سيرة إدورد سعيد الذاتية في كتاب "خارج المكان"

2015-03-13 11:12:41

سليم حبش

يعتبر البروفيسور إدوارد سعيد، المقدسي وأستاذ الأدب الإنجليزي والآدب المقارن في جامعة كولومبيا في نيويورك، من أهم نقاد العالم في فترة ما بعد الحرب، ومؤلف كتابي الاستشراق، والثقافة الإمبريالية، بالإضافة إلى العديد من الكتب الأخرى التي تصنف ضمن أهم الكتب العالمية.

يحمل إدوارد سعيد، ملامح شخصيتين مختلفتين تماما، الأولى تحمل الجنسية الأمريكية، والثقافية الغربية، والثانية وجهه العربي، وانتماؤه الفلسطيني، ونقرأ استهلاله بقلمه: "هذا الكتاب سجل العالم مفقود أومنسي". بترجمة أنيقة  من فواز طرابلسي، الذي استطاع أن يترجم معه تواصل سعيد من الإنجليزية إلى العربية، حيث يعقد المؤلف في مقدمته مقارنة بين جوزيف كونراد، البولوني الذي يكتب بالإنجليزية، وبين المترجم نفسه، كونه عربيا يكتب بالإنجليزية، مشيرا إلى الصعوبة الكامنة في الفرق في التعبير بين اللغتين من حيث التراكيب والاستعارات. ثم نقرأ مقدمة لإدوارد سعيد، يشكر فيها كل من ساعده في فترة مرضه وعلاجه، حين تم تشخصيه على أنه مريض باللوكيميا؛ سرطان الدم، كما يقدم شكره إلى كل من ساعده في كتابة هذه السيرة التي أعانت ذاكراته على كتابة تفاصيلها كاملة.

تقسيم الكتاب

يقع (خارج المكان) في تسعة فصول لا يحمل أي كان منها عنوانا، موزعة على 359 صفحة من القطع المتوسط، تتخللها ست عشرة صفحة، تحتوي على صور من مراحل مختلفة من حياته، تشكل بامتزاجها معا قصة حياة إدوارد سعيد، ويبدأها المؤلف بعبارة مثيرة: "تخترع جميع العائلات  أباءها وأبناءها، وتمنح كل واحد منهم قصة وشخصية ومصيرا، بل إنها تمنحه لغته الخاصة. ويستعرض فيها قضيته التي تتمثل في ثنائية الهوية، حيث نقرأ عن سعيدين اثنين، سعيد الخارجي، حسب النمط الذي أراد والداه له أن يكون، والآخر داخلي، شخصي، وبعيد كل البعد عن الشخصية الآخري المطيعة لرغبات الأهل.

ونراه يعاني من الأثر الذي تركه التناقض الذي يحمله اسمه ( إدوارد سعيد)، في نفسه، وعمل على إنشاء ثنائية الهوية لديه، فاسمه الأول، اطلقه عليه والده تيمنا بوريث العرش البريطاني، الذي يطع نجمه عام 1935، أي في العام الذي ولدت فيه. ومن جهة أخري، يروي لنا نبذه من حياة والديه، وديع وهيلدا الفلسطينين من خلفيتين مختلفتين تماما، والمزاحين اللذين يعيشان في مجتمع القاهرة الكولونيالي، كجزء من أقلية مسيحية، فكان أبواه غالبا لا يشاركان في أي نقاش حول قضية فلسطين، والخسارة الكبيرة التي أصابت العرب بفقدها.

ثم ينتقل فيما للحديث عن تعلمه في مدارس إنجليزية وأمريكية في القاهرة، وانتقاله فيما بعد إلى الولايات المتحدة الامريكية، وماتركه ذلك من آثار في نفسه، وهنا نلمح وجها جديدا لإدوارد سعيد، يتمثل في دائرة اهتمامه واختصاصه، والتي اشتملت على السياسة والآداب والموسيقي والفلسفة والتاريخ، التي امتزجت معا في الكتاب، لتعرفنا بالفلسطيني الذي عاش طفولته في الشرق الأوسط، ثم انتقل للعيش في الولايات المتحدة.ونراه كذلك شاهدا على ما تركته الحرب العالمية الثانية على العالم العربي من آثار؛ حيث فقد وطنه إثر تقسيم فلسطين، وقيامه دولة إسرائيل. كما نلاحظ أن مراحل آخري أثرت على إدوارد سعيد، كالحقبة الناصيرية في مصر، وتكوين منظمة التحرير الفلسطينية، والحرب الأهلية في لبنان، وصلا إلى عملية السلام المتعثرة في بداية التسعينيات.

لا يمكن إدراج خارج المكان لإدوارد سعيد ضمن الكتب السياسة، مع أنه متعلق بشكل مباشر بالقضية الفلسطينية، حيث إنه لا ينقذ فيه النظريات الصهيونية حول فلسطين، وإنما يروي بكل قوة، حكاية الإنسان الذي ساهم في تخليص العالم من تناقضاته وتعقيداته.

 

اخترنا لكم
عماد ابو الفتوح عندما عرفت أن الرواية القا...
سلمى أمين هل تمنّيت يومًا أن تتحدّث أكثر م...
 هند الجندي ينظر معظم الناس للأذكياء...
لينا العطّار/  اخترنا لكم من اراجيك...
بقلم: تركي المالكي الحياة مليئة بالجمال وا...
اخترنا لكم هدى قضاض- اراجيك  يعد ا...
منوعات
نغم كراجه/غزة يواجه الشباب صعوبة في إيجاد...
رغد السقا/غزة يمر ذوي الإعاقة بظروف نفسية...
سها سكر/غزة "لا تحسَبِ المجدَ تمرًا أ...
نغم كراجة/غزة "أمي لم تفِ بوعدها، أخب...
إسراء صلاح/غزة هنا غزة المدينة المنكوب...
عرين سنقرط/القدس ربما قطار الفرح في مدينتي...