مسلسل "أم هارون" طمس للتاريخ وترويج للاحتلال

2020-05-10 06:43:00

 

إعداد: ميار حوشية-مدرسة بنات بيت اجزا الأساسية

 

استغلال الأديان

قبيل شهر رمضان بدأت الضجة الاعلامية حول ما سيعرض من مسلسلات والترويج لها وكان من بين المسلسلات الرمضانية مسلسل أم هارون الذي أحدث ضجة عارمة وانتقادات مثيرة، ما دفعني لحضور جزء من الحلقات التي عرضت حتى الآن لتكوين وجهة نظر تحليلية حول ما أثار حفيظة البعض من الشعب الفلسطيني والشعوب المؤيدة للقضية الفلسطينية.

حريٌ بي قبل التطرق للتحليل الإشارة إلى أنه مسلسل كويتي من بطولة الممثلة (حياة الفهد) ونخبه من الممثلين الكويتيين ومن إخراج المخرج المصري محمد إمام وبتمويل إماراتي والذي صور على الأراضي الإماراتية، وعرض على قناة ال mbc.

فكرته العامة تتحدث حول العلاقة بين المسلمين والمسيحيين والجاليات اليهودية في بداية الأربعينيات والتمييز الممنهج ضد هذه الأقليات اليهودية وتدور الأحداث حول طبيبة يهودية تدعى أم هارون التي تعاني مشاكل كثر جراء الاختلاف بين الأديان، وهذا يعني التركيز على الجانب الديني لتشريع كثير من الرسائل التي ينقلها هذا المسلسل، وهذا ما يقوم عليه الاحتلال بالترويج للصراع الفلسطيني "الإسرائيلي" بأنه صراع قائم على الدين وهذا خاطئ فما يحدث هو صراع وجود وصراع أحقية.

تطبيع درامي

تساؤلات كثيرة أثيرت في مخيلتي الصغيرة حول أحداث هذا المسلسل والتي كان بدايتها، التفكّر في غاية الmbc من عرض هكذا مسلسل يروج لأفكار عنصرية وترويجية للاحتلال، وجراء البحث حول سياسة القناة تبين أن القناة لا تتعامل مع "إسرائيل" كدولة احتلال إنما هي تصف قتلاهم مثلا بالضحايا وتعنتهم بدولة "إسرائيل" بشكل واضح وليست تحوي في سياستها مقاطعة للاحتلال وأفكاره.

وهذا دفعني للتساؤل حول الهدف من طرح المسلسل في هذا الوقت بالذات ضمن هذا السياق، والذي لم يكن له تفسير سوى تقارب العلاقات والمصالح السعودية بشكل خاص والخليجية بشكل عام مع إسرائيل، خاصة بعد الأحداث الأخيرة من سيطرة بن سلمان والحرب على اليمن، وحتى إعلان صفقة القرن التي كانت على الطاولة السياسية "الإسرائيلية العربية" منذ احتلال فلسطين ولكن تختلف أساليب الطرح بحسب قياس ردود الأفعال لمناصري القضية الفلسطينية، التطبيع الواضح لبعض الشخصيات الخليجية في الآونة الأخيرة يوضح السعي إلى بث السموم الثقافية والتاريخية والسياسية إلى العقول العربية في محاولة لتجميل صورة الاحتلال وتسويق الرواية الصهيونية، وهذا يعني الغزو الثقافي الذي يعد أخطر أنواع الغزوات فهي توجد شعوبا منساقة لمصير مجهول ومخطط له دون معرفة حقائق الأمور التي طمست، كقطيع الأغنام.

وهنا مفارقة غريبة ألا وهي اختيار شخصية كويتية كحياة الفهد، مع العلم أن الكويت من الدول الداعمة والمؤيدة للقضية الفلسطينية على مر التاريخ، وهنا لم أجد تفسير لذلك سوى احتمالان الأول محاولة لتشويه صورة الكويتيين بنظر الفلسطينيين خاصة والشعوب العربية عامة، والثاني استمالة الرأي العام العربي حول احتمالية طرح مثل هكذا مسلسلات بمواضيع المشوهة من قبل الكويتيين بالرغم من دعمها للفلسطينيين.

استمالة العواطف

يعرض المسلسل في بداية مشهد لحضور سيدة تتحدث اللغة العبرية وبلغة تنم عن ضعف الشخصية ومقدار العذاب الذي تعرضت له وتقرر أنها سوف تكتب وتوثق تاريخ اليهود في الخليج، ثم تتوالى الأحداث الدرامية التي تبقى على نفس الإطار لتصوّر لنا ضعف اليهود ومعاناتهم في دول الخليج، وهنا تصنع المفارقة في تحسين التاريخ السيء المرتبط بالفكر الصهيوني فشخصية أم هارون الطبيبة الوديعة والتي تتصف بطيب الخلق وحسن التعامل بعيدة كل البعد عما عهدناه من اليهود من غدر وخيانة، وأن جميع الشخصيات المسلمة في المسلسل تشيد بخلقها  ولا يستطيعون العيش إذا مر يوم دون رؤيتها متناسين تاريخ اليهود في جزيرة العرب وغدرهم وخياناتهم للمسلمين أكثر من مرة وهذا ما دفع الرسول (صلى الله عليه وسلم) إلى إجلائهم حسب ما يذكره التاريخ لنا .

ولعل ما زاد الأمور سوءا في أحد المقاطع تم إعلان الانتداب البريطاني وقيام دولة "إسرائيل" على أرض "إسرائيل" ولم يذكر فلسطين بتاتاً، وفي هذا مغالطة تاريخية واضحة ومحاوله هدّامة لطمس التراث الفلسطيني عندما يذكر أرض فلسطين بأرض "إسرائيل"، مما دفعني إلى التساؤل أكثر لماذا هذه المحاولة في تغيير المسميات؛ وأعادني لما جاء في وعد بلفور الذي أعلن عام١٩١٧ حيث ذكر فيه أن الفلسطينيين أقليات وأن وجود اليهود متأصل في فلسطين وأنهم أصحاب الحق فهذه رسالة واضحة لطمس التاريخ والأحقية للشعب والأرض والتأثير على عقول المشاهدين لترسيخ معلومات خاطئة.

وفي الختام وحسب رأيي الشخصي هذا المسلسل عمل خطير يشرع بعودة اليهود إلى دول الخليج على الرغم أنهم لم يكونوا سوى أقليات منذ عهد الرسول من أيام خيبر وبني قريظة وبني قينقاع وعرضه خطأ تاريخي لا يغتفر ويهدف إلى طمس عقول الشباب العربي ويؤيد قيام الدولة اليهودية وهذا ما عبر عنه قادة الاحتلال مثل (أفخاي ادرعي) الذي قال تعقيبا على المسلسل هذا "يعني أن اليهود موجودين في كل مكان" والمقصد في حديثه أنهم حضارة ودولة لهم الحق في أي مكان تواجدوا فيه، فإلى متى سيظل الاستخفاف بعقولنا؟

 

اخترنا لكم
عماد ابو الفتوح عندما عرفت أن الرواية القا...
سلمى أمين هل تمنّيت يومًا أن تتحدّث أكثر م...
 هند الجندي ينظر معظم الناس للأذكياء...
لينا العطّار/  اخترنا لكم من اراجيك...
بقلم: تركي المالكي الحياة مليئة بالجمال وا...
اخترنا لكم هدى قضاض- اراجيك  يعد ا...
منوعات
نغم كراجه/غزة يواجه الشباب صعوبة في إيجاد...
رغد السقا/غزة يمر ذوي الإعاقة بظروف نفسية...
سها سكر/غزة "لا تحسَبِ المجدَ تمرًا أ...
نغم كراجة/غزة "أمي لم تفِ بوعدها، أخب...
إسراء صلاح/غزة هنا غزة المدينة المنكوب...
عرين سنقرط/القدس ربما قطار الفرح في مدينتي...