هاتف عمومي

2016-02-14 09:42:11

قمر شريف/ رام الله

المؤلف: عباد يحيى؛ كاتب وباحث فلسطيني، ورئيس تحرير موقع "ألترا صوت"، وعمل باحثا في المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، يحمل شهادة الماجستير في علم الاجتماع من جامعة بيرزيت. و"هاتف عمومي" هي روايته الثالثة بعد "رام الله الشقراء" التي صدرت عام 2012، و"القسم 14" التي صدرت عام 2014.

"في مساحة لاتزيد عن ربع سنتيمتر، وفي غضون تسع عشرة ثانية، يهزم الهزيمة الكبرى دون أن يدري، ويخسر كل شيء أو يكاد. وحدها هيفاء كانت الرابحة في تلك الليلة العجيبة، وتملك حبل نجاة يمكن أن ترمي به لعباس فينقذ حياته في خريفها المبكر".

بهذه العبارات تبدأ رواية "هاتف عمومي" فصلها الأول، وتمضي في فصول قصيرة متلاحقة، لتوضح المشكلة التي وقع فيها عباس، وكيف أنقذته هيفاء منها. حيث تدورالرواية حول شخصيتين مهمشتين، الأولى عباس؛ وهو موظف عادي في "المصرف الوطني"، تأكله هواجسه البسيطة حول التمسك بوظيفته التي اعتادها في ضبط أمور طوابير زبائن المصرف. والثانية هيفاء؛ وهي مذيعة لبرنامج الساعة الثانية عشرة عند منتصف الليل؛ "مذيعة بالصدفة، تعمل في قسم خدمات الجمهورعبر الهاتف في المصرف ذاته، أُعجب مسؤول في إذاعة محلية بصوتها (فقط) فعينها" كما تقول الرواية.

وقد عرف الكاتب في الجزء الثاني بشخصية هيفاء، التي"لم يكن لها من اسمها أي نصيب، بل تصلح للدلالة على بطلان المقولة... وحده صوتها كان يليق باسمها وينسجم معه".عاشت حياة مؤلمة دون والديها، وعملت في دار للمسنين، وبفضل صوتها الذي يسكن له كل سمع، استطاعت أن تحصل على وظيفة في المصرف الوطني بقسم استعلامات الهاتف تحديدا، وكان من بين المتصلين مدير إذاعة محلية، قال لها دون مقدمات:"أنا مدير الإذاعة الأولى، وأعرض عليك العمل معنا"، فصوتها نادرا لم يلج أذنيه شبيه له من قبل، وعملت في الإذاعة، وخصص لها برنامجا أطلقت عليه اسم "هاتف عمومي"، فحقق نجاحا قياسيا في عالم إذاعات رام الله.

أما الجزء الآخر فخصصه للتعريف بعباس؛ الذي "ورث عن والده كل شيء، وكل شيء لا تعني إلا الحظ الناقص، وحاجة ملحة إلى الوظيفة، وشعورا حادا بالنقص تجاه كل من يجلس خلف مكتب". وتملكت عباس حالة خوف من أن يخسر وظيفته، بعد أن قرر المصرف أن يأتي بآلة تغني عن عمله.

وفي الجزء الأخير يبين الكاتب كيف ساهمت هيفاء بإنقاذ عباس من أن يخسر وظيفته؛ ففي احتفال الذكرى الخمسين لتأسيس المصرف الوطني، وفي لحظات الهدوء، انطلقت مكبرات الصوت والسماعات بحديث غير مفهوم ولا معلوم المصدر، قبل أن يبدأ الكلام يتضح. وساهم انشداه الحضور وصمتهم المطبق في توضيحه. كان ذلك صوت عباس ينطلق من غرفة صغيرة في نوبة انفعال وغضب مكتومة منذ أشهر، خرجت في اللحظة الخاطئة... انفجر عباس ببساطه، وانتقم من كل سكوت وخنوع، وشتم مدير المصرف.

هنا استخدمت هيفاء ربع السنتيمتر ذاته لتنسي الناس ما قال، فتحدثت لأكثر من سبع عشرة دقيقة، أخبرت خلالها الحضور أن المصرف أنقذها من حياة بائسة. كذبت هيفاء حينها كذبات جميلة، بلغة حميمية دافئة؛ لتزيل كل أثر لثواني عباس.

وفي اليوم التالي للحفل، أخبرها المدير أنه يفكر بتعويض عباس وإقالته من وظيفته، فقالت هيفاء له بعبارات قليلة: "إن إقالته لعباس مرفوضة، وإن أصررت سأستقيل وأعمل في مصرف آخر منافس".

واتصلت هيفاء بعباس، ودعته للقدوم إلى المصرف سريعا، وما إن وصل حتى قالت له كلاما مختصرا مفاده أنهم ينوون طرده من المصرف، وسيستغلون ما حصل أمس لتنفيذ قرارهم المبيت.

بعد ذلك همست هيفاء بصوتها الذي سمعه عباس لأول مرة موجها إليه، وقالت إنها تريده أن يتزوجها.

لحظتان.... ثم هز عباس برأسه موافقا.

وتتسم رواية هاتف عمومي بالواقعية، فهي تلقي الضوء على واقع  حياة أناس مهمشين، وتظهر شخصية الراوي في التعليق على الرواية، حيث يحلل الشخصيات، ويطورها ببعديها النفسي والجسدي، فيرسمها في حالاتها النفسية: باكية أو مستكينة أو مفكرة، بطريقة ساخرة جدا.

 

اخترنا لكم
عماد ابو الفتوح عندما عرفت أن الرواية القا...
سلمى أمين هل تمنّيت يومًا أن تتحدّث أكثر م...
 هند الجندي ينظر معظم الناس للأذكياء...
لينا العطّار/  اخترنا لكم من اراجيك...
بقلم: تركي المالكي الحياة مليئة بالجمال وا...
اخترنا لكم هدى قضاض- اراجيك  يعد ا...
منوعات
نغم كراجه/غزة يواجه الشباب صعوبة في إيجاد...
رغد السقا/غزة يمر ذوي الإعاقة بظروف نفسية...
سها سكر/غزة "لا تحسَبِ المجدَ تمرًا أ...
نغم كراجة/غزة "أمي لم تفِ بوعدها، أخب...
إسراء صلاح/غزة هنا غزة المدينة المنكوب...
عرين سنقرط/القدس ربما قطار الفرح في مدينتي...