لؤي رجب/ غزة
يعاني مربو النحل في قطاع غزة أوضاعا اقتصادية صعبة، نتيجة الدمار الهائل الذي لحق بمزارعهم بسبب العدوان الإسرائيلي المتتابع على القطاع، الذي كان آخره صيف العام الماضي 2014، إضافة إلى الأضرار الناجمة عن التغيرات المناخية. فضلا عن إصابة المناحل بالفيروسات، وغياب الدعم والاهتمام بهذا القطاع الاقتصادي الحيوي، واستيراد العسل من الخارج، وعدم توفر أجهزة فحص للعسل داخل قطاع غزة.
لقد أدى العدوان الإسرائيلي الأخير على القطاع إلى الإضرار بـ8000 خلية نحل، من إجمالي 20 ألف خلية. وتقدر القيمة الإجمالية لخسائر قطاع تربية النحل بحوالي ثلاثة ملايين دولار، سواء كانت أضرارا مباشرة أم غير مباشرة.
النحالون يشتكون
ويوضح علي أبو حسنة، 46 عاما، من سكان خان يونس، إن ثلاثة اعتداءات إسرائيلية على قطاع غزة، والمنخفضات الجوية، أثرت بشكل كبير على مشروع تربية النحل عنده، وتسببت في نفوق مئات آلاف النحلات، موضحا أن مناحله تقع قرب الخط الفاصل بين القطاع وأراضي 48.
وينوه إلى أنه لم يجد أي مؤسسة تعوضه عن الخسائر الفادحة التي لحقت بمصدر رزقه، ويقول: "هناك مشكلة أخرى تواجه مربي النحل، تكمن في عدم تسويق المنتج المحلي؛ بسبب وجود عسل مستورد من الصين، سعره أقل من المنتج المحلي".
ويعتبر ناجي وهدان، 50 عاما، من شمال غزة، أن موسم العسل لهذا العام لا يكاد يذكر مقارنة بالأعوام الماضية، مشيرا الى أن هطول الأمطار الغزير في شهري كانون الثاني وشباط الماضيين، قد ألحق أضرارا كبيرة بالموسم. ويقول: "ما يزيد الطين بلة ذلك الارتفاع غير المسبوق لدرجات الحرارة في الأسابيع الماضية، وتعرض الخلايا لتلك الموجه الحارة، أدى إلي أضرار جسيمة إضافية".
أضرار جسيمة
ويعتبر عماد غزال؛ مدير الجمعية التعاونية لمربي النحل بقطاع غزة، أن فرع النحل يتعرض للإهمال والتهميش من جميع الوزراء السابقين والحاليين، ومن المؤسسات الأهلية العاملة بقطاع غزة، ويقول: "هذا القطاع الاقتصادي من أكثر الفروع الزراعية تضررا على مدى السنوات الخمس عشرة الماضية". مشيرا إلى أنه يتم حصر الأضرار والخسائر بعد كل عدوان دون أي تعويضات تذكر.
ويؤكد أن المزارعين يكافحون بكل الوسائل للحفاظ على هذه المهنة المتوارثة، رغم ضعف العائد المادي مقارنة مع الأعوام السابقة، حين كانت الخلية الواحدة تنتج أكثر من 15 كغم، في حين تقدر كمية إنتاج الخلية الآن بـ10 كيلوغرامات فقط، ويباع الكيلوغرام الواحد من العسل بنحو 60- 70 شيكلا.
استيراد العسل
ويأسف غزال لسماح وزارة الزراعة في غزة باستيراد العسل، بحجة ارتفاع الأسعار، ووجود عجز في المنتج المحلي. ويقدر يوجد عدد المناحل في القطاع بـ18000 خلية، دخلت موسم أزهار الربيع، وأنتجت حوالي 200 طن من العسل.
ويوضح بذلك أنه لا يوجد عجز في إنتاج عسل النحل في القطاع، ويقول: "لو كان سبب الاستيراد توفير أنواع أجود من العسل المحلي، فإن عمليات الفحص التي قامت بها الجمعية لكل الأنواع المستوردة، تبين أن كل ما يتم إدخاله إلى القطاع من العسل غير مطابق للمواصفات الفلسطينية".
ويضيف: "بعض تلك الأعسال لا يمت لعسل النحل بصلة، وأغلبه ترتفع فيه نسبة هيدروكسيد ميثيل فورفورال، وهي مادة ضارة بالصحة، تنتج بسبب تسخين العسل لإبقائه سائلا لا يتجمد".
ويضيف إلى هذه المعيقات معيقا آخر، يكمن بقرب خلايا النحل من المزروعات، مما يؤدي إلى تأثر الخلايا بالرش بالمبيدات، وخصوصا ما تقوم به قوات الاحتلال عند رش المزروعات على الحدود الشرقية لقطاع غزة.
كما إن العسل يعاني من مرض "الفاروة"؛ لعدم توفر العلاج الناجع، مما ساهم في انتشاره بشكل واسع.
عجز في المنتج المحلي
ومع ذلك يعتبر المهندس طاهر أبو حمد؛ مدير الإنتاج الحيواني في وزارعة الزارعة، أن القطاع الزراعي في فلسطين يعاني من نقص في إنتاج كميات العسل بغزة؛ بسبب الحصار المفروض على القطاع، وقلة أشجار الكينا، التي تنتج المادة الأساس في إنتاج العسل، مشيرا إلى أن الكميات التي تنتج في غزة منه لا تكفي لسد احتياجات سكان القطاع.
ويوضح أن قطاع غزة ينتج سنويا حوالي 220 طنا من العسل ذي الجودة العالية، إلا أن الإنتناج هذا العام قل كثيرا عن هذا المعدل، مبينا أن الكمية التي يستهلكها القطاع أكبر من التي يتم إنتاجها، حيث تقدر احتياجات قطاع غزة من العسل بحوالي 500 طن سنويا.
وحسب إحصائيات وزارة الزراعة فإن هناك 14 مزارعا تشكل المناحل مصدر رزقهم، يملكون 20 ألف خلية نحل في القطاع، ويعمل سنويا في هذا القطاع الزراعي حوالي 450 عاملا، بشكل دائم أو موسمي.
ويؤكد أبو حمد أن وزارته تتابع بشكل مستمر عبر قسم النحل مشاكل العاملين في قطاع النحل، وتجري فحوصات دائمة لضمان الجودة، وتقوم بتجارب لتحسين سلالات النحل، واختبار عدد من العلاجات لمقاومة الآفات.
ويوضح أن الوزارة ماضية باتجاه إقامة مختبر تحليل مادة العسل؛ ليتم التأكد من جودتها دون الاستعانة بمختبرات خارجية.