مرحلة التيه في خليط من الثقافات المزيفة

2017-04-23 12:58:53

علاء ريماوي/ رام الله

الحياة هي أكبر محطة يمكن أن يتعلم من خلالها الإنسان أجمل التفاصيل وأقبحها في وقت واحد، وإن الإختلاف الذي يجده الإنسان في الشخصيات والطبيعة وما إلى ذلك بحد ذاته علم يمكن أن يغنيك عن النظريات التي وضعت في محاولة لفهم المجتمع، الأجيال بإختلافها تملك كل واحدة منهما في جعبتها كما هائلا من الأحداث والتصرفات التي يعتبرها البعض ساذجة ولكنها تحمل في طياتها عبرا لمجرد التفكير فيها بعمق تكتشف المجتمع وما فيه من تفاصيل وإختلافات تصنع سلوكا نتج من تراكمات فكرية وسسيولوجية مختلفة.

طفولة الفطرة وسواد النضج

لو تحدثنا عن فئة الأطفال في لحظة، تلك التعابير التي ترسم على وجوههم في الحزن والفرح وفي الدهشة والحيرة، تلك الأفكار التي تلوج في عمق أدمغتهم، السؤال المتكرر عندما يرون أو يسمعوا شيئا جديدا على لسانهم يقولون "ليش؟" تلك الفطرة التي ترغمهم على هذا السؤال هي فطرة المعرفة والإكتشاف، ولعلي أستذكر ذلك الموقف عندما كنت جالسا مع أصدقائي وكان هنالك طفلا قريبا لأحد أصدقائي وعندما أشعل صديقي سيجارة ليدخنها قال له " إرميها في الزبالة" لعل الطفولة تصقل بطينة نقية لا يشوبها شائبة، تولد بفطرة حسنة كبستان مليء بالورود الجميلة ذات الرائحة الزكية، فما الأسباب التي تؤول لتحول بعض الأطفال لصورا بشعة في بعض الأحيان؟ أيعقل أن تؤثر البيئة التي يعيشوها على خصال شخصياتهم؟! أم أن التربية على شيء معين تقتل الفطرة وتسجنها في كهف بعيد بلا عودة؟ أحدثكم عن المحيط والعقل والمؤثرات الخارجية والنفسية الداخلية التي من شأنها أن تغلف الفطرة الحسنة بغلاف شديد السواد، تعلمنا الطفولة الإخلاص والوفاء، تعلمنا الإنسانية التي فقدناها، ونحن في المقابل نعلمها الخبث والرياء، أن القوي هو الطاغي والضعيف هو المسحوق، لماذا لم نعلمهم أن القوي يجعل الضعيف أقوي لا العكس.

الحاضر مرحلة فاصلة

الإختلاف الآخر يعيدنا معا للماضي ليمزجه بحاضر مغبر ومستقبل متناثر، بعض العائلات التي ما زالت متمسكة بجذور الحياة التقليدية، تلك الأصالة التي لم تتخلى عنها مع التقدم والتحضر والحداثة التي جلبناها لأنفسنا بمفاهيم ليست واضحة، عائلة ممتدة مازالت متقاربة لم تبعدها الحداثة عن جمالية العيش في أصالة الماضي، رغم أن الحياة تتغير مع مرور الزمن وتختلف الأفكار، دعونا نتحدث عن عائلة لم يتبقى سوى الأب والأم منها في سقف واحد وأولادهم هنا وهناك كلا في حياته الخاصة، أتملك معنى للحياة كما تلك العائلة؟،  يكفي أن ترى رب الأسرة وأولاده وأحفاده من حوله وكأنهم يصنعون مجتمعا خاص بهم، تلك الإبتسامة التي رأيتها في عيون تلك المسنة حينما تحدثت عن ماضيها وكيف كانت صورة المرأة في ذلك الوقت وعتابها المتكرر لوالدها لأنه لم يدعها تتعلم، لن نمجد الماضي لذلك الحدث فكل مرحلة فيها ما هو إيجابي وسلبي  على حد سواء، دعونا ننظر لتلك الألفة التي يملكونها، تلك الصلة الحميمة التي ما زالت تربطهم ألم تفقدها بعض الأسر خاصة التي تعيش بشكل منفصل، الإختلاف البنيوي والمعنوي بين أشكال الأسر فيه عبرة ونقمة، ولعل العبرة أجمل بكثير لكوننا بحاجة لذلك التماسك في وقتنا هذا.

الثقافة المختلطة التي نتعرض لها ونصنعها هي المفصل والمشبك في كل ظاهرة إجتماعية، ثقافة التهميش، ثقافة الفساد، ثقافة العصبية وثقافة الحداثة المزيفة، خليط أوجدناه في خطوة لمجاراة العالم وتطوره وكأن العقول لم تعد تفهم جدلية الحياة، تلك الثقافة المسمومة التي نتجت من الإنسان نفسه هي المدمر الوحيد لهذا الإنسان، وسيبقى الإنسان عاجزا أمام هذه الجدلية ما دام يمنع العقل عن العمل ولايميز ما بين العاطفة والمنطق.

لو أننا تخيلنا المستقبل معا لوجدناه يقتصر على شاشة تعرض قوائم تشغيلة في الهواء بصورة وهمية تمتزج بكل شخصية على حدا،  بما يتناسب مع إحتياجاته التكنولوجية التي تحدد عقله، الفترة الزمنية التي نعيشها في الوقت الحاضر هي المرحلة الفاصلة ما بين الماضي والمستقبل، هي مرحلة العودة واللاعودة، هي مرحلة فاصلة إما أن نفهمها ونصنع منها مستقبلا نتيجة خليط من الماضي والحاضر المنتقى بما يتناسب مع حفظ الأصالة ومجاراة التطور والحداثة في قالب الحكمة والإنسانية المتناهية التي بدورها ترفع من مستوى مجتمعنا لواقع مختلف وجديد من شأنه صنع حضارة أسمى.

اخترنا لكم
عماد ابو الفتوح عندما عرفت أن الرواية القا...
سلمى أمين هل تمنّيت يومًا أن تتحدّث أكثر م...
 هند الجندي ينظر معظم الناس للأذكياء...
لينا العطّار/  اخترنا لكم من اراجيك...
بقلم: تركي المالكي الحياة مليئة بالجمال وا...
اخترنا لكم هدى قضاض- اراجيك  يعد ا...
منوعات
نغم كراجه/غزة يواجه الشباب صعوبة في إيجاد...
رغد السقا/غزة يمر ذوي الإعاقة بظروف نفسية...
سها سكر/غزة "لا تحسَبِ المجدَ تمرًا أ...
نغم كراجة/غزة "أمي لم تفِ بوعدها، أخب...
إسراء صلاح/غزة هنا غزة المدينة المنكوب...
عرين سنقرط/القدس ربما قطار الفرح في مدينتي...