ولاء عمرية/ جنين
لم يكن مشهد الطفل إيلان الكردي، البالغ من العمر 3 سنوات، ببلوزته الحمراء، وهو يستلقي ميتا على أحد شواطئ تركيا أثناء محاولته مع عائلته الوصول إلى جزيرة كوس اليونانية، مشهدا عاديا وصامتا وحزينا فقط بالنسبة لياسمين، التي تساءلت: "ماذا لو لم يغرق إيلان"؟
ياسمين محمد أبو عرة، 16 عاما، من بلدة عقابا شمال غرب محافظة طوباس، استلهمت من ظلام غرق الطفل إيلان فكرة مشروع "بدلة الحماية من الغرق"، ضمن مسابقة "المعرض الفلسطيني للعلوم والتكنولوجيا".
فكرة المشروع
تقوم فكرة البدلة على تحويل المواد من الحالة الغازية إلى الحالة السائلة لتنتفخ البدلة فترتفع للأعلى لتطفو على الماء.
وقد مر المشروع بثلاث مراحل، بدايةً بالأنبوب حول جسم الإنسان، ثم صمامين من “نترات البوتاسيوم” و”نترات الصوديوم”، ولكن تم استبعادهما لتحولهما إلى مواد حارقة عند التفاعل، وفي النهاية تم الوصول إلى الشكل النهائي للبدلة.
720 مشروعا وفكرة على مستوى محافظات الوطن تقدمت لمسابقة المعرض الفلسطيني للعلوم والتكنولوجيا، لتتوج في النهاية عشرة مشاريع، من ضمنها بدلة الحماية من الغرق.
الحظ والمال لم يخدما المشروع
تقول ياسمين: "كان من المفروض أن تشق بدلة الحماية من الغرق طريقها لتنافس مشاريع أخرى في أمريكا، ولكن مشروعي لم يخرج؛ لأنه لا يزال غير مصنع، وأنا لا أملك الإمكانيات لتصنيعه، فتم استثنائي من ذلك".
وتضيف: "لم أجد من يتبنى فكرة مشروعي، ولم أمتلك الحظ والمال كآخرين طبقوا مشروعهم على أرض الواقع، وتمكنوا من السفر والمنافسة ضمن مشاريع عالمية أخرى".
تنهدت ياسمين وأكملت: "كنت أتمنى أن أجد من يدعمني ويقدم لي على الأقل المواد والأدوات الداخلة بالتصنيع والمكلفة ماديا بالنسبة لي، ولكني لم أجد سوى بعض الإرشادات من مهندس التربية، ومعلمتي صفاء دراغمة التي أوصلتني إلى تربية طوباس للمنافسة على حسابها الخاص، إضافة لتزامن فترة عملي بالمشروع مع فترة إضراب المعلمين".
سفراء فلسطين في الصين
وقد تم تحكيم المشاريع من ثلاثة عشر محكما، إضافة إلى وفد صيني، وبعد اختيار عشرة مشاريع تم إرسال مبدعيها الثمانية عشر طالبا، إلى الصين، كمكافأة لهم لتفوقهم، ولتعريفهم بالثقافة الصينية وتراثها، استمرت لمدة ستة عشر يوما في جامعة "Beijing University of Technology".
وتقول ياسمين: "كان كل شيء جديدا بالنسبة لي، ثقافتهم وطريقة تناولهم الطعام ولغتهم. إذ تعلمت الكثير من كلماتهم والحروف الصينية، وتعرفت على بعض الأماكن التراثية والتاريخية والمتاحف الصينية، وأطلقوا علينا لقب "سفراء فلسطين في الصين" و"علماء الصين الصغار".
تأمل ياسمين وعائلتها أن تجد من يتبنى مشروعها ليرى النور ويحقق الهدف الإنساني الذي صنع من أجله، وألا ترتبط فاجعتنا بالوجع بل بالأمل دائما. وختمت ياسمين بقولها: "لو ارتدى إيلان الكردي البدلة ما غرق"!