علاء ريماوي/ رام الله
"الخيميائي"؛ رائعة باولو كويلو، من أشهر الروايات التي قلما تجد شخصا لم يسمع بها حتى وإن لم يقرأها، وبشهادة كثيرين هي رواية تضع الشخص أمام نفسه، وتجعله يطرح العديد من التساؤلات، ولعل السبب الأكبر في نجاحها هو ما خطه كويلو على غلاف الرواية، حين كتب: "أردت أن أفسر أسباب الوجود، فبدل أن أكتب أطروحة في الموضوع، قمت بمحادثة الطفل الموجود في داخلي، وكم كانت مفاجأتي سارة عندما وجدت أن داخل الملايين من الناس في العالم طفلا يشبهه، فأردت أن أشارك قرائي الأسئلة التي لغياب الأجوبة عنها تجعل الحياة مغامرة فريدة من نوعها".
يقود الكاتب في روايته القراء إلى رحلة تغوص في ما يعمر فكرهم وتصوراتهم تجاه أسرار العالم، وهذا النهج بدوره وجد صدى لدى الملايين، حيث حققت الرواية مبيعات وصلت إلى 100.000.000 نسخة، وترجمت لأكثر من 76 لغة عالمية، من بينها العربية؛ لتدخل بذلك موسوعة غينيس للأرقام القياسية كأكثر الكتب ترجمة.
وقد استخدم الكاتب لغة جميلة وإبداعية، وأسلوبا سلسا وشائقا يجعل القارئ في ترقب دائم لمعرفة الأحداث بتراتبها وتنظيمها الأدبي. ولعل هذا ما جعلني شخصيا أكمل هذه الرواية، خاصة شوقي لمعرفة الأحداث التي ستعترض طريق الشخصية الرئيسة في الرواية؛ "سانتياغو"، الذي رأى في المنام كنزا مدفونا في أهرامات مصر، فاستيقظ بشعور أن هذا الحلم حقيقة، وأنه يعرف مكان الكنز المدفون، وبات يحلم بتحقيق حلمه في إيجاد الكنز، وشجعه في ذلك الملك؛ "ملكي صادق"، الذي نصحه أن يجري وراء حلمه لتحقيقه، ويكرس نفسه له، فقرر سانتياغو تحقيق حلمه، وبدأ بالفعل رحلته للبحث عن الكنز المفقود.
وكان للحكم والعبر نصيب كبير في جسم هذه الرواية؛ لتعطي الدروس، والدرس الأكبر هو الصبر مهما كانت المصاعب والتضحيات؛ فمراحل الرحلة تمر في مختلف الأجواء، وهناك اللحظات السعيدة والحزينة والكئيبة. ولعل من الأمور المهمة التي التفت إليها الكاتب هو اكتساب الثقافات المختلفة، والتعرف إليها، ورؤيته الجمالية التي تكمن في العروبة بعيون تلك الفتاة التي عشقها؛ فتحدث عن الإسلام وسماحته، وهذا ما لا يتطرق له الكثير من المثقفين؛ لتنتشر الرواية، ويخرج بها الراوي إلى أنحاء العالم، وتباع في أكثر من 100 دولة حول العالم.
استوقفني العديد من العبارات منذ قراءتي لها، فكنت أضع الخطوط تحت تلك الجمل؛ لأنها فعلا تعبر عن شيء، وإن كان خياليا، إلا أنه يمس الواقع، ولعل أجمل تلك العبارات هي:
"لأن الرياح تعرف دائما كل شيء، وهي تتجول في العالم دون أن يكون لها مهد ولا لحد".
"كل كائن على هذه الأرض يؤدي دورا أساسا في كتابة تاريخ هذا الكون، وهو بصورة طبيعية لا يدرك شيئا من هذا الواقع".
"ليس هنالك سوى شيء واحد يمكنه أن يجعل من الحلم مستحيلا: الخوف من الفشل".
"لكن لا تقلق؛ فالموت عموما يجعلنا أكثر انتباها للحياة".
"عندما تطمح إلى أمر بشدة، يتآمر الكون حولك ليجعل حلمك حقيقة".
لم تكن الرواية مجرد حلم فارغ يعرض أمام الناس، وينقل الكاتب من خلاله تجربة لتفكيره العميق مع النفس، وإنما كان إثراء للحكم والعبر والمواقف التي قد يواجهها الشخص في الحياة الواقعية.