غيدا حمودة- رام الله
لا أخفي عليك عزيزي القارئ لهذه اللحظة أخشى أن أنظر للأستاذ عارف حجاوي بعيني المجردة هذا فعلٌ جريء من شخص يصف نفسه على أنه أقل من المتواضع في اللغة العربية ولكنه يحمُل لها في قلبه شغف كفيل بأن يوزع على الكرة الأرضية بأكملها!
أنا لم أولد وفي يدي قلم وكتاب، وملَكة الكتابة لدي لم ألحظها قبل ال 15 عاماً.. يا إلهي أشعر وكأنه اكتشاف متأخر ولكن لا بأس.
وأنا فعُل الكتابة بات صديقي المفضل عندما لا أقوى على التعبير عما يجول في خاطري، يعتقد الشخص أنه كلما ازداد تعلقاً بشيء معين ألفهُ وحفظهُ عن ظهر قلب، وهذا بالضبط ماذا يحصل معنا عندما يتعلق الأمر باللغة العربية! يعيشُ الإنسان متأملاً أن يختم العلم ولكن هذا من سابع المستحيلات لأنه ببساطة ما نفع استمرار الحياة إن تعرفنا على أسرارها كافة؟!
في كتابه "اللغة العالية" الصادر عام 2017 يحاول العارف أن يدخلك إلى عالمه حيث تتربع العربية على عرش تجربته الإعلامية التي أعتبرها أكبر من أعمارنا نحنُ جيل التسعينات، يخاطبك من خلف الحروف وكأنه يمسك الحرف ويتدارس وإياه بطريقة ملفته للانتباه؛ فتارةً يخبرهُ الأخير أنا "الذال" وهذا ما أفعلهُ، وتارةً يجلس الحجاوي وفي يده سبورة يدون عليها ما يدلي عليه من الكلمات ويضعها في قالب تفاعلي بُغية أن يبحر المطالع في بحر قاموس هذه الحروف، الله يا أستاذي ما عادت لنا حُجة في أن نخاف العربية! بصراحة جعلتني هذه اللغة أكثر تنافسية من ذي قبل وقريحتي مفتوحة! أتدري لماذا؟! لأنني بدل المصدر أتجه لمصدرين وأكثر حتى أتأكد من تشكيلة الكلمة وتصريفاتها، ونعم لا أحبذ الوقوع في الخطأ عندما أستند على إحدى كتاباته.
كلٌ لديه أسلوب وهذه الديموقراطية في أبهى حللها، وأستاذنا لا يُحاول أن يفرض نفسهُ علينا، على العكس تماماً لأن كُثر أشادوا بطريقة طرحه وأنا واحدة منهم، وهكذا هو جوهر العملية التعليمية ذاك الذي يعطيك المعلومة وأنت تختار كيف تتلقاها، والجميل في أسلوب أستاذ عارف أنه يُخيرُك ولا يجبرك على شيء، ولكن العبرة تكمن في أن تتأثر دونما تشعر، وهذا بالضبط ما حصل معي. أتمنى يا أصدقاء أن ألتقي به مرة أخرى على غرار المرة الأولى التي كانت عابرة جداً واقتصرت على حفظ توقيعه بين دفتي كتاب.
قبل أن أتعرف على الآخرين لا ألبث إلا وأبني حاجزاً بيني وبينهم خشية أن تعترض تجربتي المتواضعة طريق هاماتهم العالية، وهنا أقصد أمثال الحجاوي ومن سار على دربه، ولكن أتذكر أننا ولآخر يومٍ في حيواتنا نحن طلاب وهي مدرسة والعارف ليس إلا واحد من مدرسيها.