الأزمات دروس اصنعوا الخير منها!

2020-04-25 10:59:05

علاء ريماوي/ رام الله

 قد تتشابه الروايات في الحبكة والنهايات حتى وإن اختلف المضمون؛ فهي نتاج للحالات الفردية والخلاصة المجتمعية، ومشابهة لما نعيشه في حياتنا اليومية، بالتالي دعونا نتفق على أن كل ما نقوم به من سلوك في النهاية له إطار الرواية التي تصاغ بحسب فكر كاتبها ومخزونه المعرفي، وهي نتاج للتأثيرات المختلفة التي تحيط به.

إن تداعيات الأزمات، وآلية إدارتها بحاجة لمنهجية واضحة، خاصة إذا كان تأثيرها على المجتمعات كافة، تماما كما هو الحال في أزمة وباء كورونا اليوم، إذ يتطلب الأمر جسدا متماسكا في عملية المواجهة، لاسيما الارتباط الفكري بين مختلف الفئات والأطراف؛ لأن المصلحة المثلى هي العامة، وضرورة صونها مسؤولية تقع على عاتق الحكومات، ثم على الحاضنة المجتمعية التي ينبغي أن تكون واعية ومترابطة الأهداف والتصرفات، ولعل الشذوذ عن فلسفة ومعنى الجموع بضميره"نحن" إلى فلسفة "الأنا" التي تصارع من أجل الذات لا من أجل المجتمع، هي الآفة الحقيقية في ظل هذه الاختبارات التي تواجه المجتمعات، وتفتك بجانبها الإنساني المرتبط  بالحياة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية.

وقد أدت التوعية والإرشادات التي طرحت في وعاء المجتمع إلى ظهور ثقافة إيجابية في التعاطي مع أزمة كورونا، وهذا يدل على نجاعة المجتمع في محاربة الأزمات في حال حافظت على هذه الثقافة كنهج مستمر حتى بعد الأزمة، ولكن إن حدث العكس فهذا يعني أن المجتمع يعاني من تشوه فكري سلوكي ناتج عن مرض "الأنا" التي قد تكون جماعية على شكل تنظيم أو طائفة أو جماعة ما.

ونتيجة لذلك، تأتي فكرة اقتناص الفرص من عمق أزمة الوباء، وهنا بيت القصيد؛ حيث يلجأ البعض للقيام بدورهم على أكمل وجه وبشفافية ومسؤولية عالية على غير العادة، وهذا ليس بالأمر السيئ، كون حماية الفرد حاليا تعني حماية المجتمع وإنقاذ اقتصاد الدولة، فقد رأينا حكومات تعاملت بحكمة لمحاصرة الوباء وأخرى تأخرت في تنفيذ الإجراءات المناسبة فاتخذت أزمتها منحى خطير ومدمر، ولكن تبقى المعادلة في فلسطين خاصة والدول العربية عامة مختلفة، حيث تعمد بعض الحكومات والأحزاب السياسية إلى اقتناص الفرص لكسب ثقة وتأييد الشعوب بشكل درامي مبالغ فيه، حينما يتم استغلال مشاعر الناس، وظروفهم الصعبة، لصناعة بطولات للأزمة وتلميع بعض الشخصيات، وتلجأ في ذلك لتطويع ماكينة الإعلام الخاصة بها في الترويج والتضخيم للأحداث لصناعة بطل داخل المجتمع، وهذا البطل هو راعي تلك الوسائل الإعلامية والحزب المسيطر.

الحديث في هذا الجانب ليس لانتقاد جماعة ما، فالإجراءات التي اتخذتها الحكومة الفلسطينية بالفعل كانت صائبة وحكيمة بإجماع المجتمع المحلي والدولي، حيث أعلن رئيس الوزراء حالة الطوارئ مبكرا مع ظهور أول حالات مصابة بفيروس كورونا في فلسطين، ولكننا نستغرب من اختلال دور الإعلام الذي يضخم العمل الرسمي للحكومة في مواجهة الأزمة، مع أنها تقوم بوظيفتها وما يقع ضمن واجباتها ومسؤولياتها، وهذا حق للمواطنين عليها لا منة فيه، ولعل الكثير من الجهات الرسمية وغير الرسمية أصبحت تعي مسؤولية الفرد تجاه المجتمع ومسؤولية المجتمع تجاه الفرد في الوقت نفسه، ولاسيما أن الكثير من الأفراد والمؤسسات قامت بتحويل خطط عملها لموائمة ما تتطلبه المرحلة من تغيرات في نهج العمل والأفكار المطروحة.

لذلك لا ينبغي استغلال الوضع الراهن من قبل أي فئة أو جماعة للاستعراض والترويج، نقدر ما تقوم به الحكومة من إجراءات، وما يقوم به كل شخص تجاه مجتمعه، ونأمل أن يعي الجميع بأن الأهم هو التجهيز لما بعد الوباء؛ لتحقيق حالة التكامل والتعاضد المجتمعي، وتبني السلوكيات الإيجابية وهجر السلبية التي تدمر الفرد والمجتمع والبيئة.

دعونا نتفق في النهاية بأن الأبطال الحقيقيون لهذه الأزمة هم الأطباء والممرضين في كل العالم،وبأن السباق الأسمى ينبغي أن يكون في مجال العلم المفيد لا في التسلح والتدمير، وبأن لهذا المرض المؤلم وجه جميل، أظهر لنا جانبا كنا لا نلقي له بالا، رأيناه في السلوكيات الصحية الجسدية والفكرية كممارسة الرياضة والقراءة والعودة للطبيعة والزراعة، وفي بث الأمل والروح الإيجابية بطرق مبتكرة من قلب شرفات المنازل، وفي والمبادرات التكافلية لأهل الخير، وفي المساعدات الإنسانية داخل المجتمع الواحد وبين الدول، لقد وحدنا الوجع،وأحسسنا للمرة الأولى بوحدة الحال وبأننا مترابطون، بعد أن قسمنا الدم الذي كان لابد أن تتحلى به المجتمعات في كل بقاع الأرض كي نرى عالما مزهرا من كل جوانب الحياة.

اخترنا لكم
عماد ابو الفتوح عندما عرفت أن الرواية القا...
سلمى أمين هل تمنّيت يومًا أن تتحدّث أكثر م...
 هند الجندي ينظر معظم الناس للأذكياء...
لينا العطّار/  اخترنا لكم من اراجيك...
بقلم: تركي المالكي الحياة مليئة بالجمال وا...
اخترنا لكم هدى قضاض- اراجيك  يعد ا...
منوعات
نغم كراجه/غزة يواجه الشباب صعوبة في إيجاد...
رغد السقا/غزة يمر ذوي الإعاقة بظروف نفسية...
سها سكر/غزة "لا تحسَبِ المجدَ تمرًا أ...
نغم كراجة/غزة "أمي لم تفِ بوعدها، أخب...
إسراء صلاح/غزة هنا غزة المدينة المنكوب...
عرين سنقرط/القدس ربما قطار الفرح في مدينتي...