محمد فوزي:"أصنع الحصير لأتحسر عليه"!

2016-04-07 19:11:24

هشام مصطفى ومارو سامي/ مصر

تصوير: هشام مصطفى 

في منزل بشارع النضال داخل منطقة الأبعدية في محافظة البحيرة يسكن صاحبنا، معالم بيته قد تبدو للناظر من الخارج حديثة، إلا أن داخله يذكرك بجمال البيت الريفي المصري، حيث التجمع حول الطبلية، والجلوس على الحصير لتناول وجبات الأسرة اليومية. هناك يجلس صاحب المنزل يوميا أمام النول ليمارس هوايته المفضلة، وبنظرة محدقة خارجة عن نظارة يدقق فيما أمامه، ويتخيل ما يهم على البدء بتنفيذه، ترى اللوحة الأجمل بعد انتهائها، بمقدار من الصبر والهدوء اللذين يميزان صاحب هذا الفن الرفيع، فنان الحصر محمد فوزي، 46 عاما، ورث المهنة عن والده، وطور فيها من الفرش، إلى معلقات فنية برسومات وكتابات.

قضى فوزي حياته في هذه المهنة ليذكرنا ببدايتها، التي عمل فيها بصناعة الحصر العادية. ولكنه مع الزمن بدأ في تطوير نفسه، وحين وجد أن الشكل التقليدي أصبح مملا، سعى وراء تطويره، وبحلول عام 2000 تقريبا، ورغم سفره إلى الأردن لعشر سنوات، لم يجد مفرا من العودة لصنعته الأصلية التي ورثها عن والده، قائلا: "أنا مايبقاش عندي صنعة وأسيبها"! كما أن تخرجه في الميكانيكا، وسعيه للعمل كمهندس تكييف، لم يرضه فعاد للحصر من جديد.

أما خامات صناعته فتتمثل في ثمر ورد النيل، والخيوط من الصوف، والصبغة لصبغ الخيوط وتلوين الصوف، والنول الذي يتم عليه تنفيذ صناعة الحصير.

ويحدثنا الفنان محمد فوزي عن مراحل التسويق، فهناك من يأتونه من القاهرة، وفي أوقات أخرى يذهب هو إليهم، ثم هناك معارض الأسر المنتجة التي ساعدته كثيرا في بداية الأمر. لكنه وجد أن الطلب منصب على الحصر العادية، وأصبح المرتجع كبيرا جدا من حصير المعلقات.

ويؤكد أن الحفاظ على الحصير من الرطوبة والشمس هما السبيلان الوحيدان لإطالة عمرها الافتراضي، ويقول: "مش محتاجين من الدولة غير إنها تهتم بينا وتقدرنا معنويا، وتعمل لنا الدعاية وإعلام الناس بهذا الفن"، ويضيف: "لو الدولة مهتمة بالصناعة لابد أن تشتري مني أعمالي بالثمن الذي يرضيني، ثم تبيعه بمعرفتها، وهكذا ترتقي صنعتنا".

ويعتبر أن على الدولة أن تصمم برامج تعليمية للارتقاء بالصناعة حتى لا تندثر وتنقرض تماما، ويشير إلى أنه على أتم استعداد لتربية جيل جديد وتعليمه هذا الفن، لكنه يحتاج إلى الدعم المعنوي للدولة.

وقد عانى فوزي من سوء البيع في السنوات القليلة الماضية، لكنه رغم من ذلك يقدر الظروف حوله، ويتساءل: هل على أب لثلاثة أطفال أن يفكر في جلب معلقة لأولاده بدلا من رغيف العيش؟ ويجيب:"هذا هو المنطق؛ لابد أن يضمن لأسرته حياة كريمة أولا حتى يعيشوا قبل أن يتفننوا". ويؤكد أن الحديث عن المقابل المادي لشغل أي فنان لا يقدر بثمن؛ لأنها "عملية مجهود فكري وليست خامة فقط".

أما عن حلم حياته، فهو يتمنى تنفيذ مشروع "مصحف على الحصير"، ووضعه في متحف. وكل من يشارك في هذا العمل سيكون مستفيدا في رأيه، ويطالب الدولة بتوفير المكان والمساعدة المادية والمعنوية، وتعليم جيل جديد لمساعدته، وعمل دعاية ضخمة بمضمون أن هناك أناسا من الأبعدية بمحافظة البحيرة تقوم على عمل مصحف من منتج طبيعي، وقتها سيأتي الجميع من كل أنحاء العالم لتصوير هذا الحدث، الذي سيحدث رواجا في بيع الحصر.

ورغم أن مصر من الدول القليلة التي لا تزال تملك هذه الصناعة، إلا انه يعلن بحزن: "لما ببص للحصير وهو مركون عندي ومش لاقي اللي يشتريه بتحسر عليه"!

من أين تأتي التصميمات التي ينفذها فوزي على الحصر؟

الإجابة هي الواقع؛ فهو يرى منظرا في الشارع، ويحفظه في عقله، ويعمل على تنفيذه، وإذا أراد كتابة جملة أو كلمه يضع لها تصورا، ثم ينفذه عمليا، كما يمتلك كتبا دراسية من المدارس الفنية، وربما يرى لدى صديقه صانع الكليم تصميمات تلفت انتباهه فينفذها.

وبعد كل هذه العوائق التي واجهته، إلا أن فوزي يرى في الحصير تراث بلد ولا يستطيع أن يترك هذه الصنعة جانبا، ولكن يكن أن يعمل في عمل آخر ليحقق دخلا، دون أن يتركها.

 

اخترنا لكم
عماد ابو الفتوح عندما عرفت أن الرواية القا...
سلمى أمين هل تمنّيت يومًا أن تتحدّث أكثر م...
 هند الجندي ينظر معظم الناس للأذكياء...
لينا العطّار/  اخترنا لكم من اراجيك...
بقلم: تركي المالكي الحياة مليئة بالجمال وا...
اخترنا لكم هدى قضاض- اراجيك  يعد ا...
منوعات
نغم كراجه/غزة يواجه الشباب صعوبة في إيجاد...
رغد السقا/غزة يمر ذوي الإعاقة بظروف نفسية...
سها سكر/غزة "لا تحسَبِ المجدَ تمرًا أ...
نغم كراجة/غزة "أمي لم تفِ بوعدها، أخب...
إسراء صلاح/غزة هنا غزة المدينة المنكوب...
عرين سنقرط/القدس ربما قطار الفرح في مدينتي...