مواهب الفتيات تدفنها ثقافة العيب

2016-02-15 13:21:40

غدير منصور/ بيالارا

لم تستطع الحان أن تقنع أخيها الأكبر للمرة الثانية، وكذلك سجى التي قالت إنها تمنت أن تكمل وختمت حديثها بـ"تقبلت الأمر" وبدا عدم القبول في نبرة صوتها.. أما رهف فقد تشربت ثقافة العادات واختارت الانسحاب عن قناعة. لم تكن الحان وسجى ورهف فقط بل كانت هناك كرمل وبيروت وآية و تالا وغيرهن ممن اجبن بنفس الإجابات  تقريبا، ونحن هنا لسنا بصدد تجميع أراء متشابهة بل ما يهمنا هو أن نسأل لماذا يبحثون عن مواهب بناتهم الصغيرات ويتباهون بها؟ ثم بعد سن معين يشيعون تلك المواهب  ويدفنوها؟ هم لا يعتبرونه انفصاما في الشخصية بل هو: "البنت كبرت وعيب الناس بتحكي". وهنا تتوقف أحلام الفتيات باكتمال النمو!

هذا ببساطة ما يحصل  في فرق الدبكة الفلسطينية المنتشرة في كثير من التجمعات، ومن المؤسف أن هذه الفرق ما أن تبرز حتى تتفكك بانسحاب الفتيات عند بلوغهن عمر –العيب-؟!

تقول الحان نصر 18 عاما؛ من رام الله: "اضطررت إلى ترك الدبكة بسبب معارضة أخي الأكبر، الذي لم يكن هو أيضا مقتنع بمنعي إلا انه تعرض لنقد المجتمع  فطلب مني ذلك لكني أقنعته برأيي، فمضت أربعة أشهر أخرى وأنا مستمرة في الدبكة، ثم عاد وطلب مني التوقف بسبب التعرض المستمر لنقد المجتمع، وأخبرني بأن الكثيرون لا يرون في الدبكة سوى رقصة كغيرها ونحن من قرية ولا أحد يتقبل أن تقفز وتتمايل  البنت أمام الشبان.

أما سجى نبيل 18 عاما، صفا/ رام الله فقالت: "توقفت عن الدبكة منذ سنة تقريبا لأنني كبرت وأهلي لا يقبلون أن استمر بهذا العمر"،  وتضيف  عندما تركت الدبكة شعرت بالأسف والحزن، وتمنيت لو أنني أستطيع أن العودة مرة ثانية".

في حين تكتفي رهف مخطوب 16 عاما بممارسة موهبتها داخل أسوار المدرسة وفي مناسبات غير مختلطة، لكن ما يميز رأي رهف عن غيرها هو أنها كانت ستتوقف عن الدبكة  حتى لو لم يمنعها أهلها لأنها  كبرت ولا يصح أن تدبك أمام الشباب كما تقول

يقول ماهر شوامرة مدير مسرح " الشرق ..والمسرح الراقص"  في هذا الشأن إن رعاية الموهبة  مختلف من عائلة لعائلة ومن نمط تربية لآخر ومن مكان لأخر أيضا، والمشكلة أن الموهبة لدينا آنية بالنسبة للولد والبنت، ويضيف إن احتراف الرقص عند البنت مرتبط بإثبات الذات وحب الظهور، فمن خلاله  تؤكد البنت بأنها ملهمة وموجودة، وهذا غير موجود في مجتمعنا الذي يطمس موهبة البنت ويحاصرها بالانتقاد، وهو ما يدفع البنت إلى طمس ذاتها لا إبراز موهبتها كما في حالة رهف. ويشير شوامرة إلى أن الحل يكون أولا من خلال بناء ثقة وصداقة بين المراكز التي تعنى بتطوير المواهب والعائلات،  وثانيا من خلال توعية الأهل بأهمية الموهبة وتطويرها.ويفضل أن  تتولى فتيات تدريب المواهب لبث الطمأنينة عند الأهل ولتحقيق  الاستمرارية، و لا بد من طرح  الرأي بالموهبة من خلال أسلوب مخاطبة العقل في سبيل التحرر من بعض العادات والقيود المجتمعية غير المبررة في محاصرة مواهب الفتيات في الدبكة.

فتيات من أرياف فلسطين، أثواب فلسطينية جذابة و ساترة ارتدين، وعلى أنغام موسيقى تراثية ملتزمة رقصن، احترفن تميزن وأبدعن، ثم توقفن عن ممارسة مواهبهن فقط لأنهن كبرن، فلم تشفع نظرة المجتمع للموهبة عند نضوج الجسد هي ببساطة  دالة أخرى على أن الفتاة في مجتمعنا لم تخرج بعد من دائرة تغليب القشور على العمق والقيمة، لنصرة عادات وتقاليد قديمة.

اخترنا لكم
عماد ابو الفتوح عندما عرفت أن الرواية القا...
سلمى أمين هل تمنّيت يومًا أن تتحدّث أكثر م...
 هند الجندي ينظر معظم الناس للأذكياء...
لينا العطّار/  اخترنا لكم من اراجيك...
بقلم: تركي المالكي الحياة مليئة بالجمال وا...
اخترنا لكم هدى قضاض- اراجيك  يعد ا...
منوعات
نغم كراجه/غزة يواجه الشباب صعوبة في إيجاد...
رغد السقا/غزة يمر ذوي الإعاقة بظروف نفسية...
سها سكر/غزة "لا تحسَبِ المجدَ تمرًا أ...
نغم كراجة/غزة "أمي لم تفِ بوعدها، أخب...
إسراء صلاح/غزة هنا غزة المدينة المنكوب...
عرين سنقرط/القدس ربما قطار الفرح في مدينتي...