"المصور" رحلة بحث عن الصورة والذاكرة الفلسطينية

2016-05-12 12:07:06

عبد الكريم عودة/غزة

عاش المسرح الفلسطيني فترة سبات عميق اقتصرت على الأعمال الفردية، ولكنه استيقظ مؤخرا ليعود إلى جمهوره من جديد. ومن المسارح التي أثبتت وجودها مسرح رشاد الشوا الثقافي في غزة، الذي عرض على خشبته مسرحية "المصور"، التي تصور أحداثها معاناة الفلسطيني من تهجير وأسر واستشهاد، من إخراج حسين الأسمر، وتمثيل علي أبو ياسين، الذي ترك عبق الذكريات المؤلمة التي ولد منه ربيع الفن المسرحي.

والمسرح أبو الفنون، وأكثر الأشكال تأثيرا في نفوس الناس، وثاني أقدم أشكال الفن بعد الشعر.

فصول المسرحية

دقت الساعةُ الخامسة، وما إن انطفأت الأنوار داخل القاعة وفتح الستار، بدأ الجمهور بالتصفيق الحار، وانحبست الأنفاس قرابة ساعة، لنعيش حالة من التفاعل الوجداني مع نجم المسرحية "درويش اليافاوي"، الذي جسدت المسرحية حياته في أزقة مخيم للاجئين.

وتدور أحداث المسرحية حول عائلة فلسطينية هجرت من يافا إلى مخيم للاجئين، لتعيش فصولا من البؤس والمعاناة، تبدأُ بأسر أحد أبنائها في سجون الاحتلال الإسرائيلي، وارتقا آخر شهيدا برصاص الاحتلال خلال الانتفاضة الأولى، وثالث يختار الغربة ويهاجر؛ بحثا عن حلمه الذي لم يجده بعد، والأب يحترق صبرا ليجمع أسرته ويلم شملهم، ويعيش على أمل خروج ابنه من الأسر وعودة الآخر من الغربة.

سبب التسمية

وأطلق الكاتب عاطف أبو سيف على مسرحيته عنوان "المصور"؛ لأن  المصور هو الشخص الذي يصور حياة الناس وواقعهم بصور كثيرة يلتقطها لهم أثناء عمله، ويقول: "حاولت أن أجسد الواقع الفلسطيني والتحولات الكثيرة التي طرأت عليه خلال نصف قرن من الزمن، فوجدت ضالتي في شخصية المصور، التي يمكن من خلالها الحديث عن الواقع والتحولات الكثيرة التي مر بها".

واقع يلامس القلوب

لامست المسرحية قلوب كل من شاهدها، وكان أكثر تفاصيلها تأثيرا قصة المرأة التي أنجبت ابنها بعد معاناة طويلة من الحرمان، وبعد أن كبر وحيدها أمام ناظريها، والتحق بالجامعة، إذ به يرتقي شهيدا برصاص الاحتلال، فتجتهد للحصول على صورة تذكارية التقطتها مع ابنها عند المصور قبل سنوات من استشهاده. وبعد أن يبحث المصور "درويش" في آلاف الصور التي التقطها خلال نصف قرن من الزمن، يقول مخاطبا المرأة سومة: "يوم مات طفح الدمع من عينينا، وكوى خدودنا واحنا بنودعه، انت بتفكريه ابنك لحالك، هادا ابنا كلنا، كان ابن الحارة كلها". في إشارة إلى أن كل شهيد يرتقي هو ملك لفلسطين، وليس خاصا بذويه.

ويؤكد الممثل علي أبو ياسين أن المسرحية تعتبر رحلة بحث في الذاكرة الفلسطينية، ورصدا لخمسين عاما من تاريخ الشعب الفلسطيني، ويقول: "يرصد المصور قصص الشهداء والأسرى والمعتقلين وأحلام الناس التي تكسرت على عتبة السنين الماضية". ويضيف: "هي بانوراما فلسطينية تعكس تاريخا كاملا للشعب الفلسطيني".

المونودراما الفلسطينية

ويوضح حسين الأسمر؛ مخرج المسرحية، أن الواقع الفلسطيني يمر بتحولات اقتصادية، وسياسية، وثقافية ومعرفية، تحتاج إلى نقد للخروج من الواقع الذي نعيشه فنسير نحو الأفضل.

ويقول: "لقد شبهت المونودراما بحياة الشعب الفلسطيني، الذي يعيش حياة فريدة من نوعها منذ عام 48، وزادت هذه الحالة سوءا مع الحصار والانقسام السياسي".

لقد ارتبط وجود المسرح بوجود الإنسان على الأرض، ورغم توالي العدوان على قطاع غزة، إلا أنه تمكن من ترك بصمات وجوده مرة أخرى، ليصل صداها إلى جميع جدران القطاع المغلق بالحواجز، وليثبت أن بطن غزة يلد الفن حيا دون أن تهضمه أمعاء الجلادين.

اخترنا لكم
عماد ابو الفتوح عندما عرفت أن الرواية القا...
سلمى أمين هل تمنّيت يومًا أن تتحدّث أكثر م...
 هند الجندي ينظر معظم الناس للأذكياء...
لينا العطّار/  اخترنا لكم من اراجيك...
بقلم: تركي المالكي الحياة مليئة بالجمال وا...
اخترنا لكم هدى قضاض- اراجيك  يعد ا...
منوعات
نغم كراجه/غزة يواجه الشباب صعوبة في إيجاد...
رغد السقا/غزة يمر ذوي الإعاقة بظروف نفسية...
سها سكر/غزة "لا تحسَبِ المجدَ تمرًا أ...
نغم كراجة/غزة "أمي لم تفِ بوعدها، أخب...
إسراء صلاح/غزة هنا غزة المدينة المنكوب...
عرين سنقرط/القدس ربما قطار الفرح في مدينتي...