دنيس حسنين/رام الله
"اللغة الإنجليزية صعبة، لا يعلموننا المحادثة، ويركزون على تعليم القواعد، لا يمكنني تكوين جمل، ومشكلتي تكمن في الضمائر، وكلما تعلمت كلمتين أنساهما، لأن الأساليب التي يستخدمها المعلمون لا تساعد، ولا يوجد في بيتي من يستطيع أن يدرسني هذه المادة". يشتمل الاقتباس السابق على غالبية آراء الطلبة الذين يعانون ضعفا في اللغة الإنجليزية؛ وهم كثر.
بالمقابل تطرق أبصارنا وعقولنا إعلانات على شاكلة "تعلم اللغة في ثلاثة شهور"، أو "سنة"، أو "اثنتين"؛ أي إن تعلم اللغة خلال هذه الفترة ممكن ومتاح، مما يجعلنا نطرح استفهاما كبيرا: لماذا لا تكون 12 سنة دراسية كافية لتخريج طلبة يتحدثون الإنجليزية؟
الهيئة التدريسية تطرح الأسباب
ترجع مؤمنة طلب؛ المعلمة في مدرسة العباس بن عبد المطلب، هذه الإشكالية إلى ضعف تأسيس الطالبات في المرحلة الابتدائية، التي تعد مرحلة مهمة في التعلم بشكل عام، كما إن تعليم أي لغة يحتاج إلى استخدام أساليب التعلم النشط لاكتسابها، وهذا الأسلوب مهمل تقريبا في مدارسنا. وترى المعلمة إخلاص المحتسب؛ من مدرسة بنات جبع، أن اللغة تحتاج للممارسة، ولذلك فإنها تلجأ أحيانا إلى قراءة المادة عبر الغناء، وترى أن هذا الأسلوب يساعد في ترسيخ المعلومة لدى الطلبة. وتعتبر أن هناك ثغرة تتمثل في عدم تدرج المنهاج؛ فهو "من الصف الأول إلى الرابع أغلبه سماعي، فيما الصفوف التالية تعتمد على النصوص واستخراج المعاني" كما تقول.
وتعتبر المعلمة منيرة أحمد؛ من مدرسة العباس بن عبد المطلب بغزة، أن ضغط برنامج الحصص الدراسية، خاصة في المرحلة الابتدائية، من أسباب هذا الضعف، وتقترح اختصار نصاب المعلم من الحصص إلى النصف، على أن يلتزم بتكثيف الأنشطة التفاعلية الخاصة باللغة.
أما علي الشريف؛ معلم اللغة الإنجليزية في مدرسة أسعد الصفطاوي، فيشير إلى أن ضعف الطالب من ضعف المعلم، ويشير إلى أن ضعف الطالب في اللغة سببه حاجز الخوف والرهبة من الخطأ.
ويعتبر المعلم سلامة ريحان؛ من مدرسة ذكور قلنديا، أن الوضع الاقتصادي الذي يعاني منه الشعب الفلسطيني، يعتبر عائقا أمام تطوير الطلبة للغتهم الإنجليزية؛ لأن أغلب المراكز التعليمية تتقاضى رسوما شهرية كبيرة.
وتوضح دعاء يوسف؛ المعلمة السابقة للغة الإنجليزية، أن أسباب ضعف الطلبة في اللغة الإنجليزية، تتركز في عدم ثقة المعلم بقدرة الطالب على الفهم، وتقول: "كنت أشرح المادة باللغة الإنجليزية، فوجدت أن الطلبة قادرون على الفهم مع الوقت والتكرار". وتوصي أن يركز المنهاج على السمع لمساعدة الطلبة على الحفظ واللفظ الصحيحين. وتعتبر أن تركيز المعلمين على القواعد، وليس على المعاني كما يحدث في المدارس الخاصة، حيث يحفظ الطالب 200 كلمة يمتحن بها في اليوم التالي، من أسباب الضعف.
أصوات الطلبة
وبالانتقال إلى الجانب الآخر من المعنيين بالموضوع، تقول الطالبة حنان شلح، 15 عاما، من مدرسة العباس بن عبد المطلب: "نحن نواجه مشكلة في التأسيس منذ الصفوف الابتدائية، حيث لا نفهم المادة، وننتقل إلى الصفوف الأخرى على هذه الحالة فتتراكم المشكلات". وتقول إسراء أبو القمبز؛ من ذات الصف: "نعرف أن اللغة الإنجليزية هامة جدا في عصرنا، ولكن المنهاج يفتقر إلى أنشطة مميزة تساعدنا على التفاعل مع الدروس".
ويرجع الطالب عبد الرحمن صلاح الدين، 15 عاما، من مدرسة ذكور حزما، سبب ضعف الطلبة في المادة إلى الطالب نفسه، حيث يقول: "لا يريد الطلبة أن يتعلموا، فأنا أسمع كثيرا منهم يرددون جملة "نحن لا نعرف لغتنا العربية، حتى نعرف اللغة الإنجليزية"، ويتابع: "الطالب هو من يحدد مصيره".
ويعتبر نور بشارات، 17 عاما، من جبع، أن طبيعة المدرس تحبب الطالب في تعلم اللغة أو تنفره منها، وأن بعض المعلمين لا يحاولون تفعيل الطلبة غير المجتهدين في اللغة الإنجليزية.
أما الطالب أحمد السكة، 15 عاما، فيعترف أنه ضعيف في المادة، ويقول: "أنا لا أفهم من الأستاذ في الحصة، وخوفا على معدلي الإجمالي في نهاية السنة، التحقت بدورة مكلفة في اللغة الإنجليزية".
دراسة ونتائج
وفي دراسة لمها عيسى؛ مديرة مدرسة بنات الشواورة الثانوية في بيت لحم، عن أسباب تدني تحصيل طلبة الصف الحادي عشر في مبحث اللغة الإنجليزية من وجهة نظر معلمي المرحلة الثانوية ومديري المدارس الثانوية في المحافظة، كشفت نتائجها أن النسبة المئوية لدرجة تقدير عدم التخطيط السليم للحصص التعليمية تؤدي إلى تدني تحصيل الطلبة بنسبة بلغت 97%، كما كشفت أن عدم إتاحة المنهاج الفلسطيني الفرصة لممارسة الطلبة للغة، تؤدي إلى تدني تحصيل الطلبة بدرجة كبيرة بلغت نسبتها 85%.
وتوصي عيسى بضرورة زيادة الحصص المخصصة لتعليم اللغة الإنجليزية في هذه المرحلة الهامة، والاهتمام بالتخطيط الذهني والمكتوب المناسبين لتنفيذ الحصة التعليمية، وتنظيم دورات تدريبية للمعلمين بهذا الخصوص، والاهتمام بنوع المادة التعليمية أكثر من الاهتمام بكميتها.
رأي وزارة التربية والتعليم
ويعتبر الأستاذ زياد المدهون؛ مدير المشرفين في وزارة التربية والتعليم بغزة، أن ضعف الطلبة في اللغة الإنجليزية ناجم عن قلة فرص الممارسة، حيث يقول: "الإنجليزية لغة ثانية غريبة، والمعلمون أنفسهم لا يتمتعون بفرص ممارستها، ويحتاجون إلى تدريب، وهذا ينعكس على أدائهم في الحصص". ويضيف: "الأساس في اللغة هو التواصل، والقدرة على التحدث أكثر، وليس فقط المعرفة بالقواعد، وهذا يعني أن الامتحان لا يقيس مهارات المحادثة".
ويوضح أن الوزارة تخطط لأنشطة لامنهجية خاصة باللغة الإنجليزية، على غرار نادي اللغة الإنجليزية، لكنها تحتاج إلى تفعيل. ويوصي بإنشاء نواد مجتمعية من شأنها تعزيز موضوع التواصل مع اللغة لكافة الأشخاص في المجتمع، وتفعيلها خلال العطلة الصيفية.
وعودة إلى الخلل في مرحلة التأسيس، يؤكد المدهون على ضرورة أن تضع الجامعات معايير عالية لقبول دراسة هذا التخصص، لا تقتصر على المعدل والرغبة والقدرة على دفع الرسوم الجامعية.
ويشير إلى أن الوزارة تعمل حاليا على وضع منهاج على أيدي خبراء أكفياء متمرسين باللغة من بريطانيا، إضافة إلى مختصين فلسطينيين، يتلاءم مع مستوى الطلاب. ولكنه يعتبر أن المشكلة لا تكمن في المنهاج، وإنما في الوقت؛ حيث لا يعطي المعلم الوقت الكافي للتعامل مع المنهاج.