روحي الخماش الموسيقار الفلسطيني مطوّر الموسيقى العراقية

2016-06-02 19:07:23

طارق خميس/ رام الله

"ذاهب إلى نابلس حيث بيتي"، هكذا كان يجيب روحي خماش من يسأله عن وجهته. أصدقاؤه يعرفون جيدا أن بيته في مدينة المحمودية العراقية التي قدم إليها بعد النكبة من مدينة نابلس، لكنه أعاد تسمية المكان لتغدو الخسارة أقل وطئا، أو ربما ليتنفس إلحاح الذاكرة على جسد الجغرافيا. منذ سن السابعة بدأ الخماش حياته الفنية؛ فتعلم العزف على العود، والأدوار؛ وهي أسلوب موسيقي، والموشحات.

بدايات الخماش

وفي عام 1933؛ كان لقاؤه الأول بكوكب الشرق أم كلثوم، عندما قدمت إلى يافا لتحيي حفلا في مسرح أبو شاكوش، استمعت يومها لروحي الصغير عندما غنى لها مونولوج "سكت والدمع تكلم"، الذي لحنه القصبجي؛ الموسيقار المصري المعروف، فأعجبت بموهبة الفتى، وتوقعت له مستقبلا باهرا.

وهذا ما حصل أيضا مع محمد عبد الوهاب، الذي منحه هدية رمزية تعبيرا عن إعجابه به. وأنهى الخماش دراسة الموسيقى في معهد فؤاد الأول للموسيقى العربية في القاهرة، متما منهاج المعهد المعد لخمس سنوات في سنتين فقط، وتخرج فيه بامتياز، ثم عاد إلى فلسطين ليتولى قيادة الفرقة الموسيقية التابعة لإذاعة القدس.

رب نكبة نافعة

وعندما حلت النكبة، اضطر للرحيل إلى العراق. كان هذا الرحيل هو المرحلة الهامة من مراحل عطاء الخماش؛ فعين لدى وصوله قائدا للفرقة الموسيقية المسائية، وعمل معها، ثم عين مدرسا في معهد الفنون الجميلة ببغداد، وخلال عمله هناك أسس عدة فرق موسيقية وغنائية، قدمت الكثير من أعماله وألحانه في مجالات عديدة، منها الموشحات والقصائد والابتهالات والأناشيد الوطنية، وكذلك في الموسيقى الآلية.

رحيله وانجازاته

لقد رحل الخماش الأستاذ والملحن المبدع عنا، ودفن في مقبرة الكرخ قرب بغداد في الأول من أيلول عام 1998. وكان عازفا بارعا على العود، ومطربا جميل الصوت، ملحنا ومؤلفا موسيقيا مبدعا؛ ففي مجال التلحين وضع ألحان ثلاثين موشحا منها: "هات يا محبوبي كأسي"، و"يا مليحا بالتثني"، و"أجفوة أم دلال".

كما لحن سبعة ابتهالات دينية منها "لبيك قد لبيت لك"، و"يا من يحار المرء من قدرتك"، و"حكمة الصوم". ولحن ثمانية أناشيد وطنية منها "وطن واحد"، و"أخي العربي"، و"جيش أوطاني المظفر". وفي مجال التأليف الموسيقي، وضع أربع سماعيات ولونجا واحدة؛ وهي قطعة موسيقية ذات طابع سريع ونشط، إضافة إلى سبع عشرة مقطوعة موسيقية، منها "شم النسيم"، و"ضفاف دجلة"، و"أفراح الشباب".

ثورة ثقافية موسيقية

ورحل الخماش بعد أن أحدث ثورة ثقافية في رحاب الموسيقى لدى دخوله دار الإذاعة العراقية، إذ التف حوله أغلب العاملين في حقل الموسيقى مذهولين من قدراته ومؤهلاته الكبيرة، وسعة مداركه، وكان أغلب الملحنين آنذاك يحفظون ألحانهم شفهيا؛ لعدم معرفتهم بأصول كتابة النوتة الموسيقية وقراءتها، وهو ما كان الخماش يتقنه.

 لقد جعل إتقان الخماش فن الموشحات وأسرارها، وتجربته مع أستاذه الشيخ علي الدرويش، منه مصدرا رحبا وثريا للغناء العراقي؛ فكان أول من أدخل هذا الفن في معهد الفنون الجميلة بعد تعيينه مدرسا فيه، فأعد أجيالا متعاقبة في هذا الميدان، وممن تتلمذ على يديه، الفنان العراقي نصير شمة، الذي أشاد بأثر الخماش على الموسيقى العراقية.

 وقد اشترك الخماش مع الباحث ثامر العمري، في جهود مضنية استمرت ثلاث سنوات، في وضع كتاب يوثق للأجيال اللاحقة أسلوب قراءة المقام العراقي والغناء الريفي، كما أثرى المكتبة الموسيقية بمائة مؤلف، وبلغ عشقه لآلة العود أنه طلب من صانعه الفنان محمد فاضل العواد أن يصنع له "العود السباعي"؛ الذي تحدث عنه الفارابي في كتاب "الموسيقى الكبير"؛ وانتهى بشوق إلى أحضان الخماش، حيث احتوت الآلة الجديدة المجال الصوتي لآلات الجلو والعود والقانون، وكان أثرها واضحا على الأعمال التي قدمها خماسي الفنون الجميلة.

 وقد أخذت المؤسسة الفلسطينية للتنمية الثقافية «نوى» على عاتقها مهمة الحفاظ على التراث الموسيقي العربي في فلسطين، فأطلقت مشروع «هنا القدس»، الذي يهدف إلى إعادة إنتاج مؤلفات الموسيقيين الفلسطينيين الرواد، الذين قدموا إسهامات واضحة في الفضاء الموسيقي، وبدأ المشروع بأول عمل له، وهو أسطوانة سجلت في الناصرة بعد تشكيل فرقة موسيقية بقيادة الفنان سمير مخول، تضم خمسة موشحات، وثلاث قطع موسيقية للموسيقار الراحل روحي الخماش.

اخترنا لكم
عماد ابو الفتوح عندما عرفت أن الرواية القا...
سلمى أمين هل تمنّيت يومًا أن تتحدّث أكثر م...
 هند الجندي ينظر معظم الناس للأذكياء...
لينا العطّار/  اخترنا لكم من اراجيك...
بقلم: تركي المالكي الحياة مليئة بالجمال وا...
اخترنا لكم هدى قضاض- اراجيك  يعد ا...
منوعات
نغم كراجه/غزة يواجه الشباب صعوبة في إيجاد...
رغد السقا/غزة يمر ذوي الإعاقة بظروف نفسية...
سها سكر/غزة "لا تحسَبِ المجدَ تمرًا أ...
نغم كراجة/غزة "أمي لم تفِ بوعدها، أخب...
إسراء صلاح/غزة هنا غزة المدينة المنكوب...
عرين سنقرط/القدس ربما قطار الفرح في مدينتي...