تحرش بفتاة... في شارع "ركب"!

2016-06-13 08:23:48

فداء عياش/ رام الله

صاحت فجأة في الشارع: "انقلع لأخليك قصة تحكي فيها كل فلسطين".

ضحك الجميع على ما قالته تلك الفتاة للشاب الذي حاول التحرش بها في شارع ركب بمدينة رام الله، ونظرنا إليه بانتظار ردة فعله، فهزت ضحكته العالية الشارع، وأكمل مسيره وهو يتمتم بكلمات تهكم.

التفتت الفتاة إلى الذين كانوا يحيطون بها، فكانت كل العيون تتجه نحوها، وكانت تبحث عن شخص يذكرها إلى أين كانت ذاهبة، فقد خذلها عقلها وتجمدت مكانها، وكانت النظرات هي جل ما تفكر فيه.

اقتربت منها بخطوات ثقيلة وأنا أفكر بردة فعلها، وقلت: "شكرا لك؛ فقد دافعت عنا كلنا، وتأكدي أنه لن يعيد فعلته مرة أخرى، فأنت أدبتيه". وعندها انفجرت بالبكاء.

وجدت نفسي أدعوها على فنجان قهوة في أقرب "كوفي شوب" بالمنطقة، فاستجابت دون تردد، وأنا أنظر إليها مستغربة قوتها وضعفها في آن واحد، وجالت الأفكار في رأسي: من أين أتت بكل القوة لترد عليه بهذا الصوت الذي أبعده عن مكان جريمته؟ وما الذي دفعها لقبول دعوة من عابرة طريق؟

مشينا معا دون أن ننطق بحرف واحد، في حين كانت تحاول كبت دموعها التي لم تقو على إخفائها. وعلى طاولة في "كوفي شوب" ما، دار حوارنا بعد صمت لدقائق، وأم كلثوم تستكمل أغنيتها "دارت الأيام"!

كانت عيوننا تتجه نحو شارع ركب.. ذاك الشارع الذي ما إن تسأل عنه حتى  يصفوه بـ"شارع الصياعة، وفيه بنات نعف"!

- آسفة إذا كنت أزعجتك، وشكرا لأنك فهمت احتياجي لمن يرجعني إلى عقلي في تلك اللحظة، حين لم أستطع أن أسيطر على مشاعري.

نظرات الناس لم تكن مريحة، وأشعرتني أنني المخطئة... لا أريد السكوت، وما عدت أطيقه بعد اليوم.

- ومن طلب منك أن تسكتي؟

- الناس، نظراتهم، كلامهم، وصايا أمي قبل أخرج من المنزل، أهلي، زملاء عملي، في كل مكان يجب أن أسكت... اسكتي لأن البنت كازجاجة؛ إذا انجرحت لا حاجة للناس بها.

- لكنك لم تخطئي، أنت فجرت صمت شارع كل يوم أرى فيه ضعف البنات اللواتي يرغبن بالصراخ كما فعلت... أنت اليوم صرخت بدلا منهن. تخيلي لو أن كل بنت لم تسكت، وفعلت ما فعلت؛ لن يجرؤ أحد على أن يتحرش بأي منا.

- بماذا أخطأت أنا؟

- مجتمعنا يرى في مجرد كونك بنتا أنه يحق له أن يئدك. لا تفكري أن الوأد توقف، بل تحول لأشكال كثيرة؛ عندما تسكتين لما تضربي، وعندما تسجني في بيت يعطونك فيه أدوارا محددة لحياتك، هذا كله وأد وقتل.

- نحن يجب أن نرفض، لتطالب كل بنت بكيانها...

كانت تلك المحادثة قبل سنتين بداية طريق لصداقة ما تزال قائمة، تعلمت منها معنى القوة، وكنت إلى جانبها حتى استطاعت أن تنثر وجعها حبا وأملا بغد أفضل، وتطوعت في عدة مؤسسات نسوية لتثير بتجربتها التي عايشتها في مجتمع يتهم الأنثى دائما، ويضعها في زنزانة المتهم الأول، عدة فتيات نحو الحرية، وحررتهن من صمتهن.

تلك لم تكن فتاة عادية، كانت قوية، ولم ترض أن تصمت، فحاكمت من اعتدوا عليها، وغيرت فكر أمها، ودافعت عن حقوقها... فكوني قوية، ودافعي عن حقوقك.

 

اخترنا لكم
عماد ابو الفتوح عندما عرفت أن الرواية القا...
سلمى أمين هل تمنّيت يومًا أن تتحدّث أكثر م...
 هند الجندي ينظر معظم الناس للأذكياء...
لينا العطّار/  اخترنا لكم من اراجيك...
بقلم: تركي المالكي الحياة مليئة بالجمال وا...
اخترنا لكم هدى قضاض- اراجيك  يعد ا...
منوعات
نغم كراجه/غزة يواجه الشباب صعوبة في إيجاد...
رغد السقا/غزة يمر ذوي الإعاقة بظروف نفسية...
سها سكر/غزة "لا تحسَبِ المجدَ تمرًا أ...
نغم كراجة/غزة "أمي لم تفِ بوعدها، أخب...
إسراء صلاح/غزة هنا غزة المدينة المنكوب...
عرين سنقرط/القدس ربما قطار الفرح في مدينتي...