جامعات الضفة الغربية مغناطيس جديد يجذب طلبة الداخل المحتل

2016-10-29 08:50:34

ولاء عمرية/ جنين

ماذا يعني أن تكون طالبا من الداخل المحتل الفلسطيني وتدرس في جامعات الضفة الغربية؟ يعني أن تكون ذاك الشيء المميز واللافت ومحط الانتباه، وأن تحاول إثبات أنك فلسطيني عربي كالبقية هنا، وأن لا تباغت لسانك تلك الكلمات العبرية بالظهور فجأة دون سابق إنذار، ولتكون بعيدا عن مسميات "عرب الداخل"، و"عرب إسرائيل"، و"مش ضفاوي".

عندما تصبح الضفة الغربية هي الملجأ الأنسب لطلبة الداخل المحتل بعيداً عن امتحان "البسيخومتري"، الذي يجب عليهم اجتيازه للتسجيل في الجامعات العبرية، إضافة لكونها الأقرب والأقل كلفة من الدراسة في جامعات الخارج. حيث تبلغ نسبة طلاب الداخل المحتل في الجامعة العربية الأمريكية بجنين مثلا 45% من نسبة طلابها حسب ما قاله لنا مدير علاقاتها العامة فتحي عمور.

إلى أين أنتمي؟

ويقدر عدد فلسطينيي الداخل المحتل الحائزين على مكانة "مقيم دائم" ما يقارب 20% من سكان دولة الاحتلال، وهم لطالما عانوا من التمييز ضدهم.

وقد جاء في تقرير للجنة مراقبة حقوق الإنسان (Human Rights Watch) أن الطلاب العرب في المدارس الحكومية يتلقون تعليما سيئا بسبب انخفاض عدد المعلمين، وعدم كفاية عدد الأبنية المدرسية، وعدم وجود المكتبات والأماكن الترفيهية.

وبالتالي فإن الولاء والانتماء بالنسبة لهم مشكلة حقيقية؛ فهم لا ينتمون لتلك الدولة، ويشعرون بالاختلاف عندما يدخلون حدود الضفة الغربية، فكيف حال طلاب الداخل المحتل في جامعاتنا؟

"لم أشعر يوما أنني لا أنتمي إلى الضفة الغربية، بل بالعكس ازداد شعوري بالانتماء حالما اندمجت تماما في البيئة الجديدة، ولم يشعرني أحد من صديقات وأصدقاء في الضفة الغربية، وحتى من دكاترة الجامعة أننا نختلف في شيء"، وهو ما قالته سجود عمرية؛ طالبة علاج النطق والسمع في جامعة النجاح الوطنية من طيبة المثلث.

ولكن محمد عطية؛ من مدينة الرملة، طالب علم الاجتماع وخدمة المجتمع في ذات الجامعة، يخالفها الرأي؛ حيث يعاني من صعوبة التأقلم مع العادات والتقاليد والنمط التعليمي الذي يختلف كليا عما اعتاده سابقا.

ويقول: "عندما يخرج بعض الكلمات العبرية لاإرادياً أثناء حديثي مع أحدهم تلاحظ نظرات الاستغراب تحيط بك من كل جانب، وأشعر أني غريب هنا، وقد تمنيت كثيرا أن أعود للدراسة في الداخل المحتل".

وقد اختار الطالب إياد أحمد محاجنة؛ من مدينة أم الفحم، الدراسة في الجامعة العربية الأمريكية من دافع قومي عربي وطني، وأهم المشاكل التي تواجهه يتمثل في النزعة القبلية والانتماء لبلد أو قبيلة واضحة.

أما هادي عاصي؛ طالب الصيدلة في جامعة النجاح الوطنية من كفرا برا، فقد عانى في البداية من صعوبة التأقلم؛ لأنه لا يحب كثيرا مخالطة الآخرين وإنشاء علاقات جديدة، ولم يعتد الاستماع إلى محاضرات والدراسة باللغة الإنجليزية، ولكنه لم يشعر يوما أنه لا ينتمي إلى "هنا"، بل عندما أتيحت له فرصة العودة للدراسة في الداخل المحتل رفض ذلك، وقال: "الجو التعليمي هنا رائع وكذلك الأشخاص".

وترى أمل أسعد؛ طالبة اللغة العربية والإعلام في الجامعة العربية الأمريكية، من قرية عرب الشبلي، أن الصعوبة لا تكمن بالتأقلم في الجامعات الفلسطينية، بل في التأقلم مع التمييز العنصري القائم في الجامعات العبرية، و"استحالة اندماجي في تلك الأجواء، ناهيك عن امتحان القبول للجامعات الإسرائيلية ذي الصعوبة العالية، ولو رغبت أن أتعلم فيها لنجحت".

أما بالنسبة لنظرة طلاب الضفة الغربية وتعاملهم مع زملاء الدراسة الجدد، فتقول طالبة الطب وجراحة الفم والأسنان إباء غنام من مدينة طولكرم: "أغلب طلبة فلسطينيي الداخل يواجهون صعوبة في التأقلم مع الحياة الجديدة؛ بسبب الاختلافات الكثيرة في التعامل والبيئة". وتجد إباء أن هذا الاختلاف منطقي، فمن الطبيعي أن "أتعامل مع شخص من عرب الداخل بطريقه تختلف تماما عن تعاملي مع شخص من الضفة؛ لأن الاختلاف المجتمعي والبيئي والحياتي يؤثر بشكل جذري على كيفية التعامل مع كل شخص"، لكن حسب رأيها فإن الأكثر منطقية ألا يكون هذا الاختلاف سببا للحقد والضغينة؛ "فجميعنا موحدون على كلمة أصلي فلسطيني" كما تقول.

 ما المميز في تجربتك؟

وتحدثنا سجود عمرية عن المميز في تجربتها الدراسية في جامعة النجاح الوطنية، فتقول: "اكتسب أصدقاء من شتى أنحاء البلاد ومختلف التخصصات، وتعرفت على أشخاص رائعين، ووجودي في مدينة نابلس أعتبره دائما مميزا، ودافعا قويا للفرح، إضافة إلى اشتراكي في عدة نشاطات من خلال مجموعات تطوعية"، وتضيف: "مما يجعل هذه التجربة مميزة دائما أنها كانت من اختياري بشكل كامل، أي أنني أخوض قراراً اتخذته من ناحية التخصص والمكان، وأتحمل مسؤوليته بدعم من أهلي، وهم مصدر قوتي".

وترى أمل أسعد؛ من الجامعة العربية الأمريكية، أن تعدد البيئات والثقافات في الجامعة ساهم في صقل شخصيتها، وتقبل آراء ووجهات نظر أخرى، ومن خلال هذا التعدد "نجحت في إيصال فكرة معينة أن العرب في الداخل الفلسطيني المحتل هم فلسطينيون وطنيون على عكس ما كان يعتقده بعضهم".

أما هادي عاصي من كفر برا، فيقول: "الميزة في هذه التجربة أنها تمنحك ثقة في نفسك لتتمكن من العيش في مكان غريب، وتؤهلك لبناء نفسك من أجل المستقبل، إضافة إلى إقامة علاقات جديدة".

أما محمد عطية من الرملة فيقول: "صحيح أننا كلنا عرب. ولكن هناك اختلاف واضح في الفكر والتعامل، إضافة إلى تجربة العيش في بلد آخر والتعرف إلى أصدقاء جدد أصبحوا جزءا لا يتجزأ منك".

وعبرت دعاء عمرية؛ من الجامعة العربية الأمريكية عن أنها أصبحت تتقن لهجات كثيرة، وتقول: "أصبح لدي قاموس واسع من لهجات فلسطين التاريخية، ناهيك عن الصداقات الكثيرة والأجواء الجديدة، فكيف لا تكون هذه التجربة مميزة"؟!

اخترنا لكم
عماد ابو الفتوح عندما عرفت أن الرواية القا...
سلمى أمين هل تمنّيت يومًا أن تتحدّث أكثر م...
 هند الجندي ينظر معظم الناس للأذكياء...
لينا العطّار/  اخترنا لكم من اراجيك...
بقلم: تركي المالكي الحياة مليئة بالجمال وا...
اخترنا لكم هدى قضاض- اراجيك  يعد ا...
منوعات
نغم كراجه/غزة يواجه الشباب صعوبة في إيجاد...
رغد السقا/غزة يمر ذوي الإعاقة بظروف نفسية...
سها سكر/غزة "لا تحسَبِ المجدَ تمرًا أ...
نغم كراجة/غزة "أمي لم تفِ بوعدها، أخب...
إسراء صلاح/غزة هنا غزة المدينة المنكوب...
عرين سنقرط/القدس ربما قطار الفرح في مدينتي...