"مظهري لا يهم" شهادات فتيات واجهن التنمر

2020-12-02 12:35:47

رفيف إسليم/غزة

في وصف جدتي القديم للفتاة المثالية كانت تفضلها بيضاء البشرة واسعة العينين، طويلة القامة، رشيقة القوام، وأي خلل في تلك المواصفات القياسية يجعل "العروس" على حد وصفها لا تصلح للزواج، بالإضافة لعمرها الذي لا يجب أن يتجاوز 17 عاماً، وبقيت تلك المواصفات لا سواها في نظر الجدة والكثير من الناس مقياس ثابت للتفاضل بين الفتيات حتى فترة طويلة من الزمن.

ومع تعاقب الأجيال وتطور العلم والتكنولوجيا تبدلت النظرة للمرأة كما تغيرت نظرة الفتاة لنفسها أيضاً، وبدأت تلك المواصفات بالتلاشي إلى أن وصلنا اليوم لمعايير أخرى تميز النساء عن بعضهن، لكن كي أكون صادقة معك صديقي القارئ على تذكيرك أن عقيلة جدتي السابقة لم تندثر بشكل كامل بل بقي بعض الناس يتناقلون تلك الثقافة، وبالمقابل عانت فتيات كثر من التنمر بسبب هيئتهم التي أوجدهم الله عليها.

فتنقل أسيل الشوا موقف أزعجها في إحدى المناسبات العائلية عندما وجهت لها إحدى السيدات عبارة "والله هالبنت حلوة مع انها سمرة كتير" مستنكرة تلك الكلمة التي تلفظت بها السيدة فكيف ينقص السمار من جمال الفتاة ومن الذي منحها الحق لتصنفه ضمن العيوب، مشيرة أن الله لم يخلق أي فتاة قبيحة وأن النقص الذي يراه الآخرون لا يوجد سوى في نظرهم وليس له أي صلة بالواقع.

وتأكد مرام بارود حديث أسيل أن أي فتاة لا تسلم من التنمر والتعليقات السخيفة خاصة خلال المناسبات العائلية فدوماً ما تربط السيدات في عائلتها بين وزنها الزائد وشغفها لإعداد الأطعمة وتزينها، ناصحيها بتقليل كمية الطعام التي تتناولها كي لا يفوتها قطار الزواج على حد تعبيرهم فتكون ردة فعلها بابتسامة ترسم على شفتيها وصمت مدوي يجعلهم يكفون عن الحديث في ذلك الموضوع وبالتالي الكف عن مضايقتها بالكلمات الجارحة التي تزيد تعلقها بإعداد الطعام تناوله.

وتكمل مرام أنها تتقبل النصائح التي تتلقاها من البعض لأنها تلمس المحبة في كلماتهم بالمقابل فهي تنزعج من نظرات الباعة لها حين تشتري ملابس جديدة، ملفتة أنها قد تقلع أحيانا عن تلك الخطوة بسبب التلميحات الدائمة بأن وزنها تحكمه نوعية معينة من الملابس التي يرتديها كبار السن فقط، بالرغم من أنها تجد أحيانا ما تبحث عنه ولا يبدو الأمر مستحيلا كما يصوره لها.

فيما كان لبيان محمد تجربة أخرى تلخصها بجملة "صوتي كان سبب معاناتي" فبدأت الحكاية عندما قاربت على سن البلوغ، فلاحظت أن صوتها يميل للخشونة، مضيفة أنها كانت تستمر لساعات بالبكاء أما اليوم فهي تتقبل ذاتها والتعليقات السلبية التي تسمعها عندما تتردد على المؤسسات بحثاً عن عمل ولا تكترث لما يقولون لأن الأشخاص ذوي العقول الراقية يحترمونها ويتعاملون معها بمودة واحترام.

وتؤكد الأخصائية النفسية ألفت المعصوابي أن للأسرة دور كبير في تقبل الفتاة لهيئتها ومنحها الثقة بنفسها، فالفتاة المشبعة بالاهتمام من قبل الوالدين لا يهمها كيف ينظر الآخرين لها سواء كان المشكلة بالوزن أو القصر أو حتى ظهور بعض التشوهات، مضيفة أن الأسرة التي لا تدعم الأنثى تضعف عند أول احتكاك لها بالمجتمع فلا تقوى على تقبل نفسها ومواجهة انتقادات الأخرين.

وتكمل المعصوابي أن وسائل التواصل الاجتماعي وما وصلنا له اليوم من تطور ساعد على تعزيز مفاهيم التنمر من خلال الأسماء المستعارة والحديث من خلف الشاشات وظهور النماذج المثالية والكاملة للفتيات اللواتي يستعن ببرامج الفوتوشوب كي يظهرن بشكل جميل دون أي عيوب، ملفتة أن للمدرسة أيضاً دور من خلال التثقيف وادماج الفتيات بأنشطة تعاونية تعزز لديهن فكرة أن جميعهن سواسية.                                                                                                                

وتنصح المعصوابي في نهاية حديثها الفتاة بأن تثق بنفسها وتتقبل جميع التعليقات السلبية وتتعامل معها أيضاً على أنها أمر طبيعي واختلاف آراء لا أكثر كحل أمثل لتلك المشكلة، مشيرة أن الفتيات اللواتي لا يستطعن التعامل مع الأمر وحدهن عليهن تلقي الدعم النفسي من خلال التوجه لمختص كي يتعلمن كيفية تقبل النفس كما هي.

 

 

اخترنا لكم
عماد ابو الفتوح عندما عرفت أن الرواية القا...
سلمى أمين هل تمنّيت يومًا أن تتحدّث أكثر م...
 هند الجندي ينظر معظم الناس للأذكياء...
لينا العطّار/  اخترنا لكم من اراجيك...
بقلم: تركي المالكي الحياة مليئة بالجمال وا...
اخترنا لكم هدى قضاض- اراجيك  يعد ا...
منوعات
نغم كراجه/غزة يواجه الشباب صعوبة في إيجاد...
رغد السقا/غزة يمر ذوي الإعاقة بظروف نفسية...
سها سكر/غزة "لا تحسَبِ المجدَ تمرًا أ...
نغم كراجة/غزة "أمي لم تفِ بوعدها، أخب...
إسراء صلاح/غزة هنا غزة المدينة المنكوب...
عرين سنقرط/القدس ربما قطار الفرح في مدينتي...