التعليم المهني للفتيات ينعكس على الاقتصاد الوطني

2016-12-13 15:03:06

فريق مشروع منصات/ جامعة بيررزيت

إن أحد أهم خطوات تحقيق الإصلاح في سوق العمل وفرض تنمية اقتصادية، وتحسين الأوضاع المعيشية تتأنى من خلال إزالة خلل التوازن في السوق، وخلق فرص عمل جديدة وسد النقص في الأيدي العاملة في الحرف والمهن الأخرى، وهذا مدخل آخر يقودنا إلى أهمية وجود التدريب والتعليم المهني في فلسطين الذي لا يجب أن يقتصر على الذكور دون الإناث التي تمثل نصف المجتمع.

فمن المهم أن يحصل تغيير في الثقافة والنظرة الخاصة في التعليم والتدريب المهني للفتيات، هذا ما أكد عليه الخبير الاقتصادي؛ محمد أبو فياض بقوله إن التعليم والتدريب المهني برنامج يعمل على تأهيل الشباب والشابات على حد سواء وإكسابهم الخبرة عبر تمكينهم في مهن ضرورية لعملية التنمية الشاملة، وشدد فياض على : "ينحسب ذلك أيضا على المرأة الفلسطينية فهي شريكة الرجل في الحياة والعمل، إذ يعمل التدريب على تزويد الفئات المستهدفة بالمهارات اللازمة لممارسة مهنة أو حرفة، وقد يستمر لفترات تتراوح ما بين الأربعة أشهر إلى سنتين، بحيث يكون رصيداً تأهيلياً لسجلهم الشخصي".

إن السبب الرئيس للمشكلة هي وجود فجوة ملحوظة بين الجانبين الأكاديمي والمهني في الوطن؛ نتيجة لعدم وجود تنسيق بين التخصصات التي تطرحها مؤسسات التدريب المهني والتقني وحاجة السوق الفلسطينية، وهذا ما أكد عليه الأستاذ محمود الحوامدة في مركز التعليم المستمر وخدمة المجتمع في جامعة القدس المفتوحة.

لكن هناك بعض المخاوف المجتمعية التي نرمق لها النظر؛ مثل وجود جهل بمعرفة ماهية التعليم والتدريب المهني كونه ضعيفا في فلسطين من الناحيتي التعليمية والتطبيقية، والنظرة النمطية السائدة في المجتمع اتجاه التدريب والتعليم المهني بأنه غير مجدٍ  ويحمل نظرة العيب بشكل عام وعلى المرأة بشكل خاص.  في حين أن التعليم الأكاديمي هو الدارج والأهم لكلا الجنسين.

ويتطلب منا التفريق بين مفهومي التعليم الأكاديمي والتدريب المهني فيما يخص إشراك المرأة بما يتناسب مع رغباتها وميولها، وتغيير النظرة النمطية التي تعكس واقع التدريب المهني في فلسطين وكذلك النظرة الدونية. حسب إحصائية تابعة لمركز التعليم المستمر وخدمة المجتمع في جامعة القدس المفتوحة نشرت في المجلة التابعة "قدرات" للمركز عام 2014، بأن 5% من خريجي الثانوية العامة في فلسطين يلتحقون بالتدريب المهني؛  وهذا يدل على ضعف الإقبال عليه من فئة الشباب.

فالعمل على إيجاد آليات جديدة تعمل على تحفيز الطلاب والطالبات في الانخراط في هذا المجال، وتوعية المجتمعات المحلية بوجود مراكز التدريب المهني وإغلاق الفجوة ما بين التعليم الأكاديمي والمهني، والتنسيق بين التخصصات التي تطرحها مؤسسات التدريب المهني وحاجة السوق، وجذب المؤسسات التي تعنى بأمور الشباب والمرأة على وجه الخصوص وتوجيه هذه القدراتٍ بالشكل المطلوب وحسب حاجة السوق، وخلق فرص عمل. إذ بلغ معدل البطالة بين الخريجين الشباب 51% خلال الربع الأول 2016.

وعبر الخبير الاقتصادي؛ الدكتور سعيد هيفا في جامعة بيرزيت، عن مدى أهمية التدريب المهني للمرأة الذي بدوره يؤدي إلى التمكين في مهنة معينة؛ وبالتالي يترتب على ذلك زيادة الإنتاجية وإمكانية حصول المرأة على عمل لذاتها وفتح مشروع خاص لها وبالتالي تحسين دخل الأسرة. وأكد هيفا على حاجة السوق لأيادي الفتيات المهنية، لأن السوق ضيقة وأصبح الإقبال على الجامعات الأكاديمية التقليدية أكثر بكثير من المهنية.

وسلّط هيفا الضوء على أهمية إعادة النظر في المناهج التعليمية المهنية، والتدريب الحقيقي الذي يكسب المهارات وليس المظاهر الخادعة التي تهدف أن يكون رأس المال والحصول على موازنة أكثر من رفع خبرة المتدربين، بحيث أن مردود التعليم المهني أعلى بكثير من الأكاديمي لأن فرص الحصول على عمل يعد أسهل من الأكاديمي، مؤكدا على أن الطلبة عليهم أن يراعوا حاجة السوق ومتطلباتها.

 

نعلين أنموذجا للتدريب المهني

وتم اتخاذ بلدة نعلين أنموذجا لمدى معرفة الطالبات والمعلمات والمجتمع بالتعليم والتدريب المهني ومدى تقبل المجتمع لافتتاح مركز مهني متخصص فيها؛ إذ تعتبر تجمع قروي لأكثر من عشر قرى، ويلتحق بها بعض الطلبة من القرى المجاورة بمدارسها؛ لإكمال المسار الأكاديمي. حيث أشارت مديرة المدرسة إيمان الشايب؛ مديرة مدرسة نعلين إلى أن 80% من الطلبة يتوجهون نحو فرع العلوم الإنسانية (الأدبي)، و18%  نحو الفرع العلمي ونحو 2% للتعليم المهني.

وعن التخصصات التي يودون تدريسيها لو أتيحت لهم الفرصة في إنشاء مركز مهني للفتيات في البلدة؛ تقول الشايب: "نقوم مقدما بدراسة توجهات الطالبات ونراعي مواهبهم، إذ يمكن الاستثمار في الميول والمجالات القريبة من التصميم والديكور الداخلي كالجرافيك، وتصميم الأزياء والتجميل، فهذه هوايات تمارسها الكثير من الطالبات لدينا ويحببن أن يطوروا قدراتهن فيها، ونستطيع أن نعمل على تنميتها وتوجيهها نحو هذه التخصصات وهذه المهن".

وتضيف الشايب أنه إذا ما تم افتتاح مركز تدريب مهني في المدرسة سيتم التركيز على إيجاد مكان مناسب، وسنطلب توظيف أصحاب المهن المتخصصة، وتحديد الفئة المستهدفة من الطالبات لتوجيههم نحو التخصصات والمهن المناسبة؛ وذلك من خلال التوجيه الجمعي والإرشاد المهني داخل المدرسة، وسنهتم بالترويج إعلاميا لهذا المركز، إذ لن يختص فقط بطالبات نعلين فكما ذكرنا أن بلدة نعلين منطقة مركزية وتجمع للقرى المجاورة، مثل (مِديا، شقبا، دير قديس، رنتيس، بدرس) وبالتالي يصبح بالإمكان الترويج للتعليم المهني من خلال هذه المدارس بعدة طرق منها: الاجتماعات، والصفحات الإلكترونية، ونشرات، ومؤسسات توعوية.

نسرين تحدّت فأصبحت

قالت نسرين، 22 عاما، من نعلين، إنها كانت تهوى الرسم و خاصة تصميم الأزياء، في البداية لم يتقبلوا أهل القرية الفكرة وسخروا منها بحجة أنها لم ترد إكمال تعليمها وانشغلت بتنمية موهبتها، إلا أنها تحدت وأخذت العديد من الدورات وهي الآن في قمة السعادة لأنها تعمل بما تهوى وتنتج، وتجاوزت كل العادات والتقاليد.

فما نسبته 60- 70% من طلبة الجامعات يغيرون تخصصاتهم  ويعيشون في حالة تخبط؛ بسبب أنهم لم يجدوا من يرشدهم ويوجههم.

وقالت منى الخطيب؛ المرشدة الاجتماعية في مدرسة بنات نعلين، بإنها تقوم على إرشاد طالبات المدرسة في اختيار التخصص الذي يتناسب مع ميولهن؛ مما يزيد من احتماليات النجاح والتفوق المهني، وتضيف: "ففي الإرشاد المهني نركز على تعريف الطالبة بذاتها واكتشاف ميولها ودعمها في الوقوف مع نفسها واتخاذ القرار الواعي الذي يبني مستقبلها بشكل الذي تريده، ويحقق النجاح".

ففي استبانة تم توزيعها على طالبات صفي التاسع والعاشر في قرية نعلين لمعرفة مدى إدراكهم لمفهوم التدريب المهني، تبين أن 53% من الطالبات لهن القدرة على تعريف التدريب المهني، و47% من طالبات صفي التاسع والعاشر لم يكن بمقدورهن تعريف التدريب المهني، وانحصر تعريفهن للتدريب المهني على أنه يتعلق فقط بالتطريز والطبخ والأزياء.

وعن مدى معرفة التخصصات التي تندرج تحت إطار التدريب المهني؛ 60% كانت الإجابة أن لديهن معرفة بسيطة، و33% كانت معرفتهن ممتازة، في حين 7% من الطالبات لا يعرفن شيئا عن التخصصات.

وهناك نوع من الترحيب بفكرة وجود شباب ينادي بأهمية التعليم المهني والإقبال عليه في بلدة نعلين من فتبين من إجابة الاستبانة أن هناك إقبالا على تخصصات التعليم والتدريب المهني في الوقت الحالي بنسبة 92%، فما بالك لو أن المرأة سلكت هذا الطريق وانتجت وابدعت في منظومة المجتمع فبينت الاستمارة.

اخترنا لكم
عماد ابو الفتوح عندما عرفت أن الرواية القا...
سلمى أمين هل تمنّيت يومًا أن تتحدّث أكثر م...
 هند الجندي ينظر معظم الناس للأذكياء...
لينا العطّار/  اخترنا لكم من اراجيك...
بقلم: تركي المالكي الحياة مليئة بالجمال وا...
اخترنا لكم هدى قضاض- اراجيك  يعد ا...
منوعات
نغم كراجه/غزة يواجه الشباب صعوبة في إيجاد...
رغد السقا/غزة يمر ذوي الإعاقة بظروف نفسية...
سها سكر/غزة "لا تحسَبِ المجدَ تمرًا أ...
نغم كراجة/غزة "أمي لم تفِ بوعدها، أخب...
إسراء صلاح/غزة هنا غزة المدينة المنكوب...
عرين سنقرط/القدس ربما قطار الفرح في مدينتي...