الدير المعجزة... بطله خلع عينيه لأنه اشتهى امرأة

2017-02-26 14:02:39

محمد طلعت/ مصر

من أرض مصر الحضارة، ويوما بعد يوم، يسطر التاريخ خلودا بين صفحات تاريخ الأمم، وتتعدد فيها المعجزات، ومنها "دير الأنبا سمعان"، في حضن جبل المقطم الشهير.

ويعد نقل جبل المقطم من مكانه، وإنشاء دير القديس سمعان الخراز، معجزة من عدة معجزات دونتها الكنيسة والتاريخ، ليصبح هذا الدير مع تطور الزمن شاهدا على ماض عظيم، وحاضر مبهر، ومستقبل نتمناه أفضل مما سبق.

وموقع "على صوتك" يشارك في كتابة قصة "دير الأنبا سمعان"، ويرصد معجزات الماضي والحاضر، والقصص الشهيرة وغير المعروفة عن هذا المكان، وما يحدث فيه. فقد حدثت معجزة نقل جبل المقطم في ظل حكم المعز لدين الله الفاطمي، وهو أول الخلفاء الفاطميين بمصر، الذي كان معروفا عنه حبه الشديد لمجالس الأدب والحوارات الكثيرة في كل المجالات، وجمع طيلة الوقت في مجالسه العديد من رجال الدين اليهودي والمسيحي والإسلامي، والعديد من العلماء والأدباء، ليتناقشوا ويتسامروا ويتجادلوا.

وكان الخليفة الفاطمي يشترط على الجميع أن ينتهي النقاش مثلما بدأ؛ بلا أدني خصام أو عداء بين طرف وآخر، مما جعله محبوبا عند الجميع. ولكن بحثه الدائم عن الحقيقة، وإجابات الأسئلة الصعبة، جعلاه يميل لأي صراع فكري، أو شك تجاه أي عقيدة.

وكان للمعز وزير يدعى يعقوب بن كلس، وهو يهودي أعلن إسلامه عقب تولي المعز حكم مصر؛ طمعا في المنصب، ولكن يهوديته كانت تطغى عليه بين الحين والآخر، وكانت تجمعه خصومة مع شخص مسيحي يدعى قزمان بن مينا؛ الشهير بـ"أبو اليمن"، وخشي كلس أن يعزل من منصبه لصالح هذا الرجل الذي كان مقربا من المعز؛ فسعى الوزير اليهودي بكل قوة في أن يدخل الشك إلى قلب المعز في عقيدة المسيحيين وكلامهم، حيث دفع أحد أصدقائه اليهود كان يدعى موسى، لإقناع الخليفة بعقد جلسة أدبية يناظر فيها بابا المسيحيين في مصر؛ ليعرف المعز بطلان عقيدتهم كما كانت النية، وبالفعل تمت الدعوة للجلسة، وأرسل للبابا إبرام بن زرعة قائلاً: "إن شئت يوما أن تحاجج اليهود بنفسك أو بواسطة من تختار من الأساقفة، فتعال إلى دارى وناقشهم أمامي".

ولبى البابا دعوة الخليفة، وتم تحديد موعد المناظرة، وذهب بالفعل، وبصحبته الأنبا ساويرس بن المقفع؛ أسقف الأشمونيين بصعيد مصر، وكان معروفا عنه أنه من علماء الكنيسة الأكفاء، وبالفعل عقدت الجلسة في حضرة الخليفة، ويعقوب بن كلس، وصديقه موسى. ودار فيها نقاش كبير حول أمور كثيرة، نجح فيها الأنبا ساويرس في إحراج بن كلس وصديقه اليهودي، مما أثار إعجاب الخليفة، وقدم التحية للأنبا ساويرس على فطنته وقدرته على المجادلة.

ولكن الأمر لم ينته عند هذه الجلسة التي أغضبت وأحرجت موسى وبن كلس، حيث أخذا بعدها يفتشان في الإنجيل لاستخراج ما يحرجون بها البابا وأسقفه. وبالفعل وجدوا آيه جاء فيها: "لو كان لكم إيمان مثل حبة خردل، لكنتم تقولون لهذا الجبل انتقل من هنا إلى هناك فينتقل، ولا يكون شيء غير ممكن لديكم".

وذهب اليهوديان إلى الخليفة ليعرضا عليه كشف بطلان الدين المسيحي، وطلبا أن يقبل البابا والمسيحيين هذا التحدي، فاستدعى الخليفة الفاطمي بابا الكنيسة وطالبه بتنفيذ الآية، إن كان ما هو مكتوب في إنجيلهم صحيحا لا عوار فيه، وأخبره أن يختار إما تنفيذ تلك الآية ونقل الجبل الذي كان يعيق مشروعه في إنشاء مدينة جديدة هي القاهرة، أو اعتناق الإسلام وترك المسيحية لبطلان كلامها، أو ترك مصر والهجرة إلى أي بلد آخر، مع كل المسيحيين، أو أخيرا الإبادة بحد السيف، فقبل البابا التحدي، وأرسل منشورا إلى كل كنائس مصر يطالب فيها المسيحيين بالصوم والصلاة لمدة ثلاثة أيام كي يزيل الله تلك المحنة.

واعتكف البابا مع العديد من الأساقفة والرهبان في الكنيسة المعلقة بمصر القديمة يصلي، وفي فجر اليوم الثالث ظهرت السيدة العذراء مريم للبابا إبرام بن زرعة في نومه، وأمرته أن يخرج من الكنيسة ليجد رجلا بعين واحدة يحمل جرة ماء، فعلى يديه ستتم المعجزة، وينتقل الجبل من موضعه، وبالفعل حدث ذلك.

كان هذا الرجل الذي أرشدت العذراء الأنبا إبرام إليه، واسمه سمعان الخراز، يعمل في دباغة الجلود، وتصنيع الأحذية، وعاش في القرن العاشر، وعاصر المجاعة التي طالت مصر في أيام حكم الدولة الإخشيدية، في الفترة بين عامي 934 و968 ميلادية، قبيل حكم الدولة الفاطمية، وكانت له قصة عظيمة في تاريخ الكنيسة الأرثوذوكسية، تروي أنه في أحد الأيام أتت امرأة جميلة جدا لتصلح حذاءها لدى سمعان، وبينما هي تخلع حذاءها، إذ انكشفت ساقها، فرآها سمعان واشتهاها، وبسرعة مسك المخرز وأدخله في عينه التي اشتهت ساق تلك المرأة فأفرغها؛ تنفيذًا للآية التي تقول: "إن كانت عينك اليمنى تعثرك، فاقلعها وألقها عنك، لأنه خير لك أن يهلك أحد أعضائك، ولا يلقى جسدك كله في جهنم".

واشتهر سمعان بحمله جرة ماء طيلة الوقت، وكانت جزءا من حياته، إذ كان يقوم بتوصيلها إلى الشيوخ والمرضى في منطقة سكنه بمصر القديمة، لذلك كان الشخص المناسب لتلك المهمة المستحيلة، وحين ذهب إليه الأنبا إبرام أخبره أن الله اختاره ليقوم بهذا العمل العظيم.

وبعد فترة من المناقشة طلب الخراز من البابا أن يصعد إلى الجبل، ويصطحب معه جميع رجال الدين والشمامسة وبعضا من شعب الكنيسة، ويطلب من الملك الحضور هو وحاشيته معهم، بحيث يقف البابا وصحبته ناحية الجبل، ويقف الملك وحاشيته في الناحية المقابلة لهذا الجبل، وأن يقوم البابا وصحبه بحمل الأناجيل والصلبان عاليا، ويحملون معهم شموعا طويلة موقدة، ويرددون جميعهم كلمة كيرياليسون: "يا رب أرحم"، أربعمائة مرة، بينما يقف هو وسط المسيحيين كي لا يعرفه أحد. وبعدما انتهي البابا ورعيته من كل تلك الأمور، نتقل الجبل بالفعل من موضعه إلى المكان الذي اختاره الخليفة، وحدث زلزال كبير في مصر، لذلك سمي هذا الجبل المقطم؛ لأنه تم تقطيعه إلى ثلاثة قطع؛ كل واحدة خلف الأخرى، وانتقل من مكانه القديم لمكانه الحالي.

 

اخترنا لكم
عماد ابو الفتوح عندما عرفت أن الرواية القا...
سلمى أمين هل تمنّيت يومًا أن تتحدّث أكثر م...
 هند الجندي ينظر معظم الناس للأذكياء...
لينا العطّار/  اخترنا لكم من اراجيك...
بقلم: تركي المالكي الحياة مليئة بالجمال وا...
اخترنا لكم هدى قضاض- اراجيك  يعد ا...
منوعات
نغم كراجه/غزة يواجه الشباب صعوبة في إيجاد...
رغد السقا/غزة يمر ذوي الإعاقة بظروف نفسية...
سها سكر/غزة "لا تحسَبِ المجدَ تمرًا أ...
نغم كراجة/غزة "أمي لم تفِ بوعدها، أخب...
إسراء صلاح/غزة هنا غزة المدينة المنكوب...
عرين سنقرط/القدس ربما قطار الفرح في مدينتي...