ريم علي/ رام الله
99.7%، 99.6%، 99.4%، 99.3%... هي قصص نجاح قبل أن تكون أرقاما كانت من نصيب متفوقين الثانوية العامة من مختلف المناطق الفلسطينية، تفصلهم أعشارا بسيطة لتتحدد مراتبهم على قائمة الأوائل.
وككل عام كان للإناث النصيب الأوفر من المعدلات المرتفعة؛ فالأولى على فلسطين لعام 2016 هي الطالبة رهف عبد الله من قرية بيتا قضاء نابلس. وكانت نسبة الإناث من العشرة الأوائل 70%، ما الذكور فبلغت نسبتهم 30%.
لم تكن هذ النسبة في تفوق الإناث هي المرة الأولى في فلسطين؛ فما هي الأسباب؟ وهل يمكن أن تتغير هذه النتيجة في الأعوام القادمة؟ هل هي ظاهرة محلية أم عالمية؟
تساؤلات كثيرة تراود ذهن من يركز في هذه النتائج المتشابهة في معظم الأعوام.
تشترك فلسطين ومعظم دول الوطن العربي، بتعزيز النظرة الذكورية التي تقلل من احتكاك الأنثى أو المرأة بشكل عام في المجتمع الخارجي، وربط حياتها بالأمثال والمعتقدات المنتشرة، وبالرغم من سلبية ذلك إلا أنه خدم في اتجاه آخر، وارتفع تحصيل الإناث في نتائج الثانوية العامة.
فتقول لارا زياد من مدينة رام الله، 20 عاما، أن سبب ارتفاع نسبة النجاح وتفوق الإناث على الذكور يعود إلى الثقافة السائدة في المجتمع، من حصر وجود الفتاة في البيت، عدا عن محدودية خروجها لزيارة صديقاتها، وعدم وجود جانب ترفيهي لهن.
بعكس الشباب الذين لديهم مساحة أكبر من الحرية تجعله يقضي ساعات طويلة خارج البيت ما بين أصدقائه والسيارات والرحلات وغيرها. ما يؤدي إلى عدم وجود منفذ للفتاة سوى الدراسة والتعليم، وخصوصا إناث الريف اللواتي يعانين من محدودية الحركة والتنقل لعدم وجود جوانب ترفيهية في معظم القرى كالنوادي، والمقاهي، والمطاعم، والحدائق.
وتابعت لارا: " كما أن تكرار الجمل التي تشجع الإناث أعلى الدراسة: سلاح البنت شهادتها، البنات اشطر من الشباب...".
وتعبر رهام نافز الحاصلة على معدل 95%: "إن سبب نجاحي وتفوقي يعود إلى أسباب أخرى غير الثقافة والمجتمع، وهو حبي لبناء مستقبلي وإتمام تعليمي ودخولي التخصص الذي أريده، لاستقل بذاتي عقليا وماديا وأكون على مستوى من الوعي والثقافة".
وقد كشف تقرير لموقع Arabian business حسب دراسات سابقة أجريت في جامعة بنسلفانيا (Martin Seligman and Angela Lee Duckworth)، أن الفتيات أكثر قدرة على الانضباط الذاتي والاصغاء، ما يجعلهن أكثر قدرة على فهم تعليمات الامتحان قبل البدء بالإجابة على سبيل المثال.
هذا وقد صرحت صحف يومية للجزائر واليمن وغيرها من الدول عن وجود نسبة عالية في تفوق الإناث على الذكور لديهم في نتائج الثانوية العامة، وكانت الأسباب متشابهة جدا بين الدول إضافة إلى تراجع تحصيل الذكور؛ ما أدى إلى بروز دور الإناث وزيادة منافستهن.
وكشف التقرير أيضا عن أسباب تراجع الذكور مثل: عدم التركيز والاهتمام بالدراسة والدراسة غير المنتظمة ما يؤدي لتراكم المادة الدراسية عليه، كما أن عمالة الاطفال المنتشرة بين الذكور تؤثر سلبا على التحصيل العلمي وقدرتهم على الجمع ما بين التعليم والعمل.
وأشار التقرير إلى أن ثقافة دونية التخصصات تؤثر سلبيا على الذكور، فعدم تقبل الأهالي للتخصصات المهنية، تجبر الذكور على التعليم في المجالات العلمية والانسانية ونتيجة عدم تقبلهم للتخصص يحصلون على علامات متدنية.
فكما تحدث الشاب محمد اسماعيل، 18عاما، من رام الله: "إن عدم تحصيلي على معدلات مرتفعة طوال فترتي في المدرسة هو رغبتي بالعمل المهني، وعدم تقبل أهلي بالدخول إلى التعليم المهني قبل إنهاء مرحلة الثانوية العامة بغض النظر عن النتيجة".
بالرغم من تعدد الأسباب التي تختلف مع دول أخرى وتتشابه مع أخرى، إلا أنها اصبحت ظاهرة عالمية.
ولكن الأمر المتشابه في هذه الظاهرة هي محدودية التخصصات بالنسبة للإناث بالرغم من نتائجهن المرتفعة، وعدم قدرتهن على التعلم خارج حدود دولهن، بعكس الذكور المسموح لهم اختيار التخصص الذي يريدونه في دول أخرى تستقبلهم وإن لم يتناسب مع معدلاتهم.