هديل طاهر/ رام الله
لست أستاذة في التنمية البشرية، ومقالي هذا لا يلائم محبي الوصفات السريعة والحلول السحرية لتحقيق التفوق والنجاح، لكنني صاحبة تجربة، أو فلنقل طالبة استطاعت حل مشكلة العلامات المتدنية ببعض من التنظيم، وبإيماني أن الأمر ممكن إن أردت.
وببساطة قررت وضع النقاط على الحروف، ورددت لنفسي أن علي أن أتعب لأجل الامتياز، وإن تعبي هذا في المحصلة سيزول، وسيبقى النجاح مع أبوابه المشرعة أمام فرص أفضل في الجامعة وما بعدها.
فإذا أردتم أعزائي الطلبة، وأخص بذلك المقبلين على سنتهم الجامعية الأولى، معرفة كيف رفعت معدلي الجامعي، اقرأوا حتى النهاية.
أولا: حددوا أهدافكم
اجلسوا مع أنفسكم واسألوا: ماذا نريد من هذه الحياة؟ لماذا دخلنا الجامعة؟ وماذا نريد منها؟ وهل نحن متأكدون من التخصص الذي اخترناه؟ وهل يقع النجاح ضمن قائمة أهدافنا؟
كان تحديدي لهدفي من دخول الجامعة واختياري لتخصصي، حافزا أذكر به نفسي كلما أهملت، أو شعرت بالضغط، وأوشكت على الاستسلام والانسحاب، وهذا بدوره نجح كثيرا في إعادتي إلى المسار الصحيح.
ثانيا: صنفوا موادكم الدراسية
ضعوا ضمن برامجكم الفصلية مواد سهلة وصعبة، كي لا تستنزفوا طاقتكم، وللإفادة وإعطاء كل مادة حقها، كما إن في المواد السهلة فرصة للتعويض إذا ما كانت علامات موادكم الصعبة غير موفقة.
أحسست بالفارق في علاماتي باتباعي النهج السابق، حيث كنت أعطي الجهد والوقت الأكبر للمواد الصعبة، ثم تأتي المواد السهلة لتعطيني فرصة للراحة، لكن دون إهمالها أو تقصير فيها.
ثالثا: لا تنسوا محاضراتكم
لا تتغيبوا عنها، فالغياب يترك لدى الأساتذة انطباعا سيئا عنكم، ويؤثر سلبا على علامات النشاط. فحاولوا عدم تجاوز الغيابات الثلاث المقررة؛ لأن حضوركم يعني فهما أعمق واستفادة أكبر، وفرصة جيدة للنقاش وتبادل الآراء مع زملائكم ومدرسيكم، وفي هذا كله ترسيخ للمعلومة، وإيجابيات جمة تنعكس على صفاتكم الشخصية؛ كالثقة والجرأة والفاعلية.
أذكر عندما تغيبت عن إحدى محاضراتي مرارا؛ إهمالا وثقة بأنني أستطيع الدراسة بمفردي، لأكتشف أنه لم يكن قرارا صائبا؛ فالامتحانات الجامعية؛ عزيزي الطالب، ليست كتلك المدرسية التي يأتي نصها حرفا من الكتب. ولا أنسي ذلك الموقف عندما استلمت امتحان المادة التي تغيبت عنها كثيرا، فشككت بأنه امتحان لمادة أخرى، ولم أفهم شيئا منه، وشعرت بالدوار لفرط التوتر.
رابعا: اجلسوا في الصفوف الأولى
عندما تجلسون في أول أو ثاني صف، لن تستطيعوا حتما العبث بهواتفكم، أو التهامس مع زملائكم، إلى جانب كونكم ستركزون تلقائيا مع ما يشرحه المدرس، وستكونون غالبا محورا لتركيزه. واحرصوا دوما على تدوين الملاحظات المهمة التي يركز عليها المدرس حتى لا تنسوها ليلة الامتحان.
في سنتي الأولى والثانية كنت أعتقد أن الجلوس في آخر الصف رائع، وأنني لن أكون بذلك "في بوز المدفع" كما يقولون، وأن الصفوف الأولى للمجتهدين المملين، وجلوسي في الصفوف الأخيرة يعني جوا من المرح وفرصة للتهامس وأخذ قسط من التسلية على الفيس بوك، إلا أن مردود ذلك كان عبئا أحسسته ليلة الدراسة للامتحان، حيث وجدت صعوبة في فهم المادة، واستحضار أهم ما ركز عليه المدرس. لكن ذلك لم يستمر طويلا عندما قررت أن أخطط للأفضل.
خامسا: اهتموا بواجباتكم
لا تجعلوا من واجباتكم شيئا ثانويا، فعلامة واحدة قد تصنع فارقا، كما إن في حصدها تعويض للتقصير إذا ما واجهتكم صعوبة أو ظروف في الامتحانات النصفية والنهائية. تناقشوا مع زملائكم في إنجاز الواجبات دون أن تتكلوا عليهم؛ فتفقدوا القدرة على النجاح بمفردكم، وسلموا واجباتكم في الموعد المحدد، فالتزامكم بالمواعيد يعطي طابعا إيجابيا على كافة الصعد.
جدير بالذكر أنني كالكثيرين كنت أعتقد أن الجامعة أسهل، وبها فسحة من الراحة والمرونة مقارنة مع الدوام المدرسي، ووجدتها "بين بين"؛ أي أنها سهلة وصعبة إن أراد الطلبة، وأظن الفارق في الشعور بالمسؤولية والقدرة على تنظيم الدراسة في ظل عدم وجود امتحانات يومية، ومتابعة مستمرة للتأكد من الحفظ وحل الواجبات. ولكن وفي نهاية المطاف، فإن المرحلة الجامعية فترة من حياتكم ستنتهي، وستعز عليكم ذكرياتها وتتمنون عودتها، لتعيشوا اللحظات الجميلة ذاتها، أو لتقتنصوا فرصا أضعتموها، ومع كل هذا وذاك أنصحكم أعزائي أن تستمتعوا بالمرحلة الجامعية وتعيشوها بحب ومغامرة وجنون، وكونوا بتفوقكم وروحكم وأخلاقكم أصحاب بصمة لا يزول أثرها عند مدرسيكم وأصدقائكم.