هل أصبح التحدث باللغة العربية دليلا على عدم الرقي؟

2019-10-02 06:37:46

تعتبر اللغة العربية  من أعظم لغات العالم  وأجزلها وأكثرها مرونة وقدرة على استيعاب اشتقاقات ومصطلحات جديدة، ولها تاريخ عريق ومهم، إذ يعود أقدم نصوص عثر عليها باللغة العربية إلى القرن الثّالث بعد الميلاد، وكانت عبارة عن أبيات شعر جزلة تعود للعصر الجاهلي، ومن منا لم يسمع بالشعر الجاهلي وفصاحته، وسحر موسيقاه وبحوره، لهذا ينسب كثيرون أصول اللغة العربية لشبه الجزيرة العربية.

كانت اللغة العربية محط إعجاب وإهتمام من العالم كله، خاصة عندما كان العرب أصحاب القوة ويتصدرون المشهد في صنع الحضارة وتقديم الإختراعات، ويحفل العالم أجمع الى الآن بالعلماء العرب والمسلمين  كأبو بكر الرازي، و ابن سينا، و أبو يوسف الكندي، و أبو الريحان البيروني وغيرهم الكثير.

 إلا أن المشهد الآن تغير وربما لهذا تفسير مقنع لخصه الشاعر نزار قباني بقوله: "هناك ثقافة واحدة هي ثقافة القوة. حين أكون قوياً، يحترم الناس ثقافتي. وحين أكون ضعيفاً، أسقط أنا، وتسقط ثقافتي معي.عندما كانت روما قوية عسكرياً، كانت اللغة اللاتينية سيدة اللغات.. وعندما سقطت الإمبراطورية الرومانية، صارت اللغة اللاتينية طبق سباغتي. الثقافة، يا سيدتي، ليست في عدد الكتب التي أقرؤها، ولكنها في عدد الرصاصات التي أطلقها".

كما أن اللغة العربية هي لغة القرآن، التي أختارها الله سبحانه وتعالى ليخاطب بها البشرية جمعاء، والتي من قبلها علم آدم الأسماء كلها، وهي الهوية التي تربط بلدان العرب، والبوصلة التي تقود الأمة لفهم رسائل القرآن الكريم وتعاليمه بالشكل الصحيح.  وهذا ما يؤكده  الإمام  الشاطبي بقوله: "إن الشريعة عربية، وإذا كانت عربية، فلا يفهمها حق الفهم إلا من فهم اللغة العربية حق الفهم".

 تتسابق الأجيال الشابة حاليا للتحدث بلغات أخرى وهذا ليس عيبا، بل على العكس هذا مطلب هام اذا ما نظرنا إلى الإندماج الثقافي والتطور التكنولوجي الذي نستورده من الغرب، إضافة لمتطلبات المؤسسات التي لا تسقط متطلب اتقان اللغة الإنجليزية من إعلانات وظائفها، لكن ما يثير الريبة هو التفاخر باللغات الأخرى على حساب لغتهم الأم أو تشويهها للحاق بركب (البريستيج)، او حتى حرمان من يتقنون اللغة العربية ويبدعون في تخصصاتهم من الحصول على وظائف في بلدانهم لأنهم لا يتقنون لغة أخرى.

يرى بعض الناس أن التحدث باللغات الأجنبية دليل على الرقي، أو ربما استخدامهم لكلمات غير مفهمومة  بالنسبة للأخرين يشعرهم بالتفوق أو التميز والثقافة، وهو ما نراه في البرامج التلفزيونية وعلى السنة بعض الفنانين والمشاهير العرب، وفي مواقع التواصل الإجتماعي بشكل مبالغ فيه أحيانا، وحتى في الجامعات والمدارس والأماكن العامة.

يبرر البعض أنها زلات لسان او مجرد ممارسة للغة الأجنبية كي لا ينسونها، إلا أن ذلك لا ينفي بأن بعض المواقف يكون فيها هذا (الكوكتيل) اللغوي غير مناسب ويشتت الآخرين، أو يعطل التواصل ويخلق سوء فهم، خاصة في ظل معرفتك بأن الشخص الذي تتحدث معه لا يفهم مصطلحاتك.

وآخرين باتوا يرققون الحروف التي هي بحاجة الى تفخيم كالضاد والظاء كي يوحي بالتمدن والرقي،  لكن المشكلة الأكبر بمن يستحدثون لغة مركبة اشبه بالشيفرات والطلاسم، تضم كلمات عربية بحروف انجليزية وارقام، مصدرين بذلك بديل ضعيف وخطير على اللغة، وهذا ليس انتقاد أجوف او محاربة للإبتكار، ولكنه تشويه للغة التي تعتبر عصب التراث والهوية، قد تبدو مقالتي مكررة لكن تكراري  ليس أخطر من تكرار الجيل الشاب لمصطلحات اللغات الهجينة الذي قد يؤدي إلى تجذيرها، وهذا ما انتج خريجين جامعات يكتبون ابسط النصوص بأخطاء لغوية.

 

- صورة تعبيرية من الإنترنت.

اخترنا لكم
عماد ابو الفتوح عندما عرفت أن الرواية القا...
سلمى أمين هل تمنّيت يومًا أن تتحدّث أكثر م...
 هند الجندي ينظر معظم الناس للأذكياء...
لينا العطّار/  اخترنا لكم من اراجيك...
بقلم: تركي المالكي الحياة مليئة بالجمال وا...
اخترنا لكم هدى قضاض- اراجيك  يعد ا...
منوعات
نغم كراجه/غزة يواجه الشباب صعوبة في إيجاد...
رغد السقا/غزة يمر ذوي الإعاقة بظروف نفسية...
سها سكر/غزة "لا تحسَبِ المجدَ تمرًا أ...
نغم كراجة/غزة "أمي لم تفِ بوعدها، أخب...
إسراء صلاح/غزة هنا غزة المدينة المنكوب...
عرين سنقرط/القدس ربما قطار الفرح في مدينتي...