سوار أبو شمعة/ رام الله
لكَ أن تتخيل تفاصيل مشهد همجي وعنصري واحد يلخص معاناة الشعب الجزائري أثناء الاستعمار الفرنسي الذي استمر 132 عاما، عند مشاهدتك لفيلم "معركة الجزائر"، الذي تضمن تفاصيل مقاومة الشعب الجزائري وجبهة التحرير الجزائرية لنمط استعماري همجي.
الأبيض والأسود ينطق
ورغم أن الفيلم أنتج عام 1966، باللونين الأبيض والأسود، إلا أن مشاهده واضحة وجميلة، فكانت بذلك أقرب للواقع وللذهن، إذ صور نمط معيشة الجزائريين في ظل الاستعمار الفرنسي ومعاناتهم، بطريقة جعلت المشاهد يعيش في قلب الجزائر وأحيائها، ويتنقل من شارع لآخر.
وما جعل الفيلم واقعيا هو سنة إنتاجه التي لا تبعد كثيرا عن تاريخ استقلال الجزائر وتحررها من الاستعمار الفرنسي سنة 1962م.
تتعدد الاحتلالات والمشهد واحد
ولا تكاد هذه المشاهد تغيب عن المشاهد الفلسطيني الذي يعاني حتى الآن من الاحتلال الإسرائيلي، فسرعان ما ستشعره وتذكره بالضغط والاضطهاد والتفرقة العنصرية، التي عانى منها ولا يزال، وهي السمة المشتركة بين الاحتلال والاستعمار.
تمثيل المعاناة ممن عانوها
أخرج الفيلم المخرج الإيطالي بونتيكورفو، لسيناريو عن جبهة التحرير الجزائرية، مبني على أساس قدوم صحفي للجزائر وإنتاج فيلم عن واقعها، مركزا على سنوات الثورة حتى الاستقلال.
إلا أن جبهة التحرير الجزائرية رفضت هذا السيناريو، وأرادت سيناريو يعرض التجربة الجزائرية أو الثورة الجزائرية من وجهة نظر جزائرية، فاقتنع المخرج بذلك، وغير السيناريو. وقرر أن يتم تمثيل مشاهد الفيلم من قبل جزائريين عشوائيين تم اختيارهم عبر مراقبته لأشخاص من عامة الشعب الجزائري. ومن بينهم شخصية "علي لبونات"، أحد قادة جبهة التحرير، وهو أمي بالأصل، وكان متهما بالعديد من التهم القضائية والقانونية، ولكنه تحول إلى شخص ثوري شرس، وهو ما يعني أنه لم يلجأ إلى ممثلين احترافيين لتأدية المشاهد.
نجاح رغم المنع
فيلم معركة الجزائر كان ممنوعا من العرض في كثير من الدول غير فرنسا. وفي أميركا سنة 2002 م، حينما كانت أمريكا تخطط لاحتلال العراق، تم عرضه على بعض الخبراء في القوات الأمريكية، لتتم الاستفادة من أساليب القمع الوحشية التي كانت تمارس ضد الشعب الجزائري، وتمت مناقشة مضمونه والإشكاليات التي قد تترتب على استخدام القمع وكيفية حلها.
ولهذا الفيلم دور مهما في تأريخ الماضي، خصوصا ماضي الجزائر التي وقعت تحت وطأة الاستعمار، ودور جبهة التحرير في مقاومتها، تلاحما مع إرادة الشعب الجزائري في محاربته للمستعمر.
ويكشف الفيلم عن وحشية المستعمر، ويؤكد على فكرة محورية، هي أنه مهما اشتد الظلم وقوي عصبه، سيأتي يوم تخلع فيه جذوره!