جَدي كما سمعت عنه

2018-07-26 17:46:07

غيداء حموده/ رام الله،

هذه المره اخترت جدي لأكتب عنه، أنا لم أعايشه ولكنني عرفته من كلام من حولي من الأقارب والمعارف؛ الجميع يكن له الإحترام والتقدير، فكما يقولون كان إنسانًا خلوقًا، محبًا للعلم، يُساعد الناس، جريئًا في الحقِ، يُسكنه وطنه.

ولد جدي  ُمحمد في قرية لفتا قضاء القدس عام 1927، لأب وأم من عائلة حموده، درس الإبتدائي في مدرسة لفتا الأميرية، وكانت أكبر المدارس قضاء القدس، أكمل المرحلة الإعدادية في مدرسة العمرية ، ومن ثم أكمل دراسته الجامعة في الكلية الإبراهيمية وهما في القدس، وحصل على شهادة "صب مترك" في اللغة العربية عام 1945، ومن ثم إلتحق بوظيفة في البنك العربي في القدس حتى حلول النكبة عام 1948، وهُجر وجميع أهالي القرية كباقي القرى المجاوروة، أما عائلته "آل حموده" فقد ذهبت إلى قرية ديربوان شرق رام الله بسبب وجود نوع من القرابة والنسب مع آل حموده، وبعد الهجرة عمل مدرسًا للغة العربية والاجتماعيات في مدارس الحكومة؛ إذ كانت الضفة الغربية آنذاك تابعًة للحكم الأردني. 

كان ناشطًا في المجال السياسي، مما أدى إلى اعتقاله عدة مرات من قبل الحكومة الأردنية بسبب مقاومته للاحتلال بأشعاره وكتاباته. الأمر الذي  أدى إلى فصله من الوظيفة الحكومية لمدة أربع سنوات، وبعد ذلك تم نقله تعسفيًا إلى بلدة نعلين قضاء رام الله، خلال  هذه الأربع سنوات قام بفتح محٍل تجاري بالشراكة مع شخص آخر. جدي لم يتوقف عن نشاطه السياسي، كان حُلمُه الأكبر أن يعود إلى قريته "لفتا".

تزوج  إمرأة من قريته، عاشا في نعلين مدة ثلاث سنوات، وهناك رزقا بأول مولودة لهما أسمياها خولة تيمنًا بالصحابية خولة بنت الأزور،  لكن توفاها الله، بعد فترٍة قصيرة رزقا بعشرة أبناء رباهم على القيم والمبادئ الصحيحة، وحب الوطن، وقول الحق، كما أنه عُرف لصرامته في التربية. بين حٍل وترحال، إنتقل جدي إلى بيت حنينا حيث عملَ معلمًا للغة العربية  في دار المعلمين، ومن ثم معلمًا في  قرية ديردبوان لفترة طويلة، وآخر المحطات كانت في قرية بتين.

أصيب جدي بأكثر من مرض بفعل الإعتقالات المتعددة في المعتقلات الأردنية، وتنقل أثناء فترة علاجه بين مستشفى وآخر في القدس ورام الله، إلى أن توفاه الله عام 1980م عن عمر يناهز ال53 عامًا.

في فترة السبعينات كان راتب جدي لا يتجاوز ال12 دينار، وبهذا المبلغ كان يعيل عائلة مكونة من 13 فردًا .. الأم والأب الابناء واخته، عاشوا في بيت صغير مكون من ثلاثة غرف. اتسمت الحياة في القرية بالبساطة والكثير من الألفة بحكم عدد سكانها المتواضع. 

كان جدي متعلمًا ومحبوبًا من الناس،  بيته مقصدٌ  للكثير من أهل القرية ليكتب لهم الرسائل ويرسلها  لذويهم  وأبنائهم المغتربين؛ لأنه من القلة القليلة المتعلمة في القرية التي اعتمدت حياتها على الزراعة ورعي الأغنام. وقبل وفاته بدأ ببناء بيت في قرية بتين، ولكن المنية أدركته فلم يُتمه، وأتمه أولاده بعد ذلك.

 أصبحت حياة العائله صعبة بعد وفاته؛ إذ ترك عائلة مكونة من عشرة أفراد، إلا أن  زوجته  "جدتي" كانت امرأة عصامية، وقد قال بعض من أدى واجب العزاء  حينذاك: " لقد ضاع أولاد محمد فهد" فقط لمجرد بقاء هذه الأسرة مع معيل واحد وهي جدتي التي أزعجتها هذه الكلمات، وواجهت بعدها مشاكل كثيرة، إلا أنها تغلبت عليها وحافظت على نسيج العائلة بمساعدة ابنها البكر وحققت حُلم جدي في تعليم أبنائها، وتتمة منزل العائلة.                                           

اخترنا لكم
عماد ابو الفتوح عندما عرفت أن الرواية القا...
سلمى أمين هل تمنّيت يومًا أن تتحدّث أكثر م...
 هند الجندي ينظر معظم الناس للأذكياء...
لينا العطّار/  اخترنا لكم من اراجيك...
بقلم: تركي المالكي الحياة مليئة بالجمال وا...
اخترنا لكم هدى قضاض- اراجيك  يعد ا...
منوعات
نغم كراجه/غزة يواجه الشباب صعوبة في إيجاد...
رغد السقا/غزة يمر ذوي الإعاقة بظروف نفسية...
سها سكر/غزة "لا تحسَبِ المجدَ تمرًا أ...
نغم كراجة/غزة "أمي لم تفِ بوعدها، أخب...
إسراء صلاح/غزة هنا غزة المدينة المنكوب...
عرين سنقرط/القدس ربما قطار الفرح في مدينتي...