عن طريق برنامج الزوم مناقشة قضة حياة الشباب الاجتماعيّة بناءً على نتائج الدراسة التي قامت بها الهيئة اللبنانية للعلوم التربوية (LAES) تحت إشراف د. عدنان الأمين عن الشباب في المناطق المهمّشة في لبنان والتي امتدت على مدى ثلاث سنوات (٢٠١٨ - ٢٠٢١).

 

 

 

 

 

 

اخترنا لكم
عماد ابو الفتوح عندما عرفت أن الرواية القا...
سلمى أمين هل تمنّيت يومًا أن تتحدّث أكثر م...
 هند الجندي ينظر معظم الناس للأذكياء...
لينا العطّار/  اخترنا لكم من اراجيك...
بقلم: تركي المالكي الحياة مليئة بالجمال وا...
اخترنا لكم هدى قضاض- اراجيك  يعد ا...
منوعات
نغم كراجه/غزة يواجه الشباب صعوبة في إيجاد...
رغد السقا/غزة يمر ذوي الإعاقة بظروف نفسية...
سها سكر/غزة "لا تحسَبِ المجدَ تمرًا أ...
نغم كراجة/غزة "أمي لم تفِ بوعدها، أخب...
إسراء صلاح/غزة هنا غزة المدينة المنكوب...
عرين سنقرط/القدس ربما قطار الفرح في مدينتي...